البارز اليوم ان الاعلام أصبح موجًها، والأمر لا ينطبق على لبنان فقط بل يشمل بلدانًا اخرى، ما هو سبب عدم الموضوعية في الاعلام اللبناني وهل الاعلام لم يعد رسالة بل اصبح توجيه رسائل معينة، وما هو دور تمويل الوسيلة الاعلامية على توجهاتها السياسية؟


بيروت: يقول الاعلامي انطوان خوري ( محطة ال ال بي سي) لإيلاف ان لا موضوعية 100% في الاعلام اللبناني، وفي الخارج ايضًا مفقودة، هناك دائمًا توجيه معين، مع التمويل الذي يفرض التوجيه وكذلك سياسة الدولة التي تنتمي اليها الوسيلة الاعلامية، والموضوعية نسبية، ويضيف:quot; برأيي عندما يكون لدينا هامش من الحرية تزيد حينها نسبة الموضوعية، خصوصًا ان الاعلامي يحاول ان يكون صادقًا مع نفسه في الكتابة.

بدوره يعلِّق الإعلامي علي الامين ويقول لإيلاف إنه في ما خص لبنان نلاحظ ان معظم وسائل الاعلام هي بشكل أو بآخر منخرطة في الانقسام السياسي، في كثير من الاحيان، من خلال اتجاهات سياسية داخل البلد، وقد اثّر هذا الامر بطبيعة الحال في حيادية الإعلام، وكان يجب أن تكون كل الاطراف على مسافة واحدة من خلال لعب دور مهني في هذا الاطار، وتحولت وسائل الاعلام الى أداة للمعركة السياسية، وهذا ما نلاحظه في العناوين الاساسية، سواء الصحف اليومية، او مقدمات نشرات الاخبار على المحطات التي تعكس الموقف والوجهة السياسية، وتبدو المحطة كأنها تتحدث بلسان سياسي أكثر من تعاملها مهنيًا وموضوعيًا مع الموضوع، ويضيف:quot; تبقى صورة عامة ولا نجمل كل وسائل الاعلام.

بالنسبة إلى تغطية الثورات العربية يقول خوري فالامر ايضًا ينطبق عليها، فمثلاً محطة الجزيرة والعربية لديهما توجيه خاص، فالجزيرة مثلاً انعطفت كليًا عندما غيرت قطر سياستها من سوريا و ليبيا.

حول هذا الموضوع يقول الامين:quot; في ما يتعلق بالثورات العربية، يبرز مباشرة الى الاذهان الموضوع السوري، لان مسألة علاقة الاعلام مع المجتمع السوري علاقة ملتبسة، خصوصًا لمن هو خارج سوريا، وبالتالي معروف انه في ما يتصل بعدة منابر اعلامية، يمكن هذا الامر طرح اشكالية الاعلام والثورات العربية، وربما هذا الخلل الحاصل على مستوى الثورة السورية والمشهد السوري، جعل وسائل جديدة تُبتدع في هذا الاطار في التعبير .

الاعلام موجّه
نلاحظ اليوم ان الاعلام موجه ليس فقط في لبنان بل في العالم، ما الذي نحتاجه كي يصبح الإعلام موضوعيًا؟ يقول خوري :quot;دعينا لا نكون مثاليين، فالاورو نيوز والسي ان ان وكل المحطات لديها مصالح وارتباطات سياسية، والهامش الذي يتبقى للصحافي هو بقدر ما يكون الحدث بعيدًا ولا مصلحة مباشرة للمحطة به، بقدر ما يكون الخبر موضوعيًا، والعكس صحيح.

عن توجيه الاعلام يقول الامين:quot; يتطلب الامر مسارًا طويلاً ومن الصعب ان نصل الى اعلام موضوعي بالمعنى الاكيد للكلمة، نحن نتجه من خلال التعدد والتنوع في وسائل الاعلام، إلى خلق رغبة في ان تكون الوسائل الاعلامية موضوعية، انطلاقًا من المنافسة الحاصلة بينها، من هنا تعدد وسائل الاعلام ربما يساهم اكثر بان نذهب باتجاه الموضوعية، من دون ان يعني ذلك اننا قد ننجح دائمًا في هذا الامر، وهذا الامر يحتاج الى المزيد من التحولات والتطورات في المجتمعات العربية، والتي يجب ان تنحو الى المزيد من الحريات والديمقراطية وهي بحد ذاتها ستفرض نوعًا من القيود ، وهذا المسار يتجه بنا نحو اعلام موضوعي ومهني اكثر، نحن في مرحلة نحتاج الى وقت طويل لذلك.

عن سبب عدم الموضوعية في الاعلام اللبناني يقول خوري ان الامر يعود إلى الانتماء السياسي والتناقض بين الافرقاء فحتى الانتماء الوطني لا إجماع عليه، فمن الطبيعي ان يترجم ذلك عدم موضوعية في الإعلام وخارجه.

ويرى الامين في هذا الخصوص ان ذلك يعود الى الحملات السياسية، وتحول وسائل الاعلام الى ناطقة باسم الحركات السياسية اكثر مما هي وسيلة اعلامية مستقلة، وعندما تكون ناطقة باسم جهة سياسية سيؤثر ذلك في موضوعيتها في الكثير من الشؤون التي تعنيها بشأن مباشر.

الاعلام لم يعد رسالة
ينتقد الكثيرون بان الاعلام لم يعد رسالة بل اصبح رسائل معينة لكل بحسب توجهاته، حول هذا الموضوع يقول خوري:quot; المسألة نسبية، ونسبة صحة ذلك لا تقل عن ال40%.

يشدد الامين بدوره انه لا يجب التعميم، لكن هناك سمة في الاعلام اللبناني انه متأثر بالاستقطاب السياسي ويعبر عنه، وهذا له ثمن ينعكس على الصدقية والموضوعية.

يرى البعض ان الاعلامي اللبناني بحاجة اليوم الى تثقيف جديد لجهة الموضوعية، يعلق خوري على الموضوع فيقول:quot; المسألة تبقى نسبية، ومن الممكن اليوم اي صحافي يكتب عن غواتيمالا ان يكون موضوعيًا في كتابته 100%، اما اذا كان الحدث قريبًا فتتغير حينها المقاييس.

حول تثقيف الاعلاميين لجهة الموضوعية لايرى الامين ان المسألة تتعلق بالتثقيف بقدر ما هي قرار بدور الاعلام، واذا كان الاعلامي تتحكم به الاموال ومصادر التمويل هي دائمًا سياسية، فالموضوعية صعبة وكذلك المهنية، لان الاجندة السياسية تبقى هي الاهم، رغم كل ذلك فان الاعلام اللبناني سبّاق في الاعلام العربي في ما خص المهنية والموضوعية.

مصدر التمويل
كيف يؤثر مصدر التمويل في توجهات الوسيلة الاعلامية في لبنان؟ يرى خوري ان التأثير كبير ومباشر، ومثلا عندما ترك غسان بن جدو الجزيرة ذهب الى مجموعة سياسية يحبها فأقاموا له محطة.

ويوافقه الامين الرأي ويرى في مصادر التمويل تأثيرا كبيرا على الموضوعية، والممول السياسي يمول من اجل خدمات سيكون لها تأثير سلبي على الموضوعية، والامر ليس جديدًا في لبنان، وبرز اكثر في السنوات الاخيرة نتيجة للانقسام السياسي، حيث كانت وسائل الاعلام صدى لهذا الصراع.