حذّر الرئيس السوري بشار الأسد من أن أي تدخل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى زلزال، من شأنه أن يحرق المنطقة بأسرها، فهل تتجه الأزمة بين الحكم في دمشق والمجموعة العربية إلى مزيد من التصعيد، خصوصًا مع نهاية المهلة التي حدّدها العرب لسوريا للرد على الورقة التي قدموها.
بيروت: يؤكد النائب السابق في تيار المستقبل مصطفى علوش في حديثه لـquot;إيلافquot; أنه بات من المؤكد أن المساعي العربية لن تمر من خلال النظام السوري، لأن هذا الأخير يعتبر أي تعديل على موقفه هو نوع من السقوط، ومصرّ على سياسته في القمع، وبأن هذه الأخيرة هي التي ستؤدي إلى نتيجة بالنسبة إليه، اعتقد أن هذه المساعي هي فاشلة في الأساس، وقد يؤدي ذلك إلى قيام الجامعة العربية بواجباتها تجاه الشعب السوري، من خلال، على الأقل، تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
يضيف علوش: quot;الواقع هو أن دور النظام كان سلبيًا على مدى الأربعين سنة الماضية، فقد حاول استخدام مختلف الموضوعات من إرهاب إلى الوضع في لبنان والعراق، إضافة إلى الضغط على المنظمات الفلسطينية والتحالف مع إيران لخلق جو من عدم الاستقرار، وتهديد، ليس الغرب، بل العالمكله، والدول العربية، بالتأكيد هناك مرحلة من الفوضى والاضطراب، قد تمر بها المنطقة، في حال تم التدخل، لكنه مستبعد في الوقت الحالي، ولكن في النهاية زوال هذا النظام سيؤدي بالتأكيد إلى الاستقرار في المنطقة.
ويقول علوش إن هناك فروقات بين وضع سوريا وليبيا ومصر وتونس، ولكل بلد خصوصيته، ولكن في النهاية القرار يجب أن يتم وزنه بين أن يستمر الوضع غير المستقر، الذي يخلقه هذا النظام، واستمراره بقمع شعبه وقتله، وبين أن يكون هناك تدخل، قد يؤدي إلى فترة من عدم الاستقرار.
عن إمكانية سيناريو مماثل لسوريا، كما ليبيا، في ما خصّ التدخل الدولي، يجيب علوش: quot;هذا قد يكون محتملاً، في حال تطورت الأمور إلى حد وجود نوع من المناطق المحررة، كما يمكن تسميتها داخل سوريا، وتعتبر مركز انطلاق للمقاومة.
مسار خطر
المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور يتحدث بدوره لـquot;إيلافquot;، ويقول: quot;ما يمكن أن نقوله في مسألة تدويل ما يجري في سوريا، هو أنه مسار خطر محفوف باستمالات، تنذر بعواقب لا تنحصر في سوريا، إنما تشمل دول المنطقة العربية كلها، فالتدويل كما رأيناه، في بلدان عربية أخرى، أدى إلى تمزيقها وإلى خلق ارتجاجات خطرة من حولها، ولعل ما نشاهده اليوم في العراق بعد سنوات من الاحتلال الأميركي من دعوات إلى قيام أقاليم منفصلة عن المركز في الشمال والغرب والجنوب، هو أكبر دليل على ما يمكن أن تفعله الدعوات إلى التدخل الخارجي.
بالنسبة إلى سوريا، يضيف: quot;الوضع أكثر حساسية، لأن سوريا تطل مباشرة على القضية الفلسطينية، ولها أرض محتلة، وبالتالي فإن قوى عديدة في المنطقة، وليس فقط القيادة السورية، لن تتساهل في مسألة تدويل يؤدي إلى إخراج سوريا من موقعها الحالي، إلى مواقع أخرى.
ومن هنا، فتصريح الرئيس السوري بشار الأسد، هو نوع من الرد الاستباقي على ما يعتبره تهويلاً بالتدويل، مؤكدًا أنه مع حلفائه، داخل سوريا وخارجها، سيقود معركة كبيرة ضد مشاريع التدويل، وأيضًا لا بد أن ننتبه هنا، إلى أن التدويل بالمعنى الشامل للكلمة بات شبه متعذر اليوم، في ظل بروز متغيرات مهمة، على مستوى مجلس الأمن والأمم المتحدة، لذلك قد تتجه الأمور أكثر نحو الأطلسة، أي أن يقوم تحالف أطلسي بالمهام المطلوبة، وهذا التحالف الأطلسي تواجه حكوماته في الولايات المتحدة وأوروبا أزمات كبيرة، وقد تبدت محدودية قدراته في ليبيا، كما إن هذا التحالف يسعى إلى أن يعتمد على تركيا كرأس حربة لها، ولا أعتقد أن الحكومة التركية بما تواجهه من مشاكل أمنية وغيرها، قادرة على أن تتحمل في وقت واحد الدرع الصاروخي الأميركي والتدخل المباشر في سوريا.
ولدى سؤاله إلى أي مدى يؤثر التدخل في سوريا على المنطقة عمومًا ولبنان بوجه خاص؟، يجيب بشور: quot;اعتقد أن التدخل الغربي في سوريا سيواجه مقاومة سورية وعربية وإقليمية، وبالتالي ستنعكس هذه المواجهة على دول المنطقة المحيطة بسوريا عمومًا وعلى لبنان بشكل خاص، حيث التداخل المعروف بين الأمن السوري واللبناني، وحيث التربة اللبنانية أصلاً مهيأة للتجاوب السريع مع صراعات في المنطقة.
ويضيف بشور: quot;التدخل الغربي لم يظهر بشكل علني إلا في ليبيا، وهو أعطى ما أعطاه من نتائج كارثية، لم يعد أعضاء الناتو فقط يتحدثون عنها، بل بات بعض الذين أيّدوا تدخل الناتو يشيرون إلى أن مهمة حماية المدنيين التي إدّعى الناتو أنه مكلف بها، قد أدت إلى قتل أعداد من المدنيين، يفوق بكثير الأعداد التي قتلها القذافي، والتي جاء الناتو ليحميها.
ويرى أنه في مصر وتونس التدخل الخارجي ربما بدأ بعد انتصار الثورتين، وهو انتصار فاجأ الجميع، لا سيما دول الغرب، ولكنه حتى الآن هو تدخل سياسي وإعلامي ومالي، وليس أمنيًا، من هنا التدخل في سوريا هو خطوة إذا حصلت، تكمل مسار التدخل الأجنبي في العراق وليبيا، والنتائج في البلدين معروفة.
التعليقات