أكد وزير العدل الدكتور محمد العيسى أن القضاء السعودي مستقل ولا أحد يتدخل فيه مبينا أن حق التقاضي مكفول للجميع، لافتا إلى ضرورة التفريق بين الحرية والفوضى.


الرياض:أكد وزير العدل الدكتور محمد العيسى أن القضاء السعودي مستقل ولا أحد يتدخل فيه quot;وليس لدينا قضاء استثنائي, وحق التقاضي مكفول للجميع، ولا يجوز إخفاء أي مستندات في القضية عن أي من أطراف الدعوى بذريعة سريتهاquot;, وقال: إن الحرية المنضبطة مكفولة لجميع المواطنين والمقيمين، ولكن يجب أن نفرق بين الحرية والفوضى. مشيراً إلى أن الضمانات القضائية تحمي رأس المال الأجنبي في المملكة، وأسهمت في نمو الاستثمارات الأجنبية.

وزير العدل السعودي

وقال: إن القضاء السعودي يوقع عقوبات جسيمة على الجريمة الإرهابية لانطوائها على جرائم عديدة، وأشار إلى الدعم الذي يقدم للمحامين السعوديين، وأنه لا تفرض أي ضرائب عليهم، مشيراً إلى أن الأنظمة لا تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.

وقال وزير العدل: إن عدالة المملكة تحتفي بالمعاني الأخلاقية والإنسانية الرفيعة كافة، التي ترعى وتحمي حقوق الإنسان، وتعتبرها من أثمن القيم والأجدر بالمحافظة عليها في إطار الضمانات التي أكدت عليها الشريعة الإسلامية وأنظمة الدولة، مستدلاً على ذلك بأن الله تعالى كرّم الإنسان على غيره، ولا مجال للإساءة لهذه الكرامة الإلهية، وبيّن أن هناك مشتركاً إنسانياً في مفاهيم العدالة، لكن الاختلاف في التفاصيل والمدارس، وبعض اختلافاتها محورية.

جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها عن quot;العدالة في المملكةquot; مساء أمس، في المؤتمر الدولي للاتحاد المحامين المنعقد بمدينة ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي يضم قرابة ألف محام وحقوقي و 150 نقيب محاماة, وشهدت نقاشاً ساخناً مع المحامين الأمريكيين.

وقال وزير العدل في محاضرته: إن تاريخ نظام السلطة القضائية في المملكة يعود إلى ما يقارب 100 عام، وأن هناك إجراءاتٍ استقرَّ عليها عرف القضاء في ذلك الوقت، شكلت حجر الأساس للنظام، لتتحول فيما بعد إلى أنظمة مكتوبة مثلت بمجموعها نظام السلطة القضائية، جاءت على مراحل زمنية متتالية، شملت نظام السلطة القضائية العام، ونظام القضاء الإداري، وإجراءات التقاضي في الموادّ المدنيّة، والتجاريّة، والأحوال الشخصية، والجنائيّة، والإداريّة.

واستعرض وزير العدل أهم القواعد التي ارتكزت عليها العدالة في المملكة، حيث اعتمدت نصوص الشريعة الإسلامية مصدراً للأحكام القضائية، من خلال اعتماد التفسير الصحيح لوجهات النظر المختلفة في فهم النص والاستنباط منه، مبيناً أن التنوع والاختلاف في تفسير النصوص أثرى المادة الفقهية بثروة علمية، حيث لا يوجد نظرية حقوقية صحيحة إلا ولها أصل قوي في معطيات هذا الثراء الفقهي, مؤكداً أن أهم القواعد التي ارتكزت عليها العدالة في المملكة استقلال القضاء, ونشر الأحكام القضائية, وعلانية الجلسات.

وأفاد أن من ضمانات العدالة في المملكة أن حق التقاضي مكفول للجميع بموجب دستور الدولة، وكذلك الحق في اللجوء للقضاء الطبيعي، إلى جانب مبدأ المساواة أمام القضاء, وحق كل شخص في المثول أمام القضاء للدفاع عن نفسه أو توكيل محام عنه, وعدم جواز إخفاء أي من مستندات القضية عن أي من أطراف الدعوى بذريعة سريتها متى كان من شأنها التأثير في مسار القضية.

وأشار إلى أن من ضمانات العدالة إنشاء محكمة مبادئ ونظام، وهي المحكمة العليا في القضاء العام، والمحكمة الإدارية العليا في القضاء الإداري، وتُعنيان حسب اختصاص كل منهما بالمحافظة على المبادئ القضائية وجمعها والمحافظة على سيادة التشريع, مشيراً إلى تشجيع الأخذ بمفهوم quot;القضاء البديلquot; للتخفيف على المحاكم وتسهيل الإجراءات على المتقاضين، وحفظ العلاقة بينهما في إطارها التصالحي، مشدداً على أن التحكيم عنصر مهم في إنهاء القضايا.

وأشار إلى موضوع التحكيم وقال: إنه عنصر مهم في إنهاء القضايا, مفيداً بأنه يدخل في هذا الموضوع الأحكام الصادرة من محاكم أجنبية التي يُطلب من المملكة تنفيذها على أراضيها، مؤكداً أن القضاء السعودي لا يتدخل في الموضوع ويهمه عدم مخالفة نظامه العام.

وأوضح أن القضاء في المملكة هو حارسُ المشروعية وحامي الحقوق والحريات، التي ضمنتها أحكام الشريعة الإسلامية، وأنظمة الدولة, ونقصد الحرية المنضبطة والمسؤولة، والتي تحترم النظام العام للدولة، ولا تتجاوز المفهوم الصحيح لمعنى الحرية، لأننا يجب أن نفرق بين الحرية والفوضى، وبين الحرية والإخلال بالنظام العام.

وأكد وزير العدل على تقديره لمهنة المحاماة، مشيراً إلى أنها تمثل الجانب الثاني من العدالة وهو الجانب الواقف, وقال: إن المحاماة من أهم أعوان القضاء، وإنها شريكه المصاحب واليومي في إيصال العدالة, فهي مهنة الحرية والكرامة والكفاح، وظيفتها حماية الحقوق، ووسيلتها الكلمة الصادقة وسندها التشريع.

وأشار إلى أن الضمانات القضائية تحمي رأس المال الأجنبي في المملكة وفق مبادئ قضائية ومواد نظامية واضحة، مشيراً إلى أن الضمانات القضائية أسهمت في نمو الاستثمارات الأجنبية في المملكة.

وبيّن الدكتور العيسى أن قضاء السعودية يعاقب على الجريمة الإرهابية بعقوبة جسيمة، آخذاً في اعتباره ظرفها المشدد، وانطواءها على جرائم عديدة حسب التكييف الذي استقر عليه النظر القضائي، وذلك نظراً لأبعادها الخطيرة التي تصفها بالجريمة الفوقية في التدرج الإجرامي.

ولفت وزير العدل إلى أن السعودية منفتحة على غيرها إيجاباً، وهي أول من بادر برفع راية حوار الحضارات والثقافات والأديان.

وأوضح أن العدالة في السعودية تجرم بشدة الاتجار بالبشر، وغسل الأموال، وتهريب وترويج واستخدام المخدرات، وتتعامل مع جرائمها بكل قوة وحزم في إطار مبادئ وقواعد العدالة والتشريعات المحلية.

وأشاروزير العدلإلى أن المحامي السعودي يجد كل الدعموالمعونة وليس عليه أي أعباء ضريبية، تقديراً من الدولة لهذه المهنة وانطلاقاً منفكرة أن المحاماة تسند العدالة وأن العدالة لا تقدر بثمن.

وعن التحديثات الأخيرة لنظام السلطة القضائية أكد أن نظام العدالة في المملكة لم يعش أي لحظة فراغ وأن التحديثات في نظام القضاء هي في الواقع مكملات تطويرية تمليها مستجدات الواقعة القضائية والأفكار الإجرائية الجديدة.

وختم وزير العدل محاضرته بالتعريف بمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، لتطوير مرفق القضاء المتزامن مع صدور نظام السلطة القضائية الأخير، وتم دعم المشروع بمليارات الريالات، مبيناً أن وزارة العدل شرعت في تنفيذ ما يخصها من المشروع.