أكّدت مصادر خاصة لـquot;ايلافquot; أنه تجري ترتيبات لعقد صفقة بين القاهرة وتل أبيب تشمل إطلاق مصر للجاسوس الإسرائيلي جبراييل إيلان مقابل تحرير نحو 81 مصرياً بالإضافة إلى تقديمجملة من الإمتيازات الاقتصادية والسياسية، ويأتي ذلك بعد يوم واحد فقط من إتمام صفقة تبادل شاليط.


اجبراييل إيلان المتهم بالتجسس على مصر أثناء خدمته في صفوف الجيش الإسرائيلي

القاهرة: بعد نجاح صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ب1027 أسيراً فلسطينياً، بدأ الحديث يتجدد عن إمكانية إتمام صفقة مماثلة لمبادلة الجاسوس الإسرائيلي المعتقل في القاهرة جبراييل إيلان بنحو 81 مصرياً معتقلين في تل أبيب بتهم عدة من بينها تجارة المخدرات واختراق الحدود بين البلدين.

لكن مصادر خاصة قالت لquot;إيلافquot; إن هذا الأمر جزء من الصفقة المتوقعة، وليس كلها، مشيرة إلى أن مصر تسعى للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية من أميركا ضمن الصفقة، وتساءلت: إذا كانت إسرائيل دفعت 1027 أسيراً فلسطينياً ممن كانت تصفهم بquot;الملطخة أيديهم بالدماءquot;، مقابل جندي، فماذا عليها أن تدفع مقابل ضابط بالموساد؟

موقف مصري متصلب

ووفقاً لمصادر تحدثت إليها quot;إيلافquot;، فإن مصر متصلبة في ما يخص إمكانية إتمام صفقة لإطلاق سراح الجاسوس إيلان، مشيرة إلى أن السلطات القائمة على إدارة البلاد حالياً ممثلة في المجلس العسكري تخشى من ردود فعل عنيفة من جانب المصريين في حالة إطلاق سراحه من دون ثمن مكلف تدفعه إسرائيل أو أميركا أو كلاهما معاً.

وأكدت المصادر أن مصر ترى أن إيلان صيد ثمين جداً في هذا التوقيت الحساس، لاسيما أنه أول ضابط في الموساد يتم اعتقاله في مصر منذ نحو 50 عاماً، فضلاً عن أنه يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية ما يضاعف قيمته.

ولفتت المصادر إلى جميع المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى الذين زاروا القاهرة بعد القبض على إيلان بدءا من جون ماكين وجون كيري ووفد الكونغرس ورجال الأعمال الأميركيين الذي زار مصر في منتصف شهر يونيو الماضي، وانتهاء بوزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا قد تحدثوا في شأن الإفراج عنه.

موضحة أن هؤلاء مارسوا ضغوطاً قوية على القاهرة وقدموا عروضاً أيضاً، لكن السلطات المصرية ترى أنها غير كافية، وقد تضر بموقفها في الشارع في مرحلة دقيقة، وتخشى من ردة فعل عنيفة من قبل شباب الثورة والإسلاميين الذين سوف يعملون على إثارة الغضب لدى المصريين عامة ضدها.

مكاسب إقتصادية وسياسية

وحول التسريبات القادمة من إسرائيل عبر وسائل إعلامها سواء التلفزيونية أو الإلكترونية، قالت المصادر إن هذه الأحاديث تدخل في إطار الحرب النفسية على مصر، وتكثيف الضغط عليها، ومحاولة جسّ نبض الشارع المصري، لكنها أشارت إلى أن بالفعل هناك محاولات أميركية لإتمام صفقة بشأن الجاسوس الإسرائيلي إيلان بوصفه مواطناً أميركياً، لكنّ القاهرة تصرّ على أن تكون الصفقة بوصفه ضابطاً في الموساد وجاسوسا إسرائيليا ضبط متلسباً بأعمال تضرّ الأمن القومي المصري.

وتوقعت المصادر أن تحصل على مكاسب إقتصادية وسياسية ضخمة من أميركا في إطار هذه الصفقة لو كتب لها أن تتم، موضحة أن من بين العروض التي تلقتها القاهرة من واشنطن مساعدات مالية وإقتصادية في صورة مشروعات واستثمارات على مدار عامين، فضلاً عن إسقاط بعض ديونها، لكنّ القاهرة تطمع في إنشاء منطقة تجارة حرة بين أميركا ومصر، والتعجيل بمنحها مبلغ المليار دولار التي وعد بها الرئيس باراك أوباما على ألا يكون كله في صورة قروض. وإسقاط الديون المستحقة على مصر والمقدرة بمبلغ المليار دولار الأخرى فوراً حسب وعد أوباما.

صفقة على نار هادئة

ولفتت المصادر إلى أن إطلاق سراح المصريين المحتجزين في إسرائيل ليس كل الصفقة المتوقعة، بل جزء يسير منها، لاسيما أنهم محتجزون على ذمة قضايا بسيطة، مثل اختراق الحدود بشكل غير قانوني والتهريب وتجارة البشر، وبعضهم حصل على أحكام بالبراءة، مشيرة إلى أنه يخطئ من يتصور أن تكون هذه هي كل بنود الصفقة. وقالت إن الإسلاميين يريدون أن تشمل الصفقة إطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة الإسلامية المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في أميركا، لكن هذا المطلب لا يحظى بتأييد من صانعي القرار في مصر. وأكدت المصادر أن الصفقة يتم إنضاجها على نار هادئة، بحيث تحصل مصر من خلالها على أكبر المكاسب على كافة الأصعدة سياسياً وإقتصادياً، وتكون مرضية للرأي العام المصري.

ثمن باهظ

ومن جانبه، قال الدكتور سامح عباس الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن هناك حديثاً متصاعداً في إسرائيل بشأن إيلان، مشيراً إلى أن الشارع الإسرائيلي وصانع القرار مهتم جداً بشأن إطلاق سراحه، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن إسرائيل سوف تعلم جيداً أن عقد صفقة مع مصر لإطلاق سراحه ليس بالأمر الهين، لاسيما في ظل المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر، وتحكم الرأي العام في صناعة القرار المصري.

وأضاف عباس أنه إذا كانت مصر قد نجحت في إجبار إسرائيل على إطلاق سراح 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل جندي هو جلعاد شاليط، فإنها ولاشك سوف تجبر إسرائيل على دفع ثمن يقدر بأضعاف مضاعفة مقابل إطلاق ضابط بالموساد هو تشاييم جبراييل إيلان، وليس 81 مصرياً بعضهم متهم بتجارة البشر والمخدرات واختراق الحدود بشكل غير قانوني.

ووفقاً لعباس، فإن زيارة المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى للقاهرة خلال الثلاثة أشهر اللاحقة على زيارة جون ماكين في 25 يونيو الماضي، وأخيراً زيارة وزير الدفاع شخصياً يؤشر على أن الصفقة ليست سهلة، وأن مصر تطلب ثمناً باهظاً.
ولم يستبعد عباس أن يكون قرار إضافة تهمة التحريض على تخريب ممتلكات عامة وخاصة إلى إيلان مؤخراً، قد جاء في إطار ممارسة المزيد من الضغوط على الجانبين الإسرائيلي والأميركي.

وكانت وسائل إعلام إسرئيلية تناولت خلال الأيام القليلة الماضية أنباء مفادها أن مصر أنهت صفقة مع إسرائيل تضمن مبادلة إيلان بعدد يتراوح ما بين 81 و81 مصرياً محتجزين في سجون إسرائيل، لكن السلطات المصرية لم تعلق على تلك الأنباء.

إيلان يواجه الإعدام

ألقي القبض على تشاييم جبراييل إيلان في القاهرة منتصف شهر مايو الماضي، عقب اشتباكات وقعت بين مصريين وأفراد من الشرطة في منطقة الأزبكية، ونسبت إليه السلطات المصرية عدة تهم من بينها: التجسس من خلال جمع المعلومات والبيانات عن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في البلاد بعد ثورة 25 يناير، وتحريض المتظاهرين على القيام بأعمال شغب وتخريب، ومحاولة إحداث الوقيعة بين الجيش والشعب، وإلحاق أضرار بمصالح مصر السياسية والاقتصادية، للتأثير سلبا في الثورة.

وكشفت التحقيقاتأنه ضابط في جهاز الإستخبارات الإسرائيلي quot;الموسادquot;، وأنه كان شارك في الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في العام 2006، وتم التقاط صور فوتوغرافية ولقطات فيديو له أثناء تواجده في ميدان التحرير خلال مشاركته في التظاهرات، وفي أماكن شهدت توتراً وأعمال عنف، منها: أحداث العنف على خلفية هدم كنيسة في قرية صول في أطفيح، وفي محيط قسم شرطة الأزبكية، حيث جرت أعمال عنف بين الشرطة وبعض المواطنين على خلفية مقتل مواطن أثناء احتجازه في القسم. ويواجه إيلان أحكاماً قضائية تتراوح ما بين السجن المؤبد والإعدام في حال إذا ما أدين بارتكاب تلك الجرائم وفقاً لقانون العقوبات المصري.