أمارديب وزوجها أمام محكمة بيرمنغهام

كشفت دعوى قضائية من زوجين هنديين على مخدمهما الهندوسي النقاب عن أن التقاليد الهندوسية، التي تقسّم البشر الى طوائف بعضها أفضل من بعض، تسود وسط الجالية الهندية في بريطانيا رغم أن قوانين البلاد تحرّم التمييز على أي أساس كان.


لندن: للناظر العابر فإن أمارديب (33 عاما) وزوجها فيجاي (32 عاما) لا يختلفان في شيء عن الآلاف غيرهما من الناس على طرقات بريطانيا. والواقع أن الزوجين ناجحان مهنيا بحيث يمكن تصنيفهما في خانة laquo;زبدة الزبدة المهنيةraquo;، لأن كليهما يعمل محاميا في مكتب ذي شأن بهذا المجال.

.. ولكن ليس بالنسبة للهندوس المهاجرين وأبنائهم. فعلى غرار بقية الثقافات المهاجرة الى الغرب، يحمل معظم هؤلاء إيمانهم الراسخ بقدسية التقسيم الطبقي وفقا للتعاليم الدينية التي يعود تاريخها الى أكثر من ثلاثة آلاف عام وتقسّم المجتمع الى طوائف بعضها أعلى من الآخر.

ومشكلة أمارديب وفيجاي هي انتماؤهما لطائفتين مختلفتين. وليس هذا وحسب بل أن فيجاي - بسبب أنه سيخي وبالتالي laquo;أجنبيraquo; - فهو ينتمي الى laquo;الداليتraquo; أسفل تلك الطوائف. وهؤلاء هم laquo;المنبوذونraquo; من الهندوس والأجانب الذين لا تتيح لهم الديانة والتقاليد الهندوسية مزاولة أي أعمال فوق الدنيا - مثل تنظيف الشوراع والمراحيض وتطهير المباني من الآفات كالجرذان وغيرها - وتحرم أبناءهم بالتالي من التعليم العالي وتسلم وظائف صنع القرار.

والآن فإن المحاكم هنا تشهد سابقة قضائية تثبت أن التمييز الطائفي وسط الهندوس لا يقتصر على الهند وإنما يتفشى في بريطانيا التي تحرّم أي نوع من التمييز على أي أساس كان. فقد رفعت أمارديب وفيجاي دعوى قضائية على مخدمهما قائلين إنه أجبرهما على ترك وظيفتيهما بعد زواجهما حديثا لأنهما ينتميان الى طائفتين غير متساويتين.

وقالت أمارديب في شكواها إن كبار موظفي المكتب (وجميعهم من الهندوس) حذروها من laquo;مغبّةraquo; الزواج من فيجاي لأن الطائفة التي ينتمي اليها (الداليت) تتألف من laquo;مخلوقات مختلفةraquo;. وقال فيجاي من جهته إن الموظفين أنفسهم حذروه من أنه يغامر بوظيفته في الشركة وربما مستقبله بأكمله في حال مضى قدما في زواجه من هندوسية أعلى مقاما منه (أمارديب في هذه الحالة).

وقالت أمارديب إن القائمين على أمر المكتب لم يطردوها بشكل مباشر، لكنهم أحالوا حياتها جحيما. فسحبوا منها سكرتاريتها التي كانت تعاونها على العمل، وأضافوا الكثير الى أعبائها وقلصوا راتبها في الوقت نفسه. وفعلوا الشئ نفسه مع فيجاي الذي طُرد العام الماضي وأجبرت أوارديب على الاستقالة في يناير / كانون الثاني الماضي.

ولا زالت المحكمة تنظر في هذه القضية غيرالمألوفة. ويذكر أن بريطانيا - التي يؤلف ذوي الأصول الهندية 5 في المائة من مجموع سكانها - تنظر حاليا في إضافة فقرة تتعلق خصوصا بالتمييز بين الطوائف تبعا للتقاليد الهندوسية الى قانون المساواة الذي يحرّم أي شكل منه في ما يتعلق بالدين والمعتقد واللون والجنس.

ويذكر أن الهند الرسمية اتبعت بعيد استقلالها في 1947 من الاستعمار البريطاني سياسة laquo;التمييز الإيجابيraquo; التي تُحفظ بموجبها آلاف الوظائف الحكومية والمقاعد الدراسية في المؤسسات التعليمية العليا لطبقة laquo;المنبوذينraquo;. لكن هذا نفسه صار مثار جدل حامي الوطيس لأن ذلك القانون يميّز لصالح أفراد الداليت بغض النظر عن مؤهلاتهم وعلى حساب المؤهلين في الكثير من الأحيان.