في ظل التظاهرات المطالبة برحيل العقيد معمر القذافي، وفي أعقاب الخطاب الذي أدلى به سيف الإسلام مؤخراً ولوح خلاله بالحرب الأهلية، لا يلوح في الأفق خلفاء أو حركات معارضة تنتظر تولي مقاليد الحكم في البلاد إذا ما أُجبِر القذافي على ترك منصبه.


في وقت بدأت تموج فيه تطورات الأحداث المتلاحقة بصورة سريعة للغاية في ليبيا بتغيرات من شأنها أن تنذر بقرب انتهاء عصر العقيد معمر القذافي، في ظل تواصل الاحتجاجات المطالبة برحيله في مختلف المدن والأحياء، لا يلوح في الأفق الآن خلفاء واضحون أو حركات معارضة تنتظر تولي مقاليد الحكم في البلاد، إذا ما أُجبِر القذافي على ترك منصبه بعد عقود سُحِقَت فيها المعارضة السياسية وفُتِّت المجتمع.

وقد اتفق أكاديميون ومحللون ودبلوماسيون حتى وقت قريب على أن الأقرب لخلافة القذافي هم أبناؤه، ويأتي في مقدمتهم نجله سيف الإسلام، صاحب الفكر الإصلاحي. لكن يبدو أن هذا الخيار قد اختفى ولم يعد له وجود، في أعقاب الخطاب التلفزيوني الذي أدلى به سيف الإسلام مؤخراً، وحذر فيه من احتمالية نشوب quot;حرب أهليةquot;، بينما كان يتعهد إجراء إصلاحات في وقت متأخر من مساء يوم الأحد الماضي.

وقال في هذا الشأن تشارلز جوردون، وهو خبير محنك في الشؤون الليبية في مؤسسة ميناس اسوشييتس الاستشارية في لندن: quot;يعتبر سيف الإسلام العضو الأكثر تأييداً للغرب والأكثر ليبرالية في عائلة القذافي، والأكثر اتصالاً بالشباب - لكنه نسف ذلك. كما أن أي فكرة كان بإمكانه أن يتبناها قد ولَّت وذهبت الآن بلا رجعةquot;.

وفي سياق تصريحات نقلتها عنه اليوم صحيفة الغارديان البريطانية، قال أيضاً جورج جوف، الخبير في شؤون المغرب العربي في جامعة كامبردج: quot;لقد دمر القذافي أي آمال تبشر باحتمالية خلافة نجله له من خلال اللعب بهم ضد بعضهم البعض. وإذا رحل، سترحل معه الأسرة بأكملها. وإذا انهار النظام، فإن كل من كان على صلة به سيتأثرquot;.

وقال أحد العمال الليبيين: quot;جميع الأشخاص المألوفة وجوههم على شاشة التلفزيون تربطهم صلة بالقذافيquot;. وقد يكون استثناءً لتلك القاعدة شكري غانم، رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالي للمؤسسة الوطنية للنفط.

وأكد أحد الدبلوماسيين السابقين في طرابلس أن ليبيا تعتبر حالة خاصة، وأضاف: quot;في دول أخرى ndash; مثل مصر والأردن والبحرين ndash; يمكنك أن تضع سيناريوهات لما يمكن أن يحدث بعد وقوع انتفاضة. لكن لا يمكنك أن ترى سوى فوضى وعنف وعدم استقرار في ليبياquot;.

ولفتت الصحيفة من جهتها إلى أن استيلاء الجيش على مقاليد الحكم هناك يبدو أمراً غير وارد الحدوث. فالقذافي، وهو رجل عسكري عندما أطاح بالنظام الملكي عام 1969، تعمد أن يترك الجيش ضعيفاً ورفض لفترات طويلة أن يزوّده بالذخيرة. وأشارت الغارديان في السياق عينه إلى أن نظامه محمي من قِبل كتائب خاصة كتلك الكتيبة التي يقودها نجله، خميس، والتي يُقال إنها سحقت الاحتجاجات في بنغازي.

ومضت الصحيفة تقول إن المجتمع المدني شبه معدوم هناك، كما أن قطاع الأعمال لا يزال صغيراً وضعيفاً، رغم مشاعر الغضب والاستياء من فساد عائلة القذافي والمقربين منهم. لكنها أوضحت أن سيف الإسلام كان يقوم بنشاط إصلاحي عبر مؤسسة القذافي الخيرية. وقد بذل جهوداً لتعزيز حقوق الإنسان ووسائل الإعلام شبه المستقلة، لكنه لاقى مقاومة من جانب الحرس القديم في اللجان الثورية وأجهزة الأمن.

ولا يتوقع أحد بصورة جدية أن يلعب الإسلاميون دوراً كبيراً في مرحلة ما بعد القذافي. وختمت الصحيفة بتأكيدها أن القبائل الليبية التي كانت تحظى بقوة من قبل قد تصبح، رغم ذلك، عناصر أكثر أهمية. وقال جوردون :quot; سوف تصبح القبائل مهمة، وسيكون هناك مزيج من المعارضة العلمانية القديمة مع العنصر الإسلاميquot;.