راجت في الآونة الأخيرة ظاهرة التجارة الإلكترونية في لبنان لما تقدمه من تسهيلات عدة للمواطن، رغم ذلك تبقى محاذيرها كثيرة خصوصًا مع عدم وجود قانون في لبنان يحمي المواطن من الغش والخداع، ويتم الحديث عن قانون سيبصر النور قريبًا يؤمن الحماية الضرورية في هذا الموضوع.


بيروت: تعتبر التجارة الإلكترونية واحدة من التعابير الحديثة التي أصبحت تستخدم في العديد من الأنشطة الحياتية والمرتبطة بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

والتجارة الالكترونية نظام يُتيح عبر الإنترنت حركات بيع وشراء السِلع والخدمات والمعلومات، كما يُتيح أيضًا الحركات الإلكترونية التي تدعم توليد العوائد مثل عمليات تعزيز الطلب على تلك السِلع والخدمات والمعلومات، حيث إن التجارة الإلكترونية تُتيح عبر الإنترنت عمليات دعم المبيعات وخدمة العملاء. ويمكن تشبيه التجارة الإلكترونية بسوق إلكترونية يتواصل فيها البائعون أي الموردون، أو الشركات، أو المحلات والوسطاء أي السماسرة والمشترون، وتُقدَّم فيها المنتجات والخدمات في صيغة افتراضية أو رقمية، كما يُدفَع ثمنها بالنقود الإلكترونية.

يقول احد اصحاب المواقع الالكترونية المتخصصة بالتجارة لإيلاف إن التجارة الإلكترونية تقدم العديد من المزايا التي يمكن أن تستفيد منها الشركات بشكل كبير مثل تسويق أكثر فاعلية، وأرباح أكثر ويضيف:quot; إن اعتماد الشركات على الإنترنت في التسويق، يتيح لها عرض منتجاتها وخدماتها في مختلف دول العالم دون انقطاع طوال ساعات اليوم وطوال أيام السنة، ما يوفِّر لهذه الشركات فرصة أكبر لجني الأرباح، إضافة إلى وصولها إلى المزيد من الزبائن.

كذلك تتيح تخفيض مصاريف الشركات، تعتبر عملية إعداد وصيانة مواقع التجارة الإلكترونية على الويب أكثر اقتصادية من بناء أسواق التجزئة أو صيانة المكاتب. ولا تحتاج الشركات إلى الإنفاق الكبير على الأمور الترويجية، أو تركيب تجهيزات باهظة الثمن تُستخدَم في خدمة الزبائن. ولا حاجة في الشركة لاستخدام عدد كبير من الموظفين للقيام بعمليات الجرد والأعمال الإدارية، إذ توجد قواعد بيانات على الإنترنت تحتفظ بتاريخ عمليات البيع في الشركة وأسماء الزبائن، ويتيح ذلك لشخص بمفرده استرجاع المعلومات الموجودة في قاعدة البيانات لتفحص تواريخ عمليات البيع بسهولة.

كذلك تؤمن تواصلا فاعلا مع الشركاء والعملاء، فالتجارة الإلكترونية تختصر المسافات وتعبر الحدود، ما يوفّر طريقة فاعلة لتبادل المعلومات مع الشركاء. وتوفِّر التجارة الإلكترونية فرصة جيدة للشركات للاستفادة من البضائع والخدمات المقدَّمة من الشركات الأخرى (أي الموردين)، فيما يُدعى التجارة الإلكترونية من الشركات إلى الشركات (Business-to-Business).

أما ما هي الفوائد التي يجنيها الزبائن من التجارة الإلكترونية فيقول:quot; اولاً توفير الوقت والجهد اذ تُفتَح الأسواق الإلكترونية (e-market) بشكل دائم طوال اليوم ومن دون أي عطلة، ولا يحتاج الزبائن للسفر أو الانتظار في طابور لشراء منتج معين، كما ليس عليهم نقل هذا المنتج إلى البيت. ولا يتطلب شراء أحد المنتجات أكثر من النقر على المنتَج، وإدخال بعض المعلومات عن البطاقة الائتمانية. ويوجد بالإضافة إلى البطاقات الائتمانية العديد من أنظمة الدفع الملائمة مثل استخدام النقود الإلكترونية (E-money).

كذلك حرية الاختيار اذ توفِّر التجارة الإلكترونية فرصة رائعة لزيارة مختلف أنواع المحلات على الإنترنت، وبالإضافة إلى ذلك، فهي تزوِّد الزبائن بالمعلومات الكاملة عن المنتجات. ويتم كل ذلك من دون أي ضغوط من الباعة.

كما تؤمن خفض الأسعار اذ يوجد على الإنترنت العديد من الشركات التي تبيع السلع بأسعار أقل مقارنة بالمتاجر التقليدية، وذلك لأن التسوق على الإنترنت يوفر الكثير من التكاليف المُنفَقة في التسوق العادي، ما يصب في مصلحة الزبائن.

محاذير

رغم كل ما اشرنا اليه من منافع للتجارة الالكترونية، لا يزال الكثير من الاشخاص قلقين من استخدام الانترنت في التجارة مثل إيجاد الشركاء التجاريين أو حتى الشراء المباشر من الشبكة لأنهم ببساطة لا يعرفون هوية الطرف الآخر أو نواياه ولهم في ذلك كل الحق فمن دون معرفة وسائل الحماية وطرق استعمالها فإن المتصفح قد يكون عرضة للاستغلال أو النصب أو سرقة المعلومات الشخصية أو المالية خاصة في سوق ضخمة بلا قاض أو شرطة مثل الانترنت.

وفي هذا الصدد يقول رئيس لجنة المعلوماتية في نقابة المحامين الدكتور طوني عيسى لإيلاف:quot; ان لا قانون في لبنان يحمي التجارة الالكترونية حتى الآن، هناك اكثر من اقتراح او مشروع قانون في مجلس النواب للمناقشة، ولم يقروا بصورة رسمية بعد، وهذه الاقتراحات تغطي كل الوسائل التي لها علاقة بالتجارة الالكترونية، وهي تتحدث عن المعاملات والعقود الالكترونية عبر الانترنت، وكل الوسائل المتعلقة بالتوقيع الالكتروني، والقضايا المتعلقة بحماية البيانات الشخصية وغيرها.

ولدى سؤاله في حال حصل غش ما في بطاقات الائتمان عبر التجارة الالكترونية كيف يمكن معالجة الموضوع قانونيًا، يجيب عيسى:quot; في ظل غياب النصوص الخاصة التي تعالج حالات محددة لها علاقة بالتعامل الالكتروني وما ينتج منه، فهنا يُطبق القانون العادي، ويتم استنباط قاعدة قانونية كي يُطبقها على الحالة المعروضة عليه، وهذا الوضع له محاذير لانه قد يؤدي الى الكثير من الاستنساب وتقديم حلول غير فاعلة للمشاكل المطروحة.

وهذا ما يؤكد الحاجة الى ان يقر مجلس النواب قانونا متخصصا بالقضايا التجارية الالكترونية.

اذن، المواطن اليوم في لبنان غير محمي من خلال التجارة الالكترونية يقول عيسى هناك نص موجود في 4 مواد في قانون حماية المستهلك الذي صدر العام 2005، يتحدث عن العقود التي تبرم بوسيلة الكترونية، ويعطي بعض الحقوق والضمانات للمستهلك، ولكن هذه النصوص غير كافية، وبحاجة إلى تعديل ولا يُغطي كل الحالات التي تطال الغش والجرائم الالكترونية والتزوير والتوقيع الالكتروني.

ويضيف:quot; في الجلسة الاخيرة التشريعية للمجلس النيابي تم اقتراح قانون امام الهيئة العامة وطلب رئيس الحكومة من المجلس النيابي سحب اقتراح القانون لانه بحاجة الى الكثير من التعديلات وطلب ان يتم إحداث مشروع قانون متطور أكثر لتقديمه خلال شهرين، ورئيس الحكومة ألف لجنة من وزارات معنية، العدل الاقتصاد والتجارة وبعض الخبراء المتخصصين في القطاع الخاص ولديهم مهلة شهرين لتقديم مشروع قانون متكامل يغطي كل المسائل المتعلقة بالتجارة الالكترونية، واذا ما أُعد هذا المشروع بطريقة صحيحة سوف يقدم الى المجلس النيابي خلال شهرين ويجب في العام 2012 أن يكون لدينا قانون في هذا الشأن.

وتحدث عيسى عن مخاطر التجارة عبر الانترنت قانونيًا فقال:quot; المخاطر ناتجة من الوسيلة التي من خلالها تتم التجارة، وكطبيعة قانونية هي واحدة ولكن الوسيلة التي تتم من خلالها هي التي تطرح الاشكاليات، وتتم عن بعد، وبالتالي تبدأ المخاطر، والخاصية الثانية عدم وجود ركيزة مادية او حسية بالتعامل وبالتالي يخشى التشكيك وكذلك من خلال حالات الاحتيال التي يمكن ان تنشأ، لان التجارة عن بعد ليس لها ركيزة واحدة وهذا يعزز احتمالات حالات مخالفة القانون، وهناك ما يسمى بالطبيعة الدولية لتجارة الانترنت، وهذا يجعل غالبية التعامل لا يجري على مستوى داخلي وهذا يطرح اشكالية القوانين الدولية وهذا موضوع يعانيه كل الدول وليس فقط لبنان.

وسنحصل على اطار تشريعي يسمح ان يؤسس وان ينضم لبنان إلى الاتفاقات الدولية في كل المجالات اي الجرائم الالكترونية والمسائل التي لها علاقة بالتجارة، لاننا في الوقت الحالي لا يمكن ان ننضم لاي اتفاقية، لان تشريعنا الداخلي لا يزال غير ملائم.