نشرت صحيفة التلغراف البريطانية اليوم تقريراً نقلت من خلاله الحياة اليومية في مدينة حماة التي ظلت في أيدي المعارضة مدة 6 أسابيع قبل أن تصبح تحت سيطرة النظام.

مدينة حماة السورية تتحول الى مدينة رعب

مع تواصل المسيرات والتظاهرات الاحتجاجية في عدة مدن سورية للمطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد، خصصت اليوم صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً تناولت من خلاله شكل الحياة اليومية في مدينة حماة، التي ظلت في قبضة المعارضة على مدار ستة أسابيع، ثم أضحت الآن تحت سيطرة النظام، بعد أن بدأ يفرض فيها الأمن تواجده على نطاق واسع، وهو ما تجلى بشكل واضح في مختلف أرجاء المدينة.

وأوضحت الصحيفة أن حماة، التي تعتبر خط الجبهة بالنسبة للانتفاضة السورية، تحولت الآن إلى مدينة خوف وأشباح. فقد ظلت في أيدي المعارضة على مدار 6 أسابيع، إلى أن بعث النظام بقواته إلى هناك. حيث تم حظر السير على الطرق وقطع جميع الخطوط الهاتفية ووقف خدمة الإنترنت وقطع الكهرباء ووقف إمدادات الطعام.

وبدأت تكشف تقارير من داخل المدينة عن روايات مرعبة، مثل قصف المنازل بالدبابات الحكومية، وإطلاق النيران من المدافع الرشاشة على حشود من العزل، ومقتل 130 في اليوم الأول من دخول القوات الحكومية هناك. لكن بعد مرور 10 أيام، باتت المدينة في قبضة النظام. وأوردت الصحيفة عن محافظ المدينة أنس النعيم، قوله quot; الشيء الأساسي الذي فعلناه هو نشر ثقافة الحب والتعاون مع الشعبquot;.

وعلقت الصحيفة على هذا التصريح بقولها هناك شاشات في مكتبه تعرض صوراً من كاميرات المراقبة المنتشرة في جميع أنحاء المدينة، تُظهر له وقت اللزوم إذا حدث أي نقص آخر في الحب أو التعاون. ورغم مزاولة المحلات لنشاطها وسير حركة المرور بصورة طبيعية وتواجد أناس على الأرصفة في الشوارع، إلا أنه وعلى بعد بضع مئات من الأمتار من مركز المدينة، توجد مساحة كبيرة من الأراضي البور، وهي نتاج لما حدث في آخر مرة تحدى فيه المواطنون السوريون حكومتهم.

حيث لفتت الصحيفة للواقعة التي شهدتها تلك المدينة القديمة عام 1982، بعد أن أمر الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد الرئيس بشار الأسد، وحدة تابعة للجيش بأن تقصفها جواً وأن تهاجمها بالمدفعية ومن ثم إرساله الدبابات إلى هناك، وقد توفي حينها ما لا يقل عن 10 آلاف من السكان الذين كانوا متواجدين في منازلهم آنذاك. غير أن تكرار سيناريو كهذا كان أمر من الصعب حدوثه، بسبب التقدم الحاصل الآن في التلفزيون والإنترنت.

لكن الصحيفة أوضحت أن تلك الذكريات تؤجج مشاعر غضب عميقة يمكنها أن تفسر استمرار نضال حماة حتى الآن، رغم ما يبذله النظام من جهود. وعلى حافة منطقة الدمار، قال أحد السكان المحليين quot; تشهد حماة قدراً كبيراً من التوتر. فالوضع هنا خاصquot;.

وقال شاب آخر أثناء وقوفه أمام أحد المحلات :quot; تشهد المدينة حالة من الفوضى. ولم تفعل الحكومة ما يكفي لإشباع رغبات ومتطلبات الناسquot;. ورفض زبائن يجلسون على إحدى المقاهي التحدث مع الصحيفة، واكتفوا بقولهم :quot; هذا موضوع لا نحب أن نناقشه. فالمسألة خطيرة للغايةquot;. كما اعترف محافظ المدينة بأن المدينة ليست تحت سيطرتهم بنسبة 100 % وإنما تحت سيطرتهم بنسبة 90 %.

وأشار كذلك إلى وقوع 3 هجمات تقريباً كل أسبوع ضد القوات الأمنية، بالإضافة للتظاهرات التي تقام كل يوم جمعة. وأفادت جماعات معارضة بأن 14 شخصاً قتلوا في حماة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. كما لفتت التلغراف إلى أن حماة أكثر محافظةً عن دمشق، فالنقاب منتشر هناك بصورة كبيرة للغاية بين السيدات. ولأول مرة في سوريا، شاهدت الصحيفة في مدينة حماة صورة للرئيس بشار الأسد وهو مشوه الوجه.

وعاود دكتور النعيم ليعرب عن رفضه لطلب الجامعة العربية الخاص بسحب النظام للدبابات من الشوارع، وقال :quot; يطلبون منا سحب الجيش دون أن يقدموا لنا أي حلول بالنسبة للعصابات المسلحةquot;. وأشار في تلميح يحمل بين طياته الكثير إلى أن معدل الوفيات بين القوات الأمنية بدأ يتجاوز الآن معدل الوفيات الخاص بالمتظاهرين.