تجد الحكومة البريطانية نفسها مكتوفة الأيدي أمام ترحيل مجرمين أجانب تعتبرهم خطرًا على المجتمع. لكنها تعجز عن ترحيلهم، لأن هؤلاء يتمسكون بحقهم الإنساني في البقاء مع أسرهم. وترد الحكومة بالقول إن تكوين هذه الأسر يتم لأغراض إجرامية فقط في العديد من الأحوال.


أجانب محكومون في بريطانيا يتحايلون على حقوق الإنسان من أجل عدم ترحيلهم

صلاح أحمد من لندن: يقضي القانون البريطاني بوجوب إعادة الأجانب إلى بلادهم بعد عقابهم، في حال إدانتهم بارتكاب جرائم جنائية، وسجنهم لأكثر من سنة.

لكن وزارة الداخلية تقرّ الآن، وللمرة الأولى، بأن هؤلاء يلجأون إلى حيلة، يقنعون بها القضاة بالامتناع عن إصدار الأوامر بترحيلهم، وهي أن الترحيل laquo;ينتهك حقوقهم الإنسانية الأسريةraquo;، خاصة وأنهم laquo;آباء لأطفالraquo;.

لهذا أعلنت الحكومة البريطانية أنها في صدد اتخاذ عدد من الخطوات laquo;لأجل حماية المجتمع من أولئك الذين يشكلون تهديدًا عليهraquo;. بل مضت إلى حد التلويح بتغيير قوانين الهجرة نفسها لهذا الغرض.

وتقول الوزارة إن ثمة فئة من المجرمين تلجأ إلى الزواج والإنجاب laquo;فقط كدرع واق من يد قوانين ترحيل الأجانبraquo;. وتصديقًا على هذا الكلام، على حد قولها، فإن عددًا ملحوظًا من هؤلاء أنجب طفلاً على الأقل من أكثر من امرأة، رغم أنه يكاد لا يرى laquo;أسرتهraquo; إلا لمامًا، أو لا يراها على الإطلاق.

يذكر أن القانون البريطاني ينصّ على وجوب الترحيل التلقائي لأي مهاجر في حال تلقيه عقوبة السجن لفترة تزيد عن 12 شهرًا. لكن قضاة المحاكم يجدون أنهم عاجزون عن وضع هذا البند موضع التنفيذ في أحيان عدة.

يعود هذا إلى أن المادة الثامنة في قانون حقوق الإنسان تكفل للجميع laquo;الحق في الحياة الأسريةraquo;. وهذا يعني بشكل واضح أن السلطات تعجز في السواد الأعظم من الحالات عن إعادة المجرمين الأجانب إلى بلادهم، لأن لديهم روابط أسرية في بريطانيا.

تبعًا لعدد من الصحف، التي أبرزت النبأ الاثنين، فمن شأن الإقرار الحكومي الرسمي أن يعزز ساعد أولئك، الذين ظلوا يدعون إلى سد الثغرات في قوانين حقوق الإنسان، بحيث يصبح ممكنًا ترحيل الأجانب، الذين laquo;يشكلون خطرًا على المجتمع، بغضّ النظر عما تكفله لهم مواثيق حقوق الإنسان، ومنها العيش الآمن في رحاب الأسرةraquo;.

أدلى الرجلان، اللذان يجلسان على قمة السلك القضائي في بريطانيا ndash; وهما كبير القضاة لورد جادج ورئيس المحكمة العليا لود فيليبس ndash; بدلوهما في المسألة. فقالا لوسائل الإعلام إن الأرجح في معظم الحالات بالنسبة إلى المحاكم البريطانية أن تعطي اليد الطولى لقوانين حقوق الإنسان على حساب قوانين البلاد الجنائية.

ويعني هذا ضمنيًا أن فرص المجرم الأجنبي، المعاقب بالسجن لفترة تزيد عن سنة، في نيل حق البقاء أفضل داخل بريطانيا نفسها مقارنة بفرصه في حال رفع الأمر إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

من هذا المنطلق قال وزير العدل البريطاني، كين كلارك، إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى على وجوب أن تعنى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان laquo;فقط بالقضايا الخطرة من حيث المبدأraquo;. وقال إن انتهاك المجرمين القوانين الجنائية باستغلال قوانين الإنسان الأسرية، من أجل البقاء في بريطانيا، laquo;يجب أن يقنع دول الاتحاد الأوروبي بعدالة ذلك المطلبraquo;.

من جهته، قال ناطق باسم وزارة الداخلية إنه من أجل منع أي تضارب محتمل بين القوانين الجنائية وقوانين حقوق الإنسان، بما يسمح للمجرمين بالبقاء في البلاد، رغم الخطر الداهم الذي يشكلونه على المجتمع، فإن الوزارة ستسعى إلى إصلاح الأسس التي تقوم عليها قوانين الهجرة نفسها.