بغداد: يرى عدد من المحللين انه في الوقت التي تعتزم الولايات المتحدة الاميركية سحب قواتها التي بقى منها 39 الفا من العراق، ان ايران خصمها اللدود ستسعى الى زيادة نفوذها في اروقة السلطة في بغداد.
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون حذرت ايران من التدخلات الايرانية بعد ساعات من اعلان الرئيس باراك اوباما ان واشنطن ستسحب قواتها من هذا البلد في نهاية العام بعد اكثر من ثماني سنوات على الغزو الاميركي في 2003.

وتتهم واشنطن باستمرار مجموعات شيعية مدعومة من ايران بالوقوف وراء اعتداءات في العراق بينما يتهم المسؤولون الاميركيون طهران بالتدخل في شؤون الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة.
لكن العراق وايران، اللذين كانا عدوين قبل العام 2003 وخاضا حربا استمرت ثماني سنين بين العامين 1980-1988، باتت تربطهما علاقات ثنائية جيدة، ولديهما تعاون في مجال التجارة والسياحة وخصوصا الدينية.

ورأى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان انسحاب القوات الاميركية من العراق quot;سيؤدي الى تغيير في العلاقاتquot; بين طهران وبغداد. ولم يحدد نوع التغيير الذي يتوقعه.
واضاف quot;اعتقد انه امر جيد وكان يفترض ان يحصل منذ فترة طويلةquot;.

واعتبر احمدي نجاد انه quot;لو حصل (الانسحاب) قبل سبع او ثماني سنوات، لكان سقط عدد اقل من القتلى العراقيين والجنود الاميركيينquot;.
وقال علي الصفار المحلل السياسي الذي يعمل في منظمة quot;ايكونميست انتليجنت يونتquot; ومقرها في لندن، ان quot;التدخل الايراني بصورة عامة في الوقت الحالي كبير وواسع المدى وخصوصا في المناطق الجنوبيةquot;.

واضاف ان quot;ايران عملت ومنذ العام 2003، على عدم وضع بيضها في سلة واحدة (توسيع دائرة نفوذها على جهات مختلفة)، وها هي تجني ثمار هذه السياسة الانquot;.
واضاف الصفار quot;مع عملية الانسحاب، سيتضاءل النفوذ الاميركي، واعتقد ان ايران عبر حلفائها، وكذلك الدول العربية المجاورة للعراق عبر المرشحين المقبولين لديهم، ستسعى للتدخل وتعزيز وضع الاحزاب السياسية المفضلة لدى كل جانبquot;.

ويأتي الامر الذي اصدره اوباما بسحب الجنود الاميركيين البالغ عددهم 39 الفا من العراق بحلول 31 كانون الاول/ديسمبر، بعد حرب دموية شهدت مقتل عشرات الآلاف من العراقيين واكثر من 4400 جندي اميركي وكلفت مئات المليارات من الدولارات.
وسيكون ملء هذا الفراغ من خلال السفارة الاميركية في بغداد والتي تعد الاكبر في العالم، ومن خلال القنصليات الاميركية في البصرة واربيل عاصمة اقليم كردستان.

وسيبقى اقل من 200 جندي ضمن مهمة حماية السفارة ومكاتب التعاون الامني والتي هي مسؤولة عن المبيعات العسكرية ومهمات تدريب محدودة على الرغم ان وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا قال ان واشنطن تتفاوض مع العراق بعد العام 2011 حول نشر كتيبة تدريبية في العراق.
واثار قرار الانسحاب الكامل من العراق غضب الجمهوريين في الولايات المتحدة الذين رأوا ان هذه الخطوة ستعزز نفوذ ايران في البلد المجاور لها.

وكانت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي قد تشكلت اخيرا بعد انضمام الكتلة الصدرية الموالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الي ينظر اليه كمقرب من ايران، بعد جمود استمر اشهرا عدة اثر الانتخابات التي جرت في مارس/اذار 2010.
وحل المالكي الذي شكل في بداية الامر كتلة متعددة الطوائف ثانيا في الانتخابات الامر الذي دعاه الى التحالف مع كتلة شيعة لتشكيل الحكومة.

ويرى مسؤولون عسكريون اميركيون ان ايران قامت بتدريب ودعم جماعات شيعية لتتولى بدورها استهداف القوات الاميركية في المحافظات الجنوبية، الامر الذي تنفيه طهران.
من جانبه، قال رايدر فيسر المحلل السياسي ورئيس تحرير موقع يعنى بشؤون العراق، ان quot;المبدأ الاساسي للسياسة الايرانية في العراق هو ان تكون هناك حكومة ائتلافية يهيمن عليها الاسلاميون الشيعةquot;.

ورأى انه quot;علاوة على ذلك، فان ايران نجحت في تحديد معالم السياسة العراقية من خلال رئيس وزراء يعتمد على تحالف شيعي طائفي، وما دامت السياسة العراقية محصورة في تعريف طائفي فان ايران سيكون لها اليد الطولىquot;.
وقد يدفع عدم الاستقرار في سوريا الحليف الاستراتيجي في المنطقة لايران -- حيث ادى العنف ضد المتظاهرين الى مقتل اكثر من 3000 شخص -- بطهران للتركيز على العراق.

بدوره، رأى احسان الشمري استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، ان quot;التدخلات الايرانية في العراق ستستمر بعد الانسحاب الاميركي وهذا الامر واضح من خلال وجود خشية اميركية من احتواء العراق من قبل ايرانquot;.

واكد انه quot;بعد الانسحاب سيكون النفوذ الايراني طاغيا لان ايران ستركز على العراق اكثر من اي مكان اخر وخصوصا انها قد تخسر سورياquot;.
واضاف ان quot;التدخل الايراني قد يكون سلبيا اذا انحرف العراق عن المواقف الايرانية وبالعكس ما يعني ان طبيعة التدخل تعتمد على المصالح الايرانيةquot;.

واتفق فيسر مع الشمري قائلا quot;اذا كان الهدف حتى الان هو كبح النفوذ الاميركي، فالهدف المقبل سيكون هو التأكد من ان الحكومة العراقية سوف لن تتوقف عن الاعتماد على طهرانquot;.
واضاف quot;العراق سيكون مهما بصورة مضاعفة بالنسبة للايرانيين، وخصوصا اذا فقدوا ارضيتهم في سورياquot;.