جاء في المسح السنوي عن أغلى مدينة في عام 2011،أن بيروت جاءت في المرتبة الرابعة بين 20 مدينة عربية مشمولة بالمسح، فيما جاءت في المرتبة الـ 75 بين 214 مدينة حول العالم، لماذا بيروت هي الاغلى وكيف ينعكس ذلك سلبًا على السياحة والاستثمارات؟.


بيروت: لا تتعجب منى وهبي عندما اسألها هل تعتقدين فعلاً ان بيروت هي الاغلى في المنطقة وتعطيني مثلاً عن احدى الشقق التي كان سعرها في الماضي 90 الف دولار واصبحت اليوم فوق ال300 الف دولار، وتضيف:quot; اجل بيروت الاغلى وليس فقط في الشقق بل في مختلف الحاجيات الضرورية وحتى الكماليات، لماذا هذا الغلاء اليوم وكيف يمكن مكافحته؟

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لإيلاف إن هناك أسبابا عدة تجعل بيروت من اغلى المدن، ومنها ضعف المنافسة ووجود الاحتكارات في معظم السلع، وهذا يؤدي الى ارباح كثيرة على حساب المواطن والمستهلك، ولبنان بلد مستورد وإنتاجنا الداخلي ضعيف في الصناعة والزراعة، واقتصادنا مدولر ونستورد معظم وارداتنا من اوروبا، وبما ان اليورو ارتفع عالميًا، ادى ذلك الى غلاء في لبنان، بالاضافة إلى ضعف الرقابة الداخلية على التلاعب بالاسعار، من السكن والفنادق، فهذه الاخيرة اسعارها في لبنان اغلى من باريس، ولا مبرر لذلك، وعندما يتحدثون عن عدم وجود سياح عليهم ان يرخصوا أسعارهم من اجل ذلك، ولا رقابة لان وزارة الاقتصاد والتجارة غائبتان عن رقابة السلع والخدمات في كل لبنان، وهناك احتكارات من قبل السلع والخدمات وهناك تواطؤ في ما بين الكل، فمثلاً اسعار الشقق في لبنان هناك الكثير من المساكن للبيع والطلب قليل لكن الاسعار لا تنخفض، لان من يريدون البيع لديهم تماسك في ما بينهم ويتفقون على عدم تخفيض الأسعار ولا منافسة في ما بينهم.

ولدى سؤاله بان بيروت اغلى من دبي اليوم التي تنافس لبنان منذ فترة؟ يجيب:quot; نحن اليوم بسبب ذلك لا نجذب الاستثمار والسياحة وسيئاتها وضع بيروت بالاضافة الى كل العوامل السلبية الاخرى اي الامنية والسياسية، كدولة غير مرغوب بها، ودبي منذ فترة طويلة ارخص من بيروت، من خلال مقارنة السلع في ما بينها، من ادوات كهربائية وغيرها، لان حجم البيع في دبي اكبر من بيروت، وبالتالي الربح بالسلع يكون اقل.

اما كيف تتأثر السياحة بغلاء الاسعار في بيروت، فيجيب حبيقة:quot; لن يأتي السياح الى بلد غالي الثمن في كل شيء، بل يذهبون الى الاماكن حيث يستطيعون الصرف بكلفة اقل، والسائح اليوم ليس غنيًا، وككل الناس يفتشون على اماكن تناسب ميزانتهم.

كيف يمكن العمل على الا تكون بيروت من اغلى الدول؟ يجيب:quot; يجب إلغاء حماية الدولة للوكالات الحصرية، وهذا من شأنه تخفيض الاسعار 30% في لبنان، والتصويت على قانون المستهلكين الموجود في المجلس النيابي الذي يسمح للمستهلك ان يقاضي الشركة التي تغشه، مع وجود قضاء متخصص، ولا يعود بوسع الشركات او الوكلاء ان يتلاعبوا بالاسعار وبجودة السلع، وعلى وزارة الاقتصاد ارسال مراقبين الى كل اماكن البيع.

اما هل الفساد وسوء الادارة في لبنان من الاسباب الاساسية لغلاء البلد؟ فيجيب:quot; ليس الفساد وسوء الادارة فقط، بل الدولة مقصرة بواجباتها من خلال رقابة الاسعار، سوء الادارة معروف، والفساد كذلك في لبنان ويظهر عندما يأتي السائح من الخارج ويُسرق من قبل اللبنانيين في البلد، بدءًا من التاكسي في المطار وصولاً الى تعرفة الفندق، والمطاعم، وهذا يجعل لبنان غير قابل لان يكون متنفسًا جديًا في الاقتصاد المفتوح، ولولا اللبناني المغترب الذي يأتي الى البلد لا يوجد سياحة حقيقية غيره في لبنان.

كيف يمكن للحكومة اليوم ان تعمل لمحاربة هذا الغلاء وهل تستطيع القيام بما هو مطلوب منها اليوم؟ يجيب:quot; هناك خطوات سريعة جدًا يجب ان تقوم بها الحكومة منها ارسال فرق لرقابة الاسعار، في السوبرماركت ومختلف اماكن البيع، ويجب ان يُحاسب المحتكرون، وكذلك يجب على المدى البعيد ان نعزز قطاعنا الزراعي والصناعي لتخفيف الاستيراد، وننتج داخليًا، لان لبنان يتعرض اليوم للغلاء لانه يستورد من اوروبا كل شيء، وسعر اليورو غال، يكون الاستيراد مكلفًا على لبنان، ومع انتاج زراعي وصناعي اكبر نخفف الاستيراد، ويتحسن الوضع، ويجب تنويع الاستيراد، بمعنى لا نستورد كل شيء من اوروبا كما هي الحال اليوم، بل يجب التوجه الى السلع الاميركية الارخص.
يجب الاستيراد بالدولار لاننا كما قلت اقتصاد مدولر.

وهناك امر اساسي يتمثل ببدء تمتع اللبناني باخلاق اعلى ويعتبر ان السائح مهم جدًا ولا يجب ان نسرقه، وهناك امر اساسي يتعلق بالنفط، اذا فعلاً لدينا نفط يجب ان نبدأ الانتاج لان ذلك يوفر في فاتورة الاستيراد، ونتحكم اكثر باسعار الداخل، هناك جملة قضايا نابعة من تقصير الدولة اللبنانية في معالجة الموضوع والاهتمام بشؤون المستهلك.

بيروت الاغلى

وقد جاء في المسح السنوي عن أغلى مدينة في عام 2011، إن بيروت جاءت في المرتبة الرابعة بين 20 مدينة عربية مشمولة بالمسح، فيما جاءت في المرتبة الـ 75 بين 214 مدينة حول العالم، فضلاً عن أنها في المرتبة الـ 15 بين الفئة العليا من المدن المتوسطة الدخل.

وبحسب النشرة الأسبوعية لبنك بيبلوس، يستند هذا المسح الذي تجريه Mercer Human resource consulting إلى معايير مقارنة تتضمن 200 سلعة في كل مدينة، بما فيها أكلاف السكن، الغذاء، الثياب، السلع المنزلية، النقل والترفيه أيضًا، وقد اعتُمدت مدينة نيويورك معيارًا لمقارنة أسعار استهلاك السلع، نظرًا إلى أن نتائج المسح تُستخدم كمرجع للشركات التي تستخدم موظفين في مختلف مدن العالم فتدفع أجورهم ومخصصاتهم على هذه الأسس.

في عام 2010 أظهر المسح أن بيروت جاءت في المرتبة الـ80 عالميًا والرابعة عربيًا، أي أنها ارتفعت 5 نقاط عالميًا، فيما تصنيفها مستقرّ عربيًا. وقد جاءت جيبوتي في المرتبة الأولى عربياً تليها الخرطوم ثم أبو ظبي، وبعدها أتت بيروت لتسبق دبي وعمّان وكازبلانكا ودمشق والقاهرة. لكن تونس تبقى الأقل كلفة بين المدن العربية.

أما على الصعيد العالمي، فإن كلفة المعيشة في بيروت عدّت مرتفعة كما في مدينة سانتياغو في شيلي، وأكثر كلفة من لوس أنجلوس وميونيخ ومونتريال. لكنها أقل غلاءً من كوتونو في بنين، وفرانكفورت واللوكسمبورغ.
إلا أن مدينتي لواندا وأنغولا تبقيان أكثر المدن غلاءً، فيما لا تزال كاراتشي في باكستان أقل مدينة لجهة الغلاء في العالم. وفي السياق نفسه، تبين أن تل أبيب جاءت في المرتبة الـ 25 عالميًا، فيما حلت اسطنبول في المرتبة الـ 70 وليماسول في المرتبة 119، أما طهران فقد جاءت في المرتبة الـ130.