يرى خبراء ومراقبون تحدثوا لـquot;إيلافquot; أن المبادرة العربية الخاصة في سوريا ولدت ميتة ويعتقدون أنها تضع نهاية لنظام الرئيس بشار الأسد والجامعة في آن واحد لأن الأخيرة ستفقد مصداقيتها وستحولها إلى منظمة تمنح الشرعية للتدخل الغربي.


التظاهرات في سوريا مستمرة رغم المبادرة

توقع خبراء ومحللون سياسيون أن المبادرة العربية لإنهاء العنف في سوريا لن تصمد طويلاً، واعتبروا أن تلك المبادرة ترسم نهاية لكل من نظام الرئيس السوري بشار الأسد والجامعة العربية معاً، لأنها تنص في أحد بنودها على السماح بالتدخل الأجنبي في سوريا إذا فشلت الجامعة العربية في حل الأزمة.

وأكدوا أن الجامعة سوف تفقد مصداقيتها للأبد، لاسيما أنها تحولت إلى منظمة تمنح الشرعية للتدخل الأجنبي في الدول العربية، على غرار ما حدث في ليبيا، ومن قبلها العراق.

مكاسب وقتية للمعارضة والنظام

ووفقاً للدكتور مصطفي اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والسياسية فإن المبادرة في حد ذاتها جيدة، وتحقق مكاسب للنظام السوري والمعارضة في الوقت نفسه، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن المكاسب للنظام السوري تتمثل في أن صار لديه غطاء عربي، يحميه من الحديث عن التدخل الأجنبي، ويمكنه كسب المزيد من الوقت من أجل إعادة ترتيب أوراقه، والحد من الانشقاقات التي تحدث في الجيش. مشيراً إلى أن المعارضة تعتقد أنها رابحة أيضاً، حيث تم الإعتراف بها عربياً، وصارت طرفاً شرعياً يعبر عن الثورة.

وجدت لتنقض

لكن اللباد أكد في الوقت نفسه أن تلك المكاسب تعتبر مكاسب وقتية، إذ إن المبادرة لن تصمد طويلاً، لأن صياغتها جعلت منها مبادرة وجدت لتنقض، موضحاً أن الصياغة تسمح لكلا الطرفين النظام والمعارضة بنقضها واتهام الطرف الآخر بأنه من بدأ بنقضها. وأشار إلى أن المبادرة تلزم النظام السوري بسحب الآليات العسكرية خارج المدن والقرى، وإلزامه بالسماح لوسائل الإعلام العربية والأجنبية بالحضور إلى سوريا، الأمر الذي سيسمح باستمرار التظاهرات وزيادة زخمها، ما يضطر النظام للتعامل معها بالطريقة الوحيدة التي يجيدها، ألا وهي العنف المفرط. ما يعطي مبرراً للمعارضة للتصعيد وطلب التدخل الأجنبي.

شرعنة التدخل الأجنبي

وحسب رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والسياسية فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، حيث إن المبادرة تسمح في أحد بنودها بالتدخل الأجنبي في حالة فشلها في حل الأزمة، ما يعني أنه تعتبر المسمار الأخير في نعش النظام السوري والجامعة العربية معاً، موضحاً أن الجامعة سوف تتحول إلى مجرد مؤسسة أو منظمة لمنح صك الشرعية للغزو الأجنبي للبلاد العربية، على غرار ما حدث في العراق ثم ليبيا. وعندها لن تقوم للجامعة العربية قائمة مرة أخرى.

وأكد اللباد أنه ليس معنى ذلك أنه يقف في صف النظام السوري القمعي الإستبدادي في مواجهة الثورة، لكنه يخشى سقوط دولة عربية جديدة بفضل التدخل الأجنبي سواء بالشكل الموجود في العراق أو النموذج الليبي.

ولدت ميتة

ويرى الدكتور حازم منصور، أستاذ السياسة الدولية في جامعة القاهرة، إن المبادرة العربية ولدت ميتة، ففي الوقت الذي أعلن فيه النظام السوري قبول المبادرة، وبينما كان العرب مجتمعين في مقر الجامعة في القاهرة، كانت آلة القتل التابعة للنظام السوري تعمل بجد واجتهاد، حيث سقط نحو سبعة قتلى، وقتل عشرة آخرون عشية الإعلان عن قبولها.

وقال منصور لquot;إيلافquot; إن المبادرة على أهميتها، لكنها ليست ذات قيمة، ما لم تتوافر الآليات التي يمكن بها للجامعة العربية إتخاذ إجراءات حاسمة حيال النظام أو المعارضة في ما إذا حاول أي منهما إختراقها، مشيراً إلى أن الجامعة العربية منظمة خاصة بالأنظمة الحاكمة، ويبدو أنها تحاول الحيلولة دون سقوط نظام رابع ينتمي إلى الفصيلة الإستبدادية التي تضم غالبية تلك الأنظمة، فهاهي تطيل عمر نظام على صالح في اليمن من خلال مبادرة مماثلة، وتقوم بالسيناريو نفسه مع بشار الأسد.

لن تستمر طويلاً

وإنتقد منصور الجامعة في اللجوء إلى هذا المسلك، وقال إنها تبدو وكأنها غير معنية بالشعوب أو معاناتها، مشيراً إلى أنها لجأت إلى تلك المبادرة بعد تزايد الضغوط الدولية على الأسد، وتخلي تركيا عنه، وتوقع ألا تستمر تلك المبادرة طويلاً، وسوف تصعد المعارضة من ضغوطها دولياً، ليحدث ما يخشاه الجميع، لأن النظام لن يتخلى عن القمع، ولن يترك سوريا إلا مدمرة خربة، لأنه يعلم جيداً أن إرادة الشعوب صارت أقوى، لاسيما بعد نجاح ثلاثة شعوب عربية في تونس ومصر وليبيا في إسقاط ثلاثة من أعتى الديكتاتوريين في العالم.

مؤامرة وليست مبادرة

وعلى الجانب الآخر، ترى المعارضة السورية في الخارج أن تلك المبادرة الهدف منها إطالة عمر النظام، وليست مبادرة تهدف إلى حقن دماء الشعب السوري، ووصف أحمد رياض غنام المعارض السوري في القاهرة المبادرة بأنها quot;مؤامرةquot;، وقال لـquot;إيلافquot; إن تلك المبادرة تم الإتفاق عليها مع أطراف في المجلس الوطني السوري غالبيتهم لا يمثلون المعارضة أو الشعب السوري.

مشيراً إلى أن الهدف منها حماية النظام من الإنهيار، وتساءل: كيف يقتل النظام السوري نحو سبعة آلاف شخص خلال ستة أشهر، وتتحدث الجامعة العربية عن الحوار معه؟ كان من الأولى أن تشكل لجنة تحقيق في جرائم القتل والإبادة للشعب السوري. ونوه غنام بأن نظام بشار الأسد سوف يستغل تلك الفرصة من أجل إشعال حرب طائفية في البلاد، بعد تزويده بعض الطوائف الصغيرة بالسلاح، والإيحاء إليهم بأن السنة يشكلون خطراً على حياتهم. فضلاً عن انتشار السلاح بأيدي الشبيحة، والمنشقين عن الجيش الذين يعملون على حماية الشعب السوري الأعزل من الشبيحة وقوات الأمن الوحشية.

الفرصة الأخيرة

ولفت غنام إلى أن المبادرة تأتي في سياق الفرص الكثيرة التي منحها المجتمعان الدولي والعربي لطفلهم المدلل بشار الأسد، من أجل سحق الثورة، وتركيع الشعب السوري، فمنذ أشهر قليلة منحته تركيا فرصة ثلاثة أسابيع، ومنحته روسيا والصين مهلة طويلة بعد استخدام الفيتو ضد قرار إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وها هي الجامعة العربية تمنحه فرصة جديدة، وقد انتهز الفرصة سريعاً، حيث سقط نحو سبعة قتلى في اليوم الذي تم الإعلان فيها رسمياً عن قبول المبادرة، وفي اليوم التالي سقط خمسة قتلى. غير أن غنام إعتبرها الفرصة الأخيرة للنظام، متوقعاً أن يسقط بعدها، لأن الشعب السوري يعي جيداً تفاصيل المؤامرة عليه.