هل يمكن للحكومة اللبنانية اليوم ان تغفل بند المحكمة الدولية في بيانها الوزاري؟ قد تستطيع ذلك، يقول الخبير القانوني منيف حمدان، لكن الامر يشكِّل بالنسبة للبنان سمًا قاتلاً، اذا لا تسويات برأيه في قضايا العدالة وتجاهل الامر قد يؤدي بلبنان الى الموت البطيء.


بيروت: يرى الخبير القانوني الدكتور منيف حمدان في حديثه لإيلاف انه يجب التمييز بين امرين، الاول قدرة الحكومة على إغفال بند المحكمة الدولية، وبين النتائج التي تترتب على هذا القرار، بالنسبة إلى الشق الاول، تستطيع الحكومة ان تضع في بيانها الوزاري ما تشاء من العناوين، وان تحجب ما تشاء منها، ولكن إقدام الحكومة على إغفال بند المحكمة الدولية سيكون خطأ فادحًا وقاتلاً في الوقت ذاته، لان لبنان لا يستطيع ان يعادي المجتمع الدولي وخصوصًا ان التحذيرات بدأت من أوروبا واميركا ومن الامم المتحدة تحذّر حكومتنا من الإقدام على اي عمل من هذا النوع، واتمنى على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بما له من بعد نظر، وتجارب وحكمة وكثير من الوزراء معه، الا يقدموا على هذا الامر، لانهم سيجرعون لبنان كأسًا من السم الزعاف، وقد يكون قاتلاً لنا في الظروف الدولية الراهنة.

ولدى سؤاله في حال اغفلوا بند المحكمة الدولية، قانونيًا ماذا سيكون موقف المجتمع الدولي منا؟ يجيب:quot; علينا ان نتذكر ان المحكمة انشئت بعد الخلافات التي حصلت في لبنان، وتمنّع فريق من الفرقاء بالقبول بمبدأ المحكمة، صدر قرار من مجلس الامن، من يخالف قرارات مجلس الامن هناك بنود كثيرة منها عقوبات اقتصادية، وسياسية، ومنها إعلان لبنان دولة مارقة، وهذا يترتب عليه الكثير من المخاطر.

ويضيف:quot; اعتقد ان الحكومة غير قادرة على ركوب هذا المركب الخطر، وستكون الضربة قاتلة جدًا، ونحن اذا كنا بالفعل ابرياء، علينا ان نسلك طريقًا آخر غير هذا الطريق، ان الطريق الذي ينجينا اذا كنا ابرياء هي ان نحضّر دفاعاتنا والمحامين، وان نوكل الامر إلى اكثر المحامين كفاءة، والا سنُعتبر حكمًا متورطين بجرائم القتل، ولا منجاة لذلك مهما طال الزمن.

وردًا على سؤال ما هو المخرج القانوني في البيان الوزاري الذي قد يرضي جميع الاطراف في ما خص المحكمة الدولية؟ يجيب حمدان:quot; لا يمكن في قضايا العدالة ان يكون هناك تسويات، لا نستطيع ان نحجب الشمس بمظلة ضد المطر، نحن دولة وعضو في الامم المتحدة، وفي جامعة الدول العربية، وانظار العالم مسلطة علينا، فلا نستطيع ان نختبئ وراء أصابعنا، لنمرر الامور، نحن امام محكمة دولية واما ان نكون معها واما ضدها، وكل امر آخر يكون قاتلاً بعيارات مختلفة، فاذا انكرناها او تجاهلناها يكون الخطأ قاتلاً، واذا حاولنا السير بين النصوص، نكون كمن يضحك على نفسه، ولا تؤدي الى اية نتيجة، انما تؤدي الى الموت ببطء.

نيل الثقة

عن امكانية نيل الحكومة الثقة اذا ما اغفلت بند المحكمة الدولية يقول حمدان:quot; الحكومة قادرة على أخذ الثقة، إلا اذا كانت هناك ردات فعل عند بعض اعضاء الاكثرية الجديدة من الحقوقيين الذين يعرفون مخاطر تجاهل المحكمة الدولية، او التنكر لها، قد يقدمون واجبهم الوطني والمعنوي والاخلاقي، على انتمائهم السياسي، وساعتئذ قد تتعرض الحكومة الى عدم نيل الثقة.

حول صدور القرار الاتهامي وموقف الحكومة اللبنانية منه في حال اغفلت بند المحكمة الدولية يقول حمدان:quot; لا نعرف متى سيصدر القرار الاتهامي، ولكن على سبيل الافتراض انه صدر وتناول بعض الاشخاص من لبنان، ان واجب الدولة اللبنانية ان تسلمهم، ويمكن ان تكون الدولة عاجزة وتقرر عدم التسليم، وهذا ايضًا خطأ قاتل يمكن الدولة في هذه الحالة ان تعلن عجزها عن القيام بواجباتها فيتولى الانتربول الدولي مهمة إلقاء القبض على المتورطين، ولكن تمنياتي الا يكون اي لبنان متورطًا في جريمة اغتيال رفيق الحريري او في اية جريمة اخرى من الجرائم الملحقة بها.

تحديات

وتحدث حمدان عن التحديات في مختلف المجالات التي تنتظر الحكومة الجديدة فأشار إلى انها كثيرة ومتنوعة، والتحدي الاول هو المحكمة الدولية، اما الثاني فيتمثل بتحدي احترام القرارات الدولية، والثالث هو تحد اقتصادي، والرابع هو الفراغ في مؤسسات الدولة اذا لم يحصل في دولتنا خلال تاريخها، ان شغرت مراكز من الصف الاول، من القيادات الامنية والمدراء العامين والسفراء، حتى اصبحنا كأننا شبه دولة وليس دولة كاملة الاركان، ويضاف الى ذلك وهو الاخطر، موضوع السلاح اي السلاح الفلسطيني والمنتشر بأيدي الناس في كل المناطق، وسلاح المقاومة، طالما ان الدولة لا تمتلك هي السلاح، وحرية اعلان الحرب والسلم، فلبنان يبقى مهددًا باشد الاخطار.

وتمنى حمدان ان يكون هناك حكمة عند جميع القيادات والمقاومة ان يعرفوا الا منجاة لاحد الا بسلاح الدولة وسلطتها على كامل اراضيها، وانتشار المؤسسات وعملها كما يجب، لانه لا يجوز ان يبقى في لبنان مناطق محظورة على سلطة الدولة الامنية والقضائية، وغيرها، ونحن بالتالي نعيش في حالة الخطر الشديد.

وناشد حمدان جميع اهل الفكر والذين لا يقدمون على حب لبنان اي حب آخر، واي ولاء لاية دولة على الولاء للدولة اللبنانية، ان ينسوا خلافاتهم، وتحزباتهم، وان يخرجوا من شرنقة 8 و14 آذار/مارس، ان يوحدوا صفوفهم، حتى يبقى لنا لبنان، علينا ان نتذكر ان المنطقة تمر بمخاض عسير، وكل اهل الفكر يحذرون، علينا ان نلتف كي ننقذ لبنان، والا اصبحنا مجموعة من القبائل المشردة وقد نخسر هويتنا في يوم من الايام.