معتقل غوانتانامو

تكشف معلومات جديدة عن إتباع الاستخبارات البريطانية سياسة التعذيب للمعتقلين لانتزاع المعلومات منهم، ورغم تعديل هذه التعليمات في وقت سابق من العام الماضي إلا أن منظمات حقوقية تتحدث عن وجود ثغرات خطرة.


كشفت وثيقة سرية أن ضباطا في جهازي الاستخبارات الخارجية والداخلية البريطانيين سُمح لهم بانتزاع معلومات من سجناء كانوا يتعرضون للتعذيب.

وتبين الوثيقة التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان أن سياسة الاستجواب التي كانت متبعة تتضمن الايعاز إلى ضباط كبار في الاستخبارات بتقدير أهمية المعلومات المنشودة على اساس حجم الألم الذي يتوقعون إنزاله بالسجين.

ويُعتقد أن تفاصيل هذه السياسة حساسة بحيث يتعذر الكشف عنها خلال التحقيق الحكومي في دور بريطانيا في ممارسة التعذيب ونقل المشتبه فيهم إلى سجون سرية. واستمرت الحكومة في اعتماد هذه السياسة قرابة عقد من الزمن، كما تشير الوثيقة.

ويتضح من الوثيقة أن مسؤولين كباراً في الاستخبارات ووزراء في الحكومة كانوا يخافون من وقوع هجوم إرهابي يستهدف البريطانيين إذا عرف اسلاميون متطرفون بوجود مثل هذه السياسة.

وتنقل صحيفة الغارديان عن الوثيقة انه quot;إذا توفرت امكانية الحصول على معلومات من خلال المعاملة السيئة للمعتقلين فان النتائج السلبية قد تشمل وقوع آثار ضارة على الأمن القومي إذا كُشفت في العلن حقيقة سعي الجهاز الى الحصول على معلومات أو قبولها في هذه الأحوالquot;.

وتمضي الوثيقة قائلة quot;إن من الجائز أن يسفر مثل هذا الكشف عن مزيد من التطرف مؤدياً إلى تزايد خطر الارهابquot;. وتضيف أن الكشف يمكن أن يضر بسمعة اجهزة الاستخبارات وقد ينال هذا من فاعليتها.

وتكشف الوثيقة التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان استمرار سياسة الاستجواب سرا حتى أُعيد النظر بها بناء على اوامر من الحكومة الائتلافية في تموز/يوليو الماضي.

كما تعترف الوثيقة بأن ضباط جهازي الاستخبارات الداخلية أم5 والخارجية أم6 ربما خرقوا القوانين البريطانية والقانون الدولي بطلب معلومات من سجناء محبوسين في بلدان أجهزتها الأمنية معروفة بممارسة التعذيب.

وتشرح الوثيقة اسباب الحاجة إلى توفير غطاء سياسي لأي عمل اجرامي محتمل يرتكبه ضباط الاستخبارات البريطانيون بالتشاور مع الوزراء المعنيين مسبقا.

وأُبلغ ضباط الاستخبارات الخارجية والداخلية البريطانية بسياسة الاستجواب هذه أول مرة في افغانستان في مطلع عام 2002 لتمكينهم من الاستمرار في استجواب سجناء يعرف الضباط أنهم يتعرضون إلى معاملة سيئة على ايدي محققي الجيش الأميركي.

وأُدخل تعديل طفيف على السياسة في ذلك العام قبل أن تعاد صياغتها في عام 2004 بعدما اصبح واضحا أن عددًا كبيراً من المسلمين البريطانيين الذين دفعهم غزو العراق إلى التطرف، كانوا يخططون لتنفيذ هجمات ضد اهداف بريطانية.

وعُدلت السياسة مرة أخرى في تموز/يوليو عام 2006 خلال التحقيق في مخطط لاسقاط طائرة ركاب فوق المحيط الأطلسي. ونظراً لتعذر الكشف عن وثيقة الاستجواب هذه ووثائق مماثلة خلال التحقيق في تواطؤ بريطانيا مع اعمال التعذيب والسجون السرية فان منظمات لحقوق الانسان ومحامين رفضوا تقديم افادات أو حضور جلسات فريق التحقيق بسبب غياب quot;المصداقية والشفافيةquot;.

ويأتي قرار 10 منظمات بينها منظمة العفو الدولية وليبرتي بعد نشر بروتوكولات التحقيق التي تبين أن القرار النهائي بشأن إذاعة المواد التي يكشف عنها التحقيق بقيادة السر بيتر غبسون، يعود الى امانة مجلس الوزراء.

وسيبدأ التحقيق بعد استكمال تحريات الشرطة في اتهامات بممارسة التعذيب.

وانتقدت بعض المنظمات تعيين غبسون وهو قاض متقاعد، رئيسًا للجنة التحقيق لأنه عمل في السابق مفوضًا لأجهزة الاستخبارات مهمته الاشراف على استخدام الوزراء صلاحية مثيرة للجدل تجيز لهم تعطيل القوانين الجنائية والمدنية البريطانية لتوفير قدر من الحماية لضباط الاستخبارات البريطانية الذين يرتكبون جرائم في الخارج. ولكن الحكومة تنفي وجود تضارب في المصالح بتعيين القاضي غبسون.

تحمل الوثيقة السرية عنوان quot;سياسة الأجهزة الاستخباراتية في الارتباط مع الأجهزة الامنية والاستخباراتية الأجنبية بشأن معتقلين قد يتعرضون لمعاملة سيئةquot;. وجرى توزيعها على ضباط استخبارات يعدون اسئلة لطرحها على المعتقلين.

وصدرت وثائق أخرى تتعلق بقضايا ذات صلة بينها قيام ضابط الاستخبارات باستجواب المعتقلين وجها لوجه.

وصدرت تعليمات جديدة بعد انتخابات 2010 على اساس أن الحكومة الائتلافية برئاسة ديفيد كاميرون quot;عازمة على حل مشاكل الماضيquot; وتريد اعطاء quot;قدر أكبر من الوضوح بشأن ما هو غير مقبول في المستقبلquot;. ولكن منظمات لحقوق الإنسان أشارت الى وجود ثغرات خطرة في التعليمات الجديدة يمكن أن تبيح لضابط الاستخبارات الخارجية والداخلية أن يواصلوا دورهم في تعذيب السجناء في الدول الأخرى.

واستمعت المحكمة العليا قبل أيام إلى طعن في شرعية التعليمات الجديدة قدمته مفوضية المساواة وحقوق الانسان. ومن المتوقع ان يصدر الحكم في الطعن في وقت لاحق من هذا العام.