بعد رفع السرّية عن بعض ما جاء في القرار الظني لجهة اغتيال رفيق الحريري، يطرح السؤال ماذا بعد ذلك؟، وهل رفع هذه السرّية كان بسبب عدم تعاون الدولة اللبنانية أو تقاعسها في تسليم المتهمين؟، وفي حال صدر حكم غيابي فكيف سيُطبّق على المتهمين إذا لم يُسلّموا؟.


بيروت: يشرح القاضي منيف حمدان لإيلاف أن ما قامت به المحكمة الدولية في الأمس من نشر لوثائقها السرية في ما خص قضية اغتيال رفيق الحريري لا يعني أن الدولة اللبنانية لم تقم بواجباتها.

واعتبران ما قامت به المحكمة الدولية لجهة نشر فصول او مقاطع من القرار الاتهامي لا يتعلق بالدولة اللبنانية على الاطلاق لناحية التقصير او المكافأة لاعمالها، انه اجراء لوضع الرأي العام الدوليفي بوجه الأدلة او قسم منها بحق المتهمين، وحتى تحمي المتهمين ووكلاءهم لمعرفة بعض الامور، حتى يقرروا على ضوء ذلك ان تكون المحاكمة وجاهية او لا تكون كذلك.

وعندما نسأله quot;لو قامت الدولة اللبنانية بما هو مطلوب منها، وسلّمت المتهمين... هل كنا سنشهد نشرًا لهذه المعلومات؟quot;، يجيب: quot;حتمًا، لأن الامر ليس مرتبطًا بما قامت به الدولة اللبنانية أو لم تقم به على الإطلاق، فالأمر الذي جرى من طبائع الامور، بعد تحقيقات طالت سنوات، لا بد للرأي العام الدولي أن يطلع على جزء من هذا المجهود الذي قام به المدعي العام الدولي.

ولدى سؤاله هل ننتظر في المستقبل صدور نشرات اضافية حول القرار الاتهامي؟، يجيب: quot;اعتقد ذلك وفقًا لقانون الاجراءات المعتمد في المحكمة الدولية، إن ما نشر حتى الآن كاف، ولكن عندما تبدأ المحكمة، سواء كانت وجاهية او غيابية، فستنشر كل الوثائق التي تتعلق بالجريمة التي تتم المحاكمة بشأنها.

أما المعلومات التي تم كشفها بدقة فترتكز بمعظمها على استنتاجات، وليست ادلة، ما مدى صدقيتها برأيك قانونيًا؟ يجيب: quot;ان من يتعاطى بقضايا الحقوق والمحاكمات يعرف ان قرار الاتهام شيء وحكم المحكمة شيء آخر، قرار الاتهام كما يدل اسمه عليه، فيه الكثر من الظن. اما الاحكام التي تصدر من المحاكم فتكون الأدلة قاطعة فيها.

انما ونظرًا إلى طبيعة الجرائم، التي شكلت المحكمة الدولية بسببها، يتابع حمدان،ونظرًا إلى خطورة الجرائم التي ارتكبت، ونظرًا إلى المدى الذي اتخذته هذه الجرائم، فانني اعتقد ان النائب العام في المحكمة الدولية الذي يحترم نفسه، لا يمكن ان يسجل على نفسه ان يقدم ادلة قد تدحض في المحكمة، لقد بذل جهدًا جبارًا حتى اقتنع ان هذه الادلة كافية للإحالة الى المحكمة، وجاء قاضي الاجراءات ليعزز هذا الرأي، ويقول ان الادلة كافية لإحالتها الى المحكمة، وهناك قرينة البراءة التيتبقى قائمة، فتحسب كل الادلة، ويتابعها المدعي العام، ويقابله بذلك مكتب الدفاع، والمحكمة تقارن بين ادلة الادعاء وادلة النفي، ويصدر حكم على اساس ذلك.

ولدى سؤاله ماذا سيجري اليوم بعد كشف المحكمة الدولية وما هي الاجراءات القانونية في المستقبل؟ يجيب: quot;اعتقد ان المحكمة ستطلب مرة جديدة من الدولة اللبنانية، ان تبذل مجهودًا اضافيًا لإلقاء القبض على المتهمين، وان عجزت الدولة، ووجدت المحكمة ان الدولة بذلت فعلاً مجهودًا جديًا، تعتبر ان هذا الامر كاف، وتبدأ بالمحاكمة الغيابية. اما اذا اعتبرت هذا الامر غير كاف، فانها ترفع الامر الى مجلس الامن حتى يتخذ اجراء معينًا في حق الدول التي لا تتعاون مع المحاكم الدولية.

في حال صدر الحكم غيابيًا... كيف يمكن تطبيقه على المتهمين اذا لم يتم تسليمهم؟ يجيب حمدان: quot;ان سيف العدالة طويل، والمحاكمات الدولية كذلك، لدينا اليوم مذكرات توقيف والقاء قبض، وعندما يصدر الحكم الغيابي تُعزز هذه المذكرات بخلاصات حكم غيابية، وتعمم على كل الدول التي هي أعضاء في الانتربول الدولي، ولا بد ان يأتي يوم ويُلقى القبض على المحكومين او الفارين من وجه العدالة.

في النهاية توجّه القاضي حمدان الى كل من يعنيهم الأمر، وحزب الله تحديدًا، لأنه اعترف بأن المتهمين الأربعة من حزبه، وتمنى على حزب الله بقياداته الواعية والمخلصة وصولاً الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن يأخذوا هذا الواقع بعين الاعتبار، وان يفكّوا ارتباطاتهم بهؤلاء المتهمين إلى أن تصدر الأحكام ببراءتهم، وإلا فسيكون الأمر محفوفًا بالمخاطر، ويستحق لبنان ان يتضافر كل المواطنين لإنقاذه من هذه المحنة التي وقع فيها، والتي لن ينجو منها احد.