بعض القوانين مضحكة لأن الظروف التي استنّت فيها تغيرت بالكامل، بينما بقيت هي على حالها، فصارت ذلك النشاز المضحك. لكن بعضها الآخر قد يدعو للضحك للوهلة الأولى قبل أن يدرك المرء أنه، بالأحرى، مدعاة للبكاء.


صلاح أحمد: بموجب قانون شُرّع خلال الحرب الكورية (1950 ndash; 1953) صارت الحكومة الكورية الجنوبية ملزمة بتعويض أقارب القتلى في هذه الحرب، خاصة إذا كان القتيل هو المعيل الرئيس للأسرة.

بموجب هذا القانون ndash; الذي لم تُعدّل تفاصيله بمرور الزمن ndash; قضت محكمة في سيول لامرأة قتل شقيقها في تلك الحرب بتعويض قدره 5 آلاف وون. على أن هذه laquo;الآلافraquo; ما هي في الواقع إلا 4 دولارات وبضعة سنتات، أو 4.33 دولار إذا توخيت الدقة.

قارن هذا بنوع التعويض الذي كانت هذه المرأة ستحصل عليه في حال كانت أميركية: دفعة ابتدائية تسمى laquo;مال العزاءraquo; وتبلغ 100 ألف دولار، ودفعة ثانية مرافقة هي مال التأمين علي الحياة وتبلغ 400 ألف دولار. وبعبارة أخرى فإن الأميركي الذي قتل له قريب في الحرب الكورية نفسها يتسلم نصف المليون دولار من وزارة الدفاع الأميركية، حال تسلمه الخطاب الرسمي الذي يؤكد الوفاة.

وقد وصفت الجماعات والجمعيات الخيرية الكورية الجنوبية المعنية بشؤون الجنود التعويضات الحكومية عن الخسائر البشرية في حرب الخمسينات بأنها laquo;مستحيلة على الفهم والاستيعابraquo;. وأجمع ممثلو هذه الجهات على أن عدد الذين قتلوا في تلك الحرب (140 ألفا) وعدد الذين فقدوا ويعتبرون في عداد القتلى (130 ألفا) يستوجبان التحرك لتغيير الأشياء.

وقد أثمرت هذه الضغوط قرارا من laquo;لجنة الحقوق المدنية ومكافحة الفسادraquo; الرئاسية البدء في مراجعة شاملة لسائر القوانين القديمة، التي لا تجد لها مكانا في هذه الأزمنة الحديثة. واستشهدت هذه اللجنة ذات النفوذ بحالة المرأة التي حصلت على تعويض الدولارات الأربعة، قائلة إن هذا النوع من التعويضات laquo;قصد به تقديم بعض العزاء إلى أهل القتيل في وقت إصداره، لكن تطبيقه الآن يجعل منه صفعة إهانة على الوجهraquo;.