لندن: تواجه الدبلوماسية البريطانية مع عواصم اوروبية اخرى حرجا واضحا ازاء انهيار انظمة لطالما دعمتها في الشرق الاوسط، ولكن في حالة ليبيا فان اعتداء لوكربي يجعل موقفها اكثر احراجا بحسب ما يرى محللون.

وتاتي ادانة لندن للقمع الدموي الذي يمارسه الزعيم الليبي معمر القذافي بحق المتظاهرين في بلاده، بعد حوالى عقد من التقارب مع هذه الدولة النفطية بالرغم من الاعتداء على الطائرة التابعة لشركة بانام فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية الذي اوقع 270 قتيلا في 21 كانون الاول/ديسمبر 1988.

غير ان الخبراء يشيرون الى ان المبادرات البريطانية حيال طرابلس مثل اطلاق سراح الليبي عبد الباسط المقرحي المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضية هذا الاعتداء عام 2009، لم تعط بريطانيا وزنا حقيقيا او مكاسب في علاقاتها مع القذافي.

وراى مولي ترحوني الخبير في الشؤون الليبية في معهد تشاتام هاوس ان قيام لندن quot;بالتخلي عن مبادئها بهذه السرعة وبهذه السهولة وخصوصا في قضية لوكربيquot; لم يساهم في زيادة نفوذها في ليبيا.

وقال quot;ان تنديد (الحكومة البريطانية) بما يجري حاليا لا يحجب كونها اقامت علاقات من امد بعيدquot; مع ليبيا.

وبعدما باتت ليبيا دولة منبوذة بعد اعتداء لوكربي، عادت تدريجيا الى صفوف المجتمع الدولي بعدما وافقت على دفع تعويضات لعائلات القتلى ال270 في تفجير الطائرة.

واستعاد القذافي اعتباره كاملا حين قام رئيس الوزراء البريطاني انذاك توني بلير بزيارة الى طرابلس وصافحه تحت خيمته وقد تصدرت صورة مصافحتهما وسائل الاعلام البريطانية منذ اندلاع التظاهرات واعمال العنف في ليبيا.

وافرجت الحكومة الاسكتلندية عن المقرحي في اب/اغسطس 2009 لاسباب انسانية بعد ان قال اطباؤه انه مصاب بسرطان البروستات وانه لم يبق امامه سوى ثلاثة اشهر ليعيش. ولا يزال المقرحي على قيد الحياة بعد اكثر من 18 شهرا على عودته الى ليبيا.

واثار اطلاق سراحه وعودته الى ليبيا حيث لقي استقبال الابطال غضبا واستنكارا في الولايات المتحدة التي يتحدر منها معظم الضحايا.

ونفت لندن ان تكون خضعت لضغوط مجموعة بي بي النفطية التي كانت تسعى لتوسيع اعمالها في ليبيا، غير ان تقريرا رسميا خلص مؤخرا الى ان الحكومة البريطانية السابقة العمالية بذلت quot;كل ما بوسعهاquot; لمساعدة ليبيا على اقناع اسكتلندا باطلاق سراح المقرحي.

وعاد هذا الجدل ليطرح نفسه مجددا مع تاكيد وزير العدل الليبي السابق مصطفى عبد الجليل بان القذافي امر شخصيا بتنفيذ اعتداء لوكربي.

غير ان لورد ديفيد تريفغارن رئيس مجلس الاعمال الليبي البريطاني راى ان بريطانيا كانت على حق بالترحيب بعودة ليبيا الى صفوف المجتمع الدولي بعد العام 2003.

واقامت بريطانيا وايطاليا، القوة المستعمرة السابقة في ليبيا والشريك التجاري الرئيسي لهذا البلد، علاقات وثيقة مع طرابلس.

وقال لورد تريفغارن متحدثا لشبكة سكاي نيوز التلفزيونية quot;اننا دولة تجارية .. علينا تعاطي التجارة مع عدد من الدول التي نختلف معها بشكل كبيرquot;.

واشار الى ان حكومة ديفيد كاميرون اقامت مع ليبيا علاقات مماثلة لعلاقات الحكومات السابقة مع هذا البلد.

وتظاهر مئات الاشخاص الثلاثاء امام مكتب كاميرون وقام بعض المتظاهرين بتبديل العلم المرفوع في السفارة الليبية في لندن ورفعوا محله لفترة وجيزة علم الملكية السابق للثورة في هذا البلد.

وقال هشام بن غلبون احد منظمي التظاهرات quot;ليس من الجيد بالنسبة للدول الديموقراطية ان تكون على ارتباط وثيق مع نظام ايديه ملطخة بالدماء الى هذا الحدquot;.