القاهرة: احتشد أول من أمس الآلاف في شوارع مدينة سيزر التركية القريبة من الحدود مع سوريا والعراق، حداداً على وفاة quot;البطلة المحليةquot; والقائدة الكردية العسكرية جيجك بوتان، التي كانت تزاول نشاطاتها في معسكر تدريبي تابع للميليشيات الكردية الساعية للحصول على الحكم الذاتي لجنوب الشرق البلاد الذي تقطنه أغلبية كردية.
وقد شارك في تلك المسيرة مسنون وشباب وأطفال، وهللت هتافاتهم لحزب العمال الكردستاني، وقدموا تعازيهم في ذات الوقت لأسرة بوتان، المولودة في سيزر والقائدة بحزب العمال الكردستاني، والتي واظبت على مقاومتها للسلطات التركية لأكثر من عقدين، قبل قتلها في العاشر من الشهر الجاري خلال غارة على معسكر تدريبي بالعراق.
وردد الأكراد الذين كانوا بانتظار جثمانها الذي لم يصل في الوقت المحدد للجنازة التي سرعان ما تحولت إلى تظاهرة شعارات قالوا فيها quot;حزب العمال الكردستاني هو المجتمع، ونحن المجتمعquot; وقالوا أيضاً quot; يا شهيد لن يذهب دمك عبثاً وكل كردي مشارك في الحربquot;.
ورغم أن تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعتبرون حزب العمال الكردستاني منظمةً إرهابيةً، إلا أنه لا يزال هناك تعاطفاً كبيراً تجاه الحزب وأهدافه في العديد من البلدات بمنطقة جنوب شرق تركيا الوعرة.
وهو الموقف الذي يقف على النقيض تماماً من الموقف الحاصل في باقي أنحاء البلاد، حيث احتشد الآلاف في ساحة تقسيم بمدينة اسطنبول يوم الأحد الماضي للإعلان عن موقفهم الرافض لحزب العمال الكردستاني، الذي قام مقاتلوه بقتل 24 جندياً وإصابة 18 آخرين في هجوم معقد الأسبوع الماضي. وهو ما أدى إلى قيام الجيش التركي بإرسال أكثر من 10 آلاف جندي مدعومين بطائرات آلية متخصصة في أعمال المراقبة، ومروحيات، وطائرات إف-16 وإف-4 إلى إقليم هاكاري الجنوبي وعبر الحدود المؤدية إلى العراق، ما تسبب في مقتل 270 مسلحاً على الأقل وإصابة أكثر من 210 آخرين.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مواطنة تركية تدعى آيفر أوزكان، 38 عاماً، في اسطنبول وهي تلف عقال بألوان العلم التركي حول رأس ابنتها، قولها quot; لن نكبل أيدينا وننتظر التوصل لحل سياسي وهم يقدمون على قتل صغارنا. لم تثبت عملياتنا أية نتائج حتى الآن، ولم تثبت هجمات حزب العمال هي الأخرى أية نتائجquot;.
وقال يو بوب المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، التي تجري أبحاثاً بخصوص الصراعات في العالم quot; تعتبر تلك التطورات تصعيداً مقلقاً في واقع الأمر، لأنها محاولة على ما يبدو من جانب حزب العمال الكردستاني لجر تركيا لجحيم تسعينات القرن الماضيquot;.
وفي المقابل، أوضحت الصحيفة الأميركية أن تركيا بدت وكأنها تتحرك صوب تنفيذ إصلاحات سياسية هدفها معالجة جذور صراعها. كما تعتزم إجراء تعديلات دستورية سوف تمنح حقوقاً أوسع في النطاق للأكراد وباقي الأقليات. وعاود يو بوب، الذي يرى مثل كثيرين آخرين أن الإصلاحات السياسية وحدها هي القادرة على حل الصراع الذي حصد أرواح أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 1984، ليقول: quot;هناك رواية جديدة من الحياة الطبيعية في جنوب شرق البلاد على مدار السنوات الماضية، وهم إذ يحاولون الآن العودة إلى رواية الصراع القديمة مع السلطات التركيةquot;.
وقالت متظاهرة كردية من سيزر تدعى نارينتش، 55 عاماً، بعد رفضها الكشف عن اسم عائلتها: quot;نحن نريد السلام، لكننا نريد حقوقنا في الوقت ذاته أيضاً. ولا نريد أن يموت أي من هؤلاء الصبية الفقراء، لكننا نريد من الدولة أن تسمعنا وأن ترى شكل الحياة التي نعيشهاquot;.
وأشار سكان محليون إلى أن التظاهرات والاشتباكات بين الشباب والشرطة يتزايد شيوعها في بلدات مثل سيزر، التي كانت مرتعاً لحرب الحكومة الوطنية الطويلة مع حزب العمال الكردستاني في تسعينات القرن الماضي.
التعليقات