ينظر المراقبون بكثير من الريبة إلى انتشار المدّ الشيعي في المغرب، ورغم مرور أكثر من سنتين على قطع الرباط علاقاتها مع طهران، يبدو أنّ التهديد يأتي هذه المرة من أوروبا، حيث الساحة مفتوحة أمام أتباع المذهب الشيعي لممارسة نشاطهم، وتشير بعض التقارير إلى أنّ آلاف المغاربة المغتربين جرى تشييعهم.
تقارير تشير إلى نشاطات إيرانية مستمرة في أوساط الجالية المغربية في أوروبا |
الرباط: رغم مرور أزيد من سنتين على قطع العلاقات المغربيةـ الإيرانية، إلا أن المراقبين ما زالوا ينظرون بنوع من الريبة لحجم انتشار المدّ الشيعي في المملكة.
وتشير تقارير إلى أن هناك أكثر من 3000 مواطن مغربي اعتنقوا المذهـب الشيعي، غير أن ما يؤرق بال السلطات في الرباط هو النشاطات الإيرانية المستمرة في أوساط الجالية المغربية في أوروبا.
وتتحدث معطيات غير مؤكدة عن أن آلاف المغاربة في أوروبا يعتنقون المذهب الشيعي، وهو ما جعل أصوات المهتمين ترتفع للتحذير من هذا التزايد المقلق.
يقول سعيد لكحل، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، quot;لا توجد إحصائيات رسمية تبيّن نسبة أتباع المذهب الشيعي في المغرب وتوزيعهم الجغرافي، غير أن كل ما يوجد مجرّد تخمينات لا يمكنها التنبؤ بالأعداد، علما أن ما يزيد الوضعية تعقيدا هو اعتناق أتباع المذهب الشيعي التقية في تعاملهم مع باقي المواطنينquot;.
وأكد سعيد لكحل، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;عوامل كثيرة ساعدت في تزايد أعدادهم، بدءا من ثورة الخميني التي ألهمت كثيرا من التيارات السياسية الدينية وغير الدينية، وحرّضت على مواجهة الأنظمة السياسية الموالية للغرب، فضلا عن التجربة المشرقة للمقاومة الإسلامية في لبنان بقيادة حزب الله، الذي افتتن به تيار واسع يضم اليساريين والليبراليين، بالإضافة إلى الإسلاميين وشرائح واسعة من المواطنين بمن فيهم البسطاءquot;.
ويضاف إلى هذه العوامل، يشرح المحلل المغربي، quot;الجهود التي تبذلها إيران عبر شبكة من الجمعيات، والعلاقات، والبعثات الثقافية لنشر عقائد المذهب الشيعي واستقطاب الأتباعquot;.
ولعل المدرسة التي أغلقتها السلطات المغربية في مدينة الرباط، يضيف سعيد لكحل، quot;خير مثال على الطرق المعتمدة في نشر عقائد المذهبquot;.
وذكر أن quot;الديمقراطية الغربية توفر مجالا أوسع للمنظمات الشيعية لممارسة أنشطتها الاستقطابية في أوساط الجاليات العربية والمسلية، وضمنها الجالية المغربية التي اعتنقت عقائد المذهب الشيعي بأعداد لا تخفى ملاحظتها، ما اضطر كثيرا من الدعاة والسياسيين إلى دق ناقوس الخطر لأن أعضاء الجالية المغربية المتشيعين يتحوّلون إلى عناصر استقطاب ونشر عقائدهم حين العودة إلى المغربquot;، مبرزا أنه quot;من هنا لا يمكن الجزم بأن المدّ الشيعي قد تراجع مع قطع العلاقة مع إيران، لأن هذا المد يتخذ أساليب عديدة لا يمكن مراقبتها والتحكم فيهاquot;.
من جهته، قال عبد الباري الزمزمي، أحد أبرز علماء المنهج الوسطي في المغرب العربي، ورئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، وعضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن quot;انتشار هذا المد ما زال موجودا في المغرب، لكن السفارة الإيرانية التي كانت تدعمهم لم تعد في المملكةquot;، مشيرا إلى أن quot;التهديد يأتي من أوروبا، حيث الساحة مفتوحة لممارسة نشاطهم، إذ إن آلاف المغاربة المغتربين جرى تشييعهمquot;.
وأوضح عبد الباري الزمزمي، الذي يشغل أيضا منصب عضو مجلس النواب، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أنه quot;ليس لهذا المد تأثير كبيرquot;، مبرزا أن العدد لا يمكنه ضبطه، غير أن أكبر عدد من معتنقي هذا المذهب يوجدون في شمال المملكةquot;.
وكانت وزارة الخارجية المغربية أعلنت قطـع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، احتجاجا على ردّ الفعل الإيراني، بعد تضامن الرباط مع المنامة، إثر الأزمة البحرينية الإيرانية، وكذلك بسبب quot;نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية، وبخاصة من طرف البـعثة الدبلوماسية في الرباط، تستهدف الإساءة إلى المقومات الدينية الجوهرية للمملكة والمسّ بالهوية الراسخة للشعب المغربي، ووِحدة عقيدته، ومذهبه السـني المالكي، الذي يحميه جلالة الملك محمد السادسquot;، حسبما ورد في نص البلاغ الرسمي.
التعليقات