اعتقلت الشرطة البريطانية السبت في لندن أكثر من مئتي شخص قاموا برشقها بالقوارير خلال تظاهرة للاحتجاج على خطة التقشف القاسية التي فرضتها الحكومة شارك فيها أكثر من 250 ألف شخص.


ضباط شرطة خلال الاحتجاج في لندن يوم السبت

لندن: قالت الشرطة البريطانية ان 214 شخصًا على الاقل اعتقلوا وجرح حوالي 84 عندما كانت مجموعة quot;اجراميةquot; صغيرة باقتحام الحشد الذي كان الاكبر في العاصمة البريطانية منذ التظاهرات ضد الحرب على العراق.

وهاجم مئات من المتظاهرين الملثمين فندق ريتز الفخم، واحتلوا محلا تجاريًا فخمًا للمواد الغذائية، وحطموا واجهات محال تجارية ومصارف، واضرموا النار امام تمثال ساحة ترافلغار الشهير، قبل ان تتمكن الشرطة من احتوائهم.

ودعي الى تظاهرة السبت العاملون في القطاع الصحي ورجال الاطفاء والمدرسون وعائلاتهم بمن فيهم الاطفال، للتعبير عن معارضتهم لاجراءات التقشف التي اقرها التحالف الحكومي بقيادة ديفيد كاميرون.

ونقلت وكالة رويترز عن زعماء النقابات ومصادر الشرطة قولهم إن اكثر من 250 الف شخص شاركوا في أكبر مسيرة في العاصمة منذ الاحتجاجات ضد الحرب في العراق عام 2003.

ويمضي الائتلاف، الذي يتولى السلطة منذ مايو/ ايار الماضي، قدما في برنامج صارم لخفض الدين لانهاء العجز في الميزانية المتوقع ان يصل الى نحو 10 % من الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام 2015.

وتقول حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون انها تعمل على ازالة الفوضى التي خلفتها حكومة حزب العمال السابقة وان عدم اتخاذ اجراء سيعرض بريطانيا لاضطرابات في السوق.

ونددت وزيرة المالية البريطانية جوستين جريننج بالعنف. وقالت لمحطة سكاي نيوز quot;انه عار حقيقي وغير مقبول تماما ان ترتكب هذه الاقلية من الاشخاص اعمالا اجرامية.quot;

وتعرضت الشرطة للرشق بالطلاء وبما قالت انها مصابيح معبأة بغاز الامونيا من قبل المحتجين في الاشتباكات التي حاكت اعمال عنف في اواخر العام الماضي بسبب ارتفاع المصروفات الدراسية. وقالت الشرطة انها اعتقلت تسعة اشخاص.

وقال قائد شرطة لندن بوب برودهيرست quot;للاسف كانت هناك مجموعة من 500 شخص تقريبا قامت ببعض الشغب وشمل ذلك القاء طلاء على متجر توب شوب في شارع اوكسفورد وعلى الشرطة، وتسبب ذلك في فزع المواطنين الذين كانوا يحاولون التسوقquot;. وأضاف quot;اثار ذلك بواعث القلق، لكننا سيطرنا على الموقفquot;.

وتؤكد النقابات، التي حلمت بجعل النهار منعطفًا في حركة التعبئة ضد سياسة التقشف، انها كسبت الرهان رغم ما شاب هذا الاحتفال من مشاحنات مع الشرطة على هامش المسيرة.

واعلن الامين العام لنقابة يونايت لين ماكلوسكي ان quot;المشاركة فاقت كل ما حلمنا به. انها ممتازة. انها اكبر تظاهرة منذ فترة طويلة في لندنquot;. واضاف quot;هناك غضب واضح في هذا البلد، وقد جاء مئات الالاف الى هنا ليقولوا ذلك. وبحسب الشرطة، هناك نصف مليون شخصquot;.

وكان اتحاد النقابات البريطانية توقع قبل البدء بالتظاهرة quot;مشاركة اكثر من 100 الف شخص، وما يفوق ذلك بكثيرquot;، في حين توقعت وسائل الاعلام مشاركة ما بين 250 الى 300 الف شخص.

وهذا التجمع هو الاكبر الذي تشهده العاصمة البريطانية منذ التظاهرة التي جرت احتجاجا على حرب العراق، وشارك فيها نحو مليون شخص عام 2003، كما يعتبر اكبر تحرك اجتماعي منذ الاضطرابات التي عجلت منذ عقدين بسقوط مارغريت تاتشر.

وقد عمدت النقابات الى حشد قواها منذ الخريف الماضي، وقامت باستئجار مئات الحافلات وعشرات القطارات لنقل المتظاهرين.

واتخذت ايضا اجراءات امنية ضخمة لتفادي الانحرافات التي تخللت التظاهرات الطالبية التي شهدتها لندن في الخريف الماضي. ورغم ذلك شهدت المسيرة بعض المواجهات. فقد هاجم مثيرو شغب ملثمون يرفعون اعلامًا سوداء وحمراء عددًا من المتاجر والبنوك بمواد الطلاء والزجاجات، ما ادى الى تهشم واجهات بعضها حول شارع اوكسفورد ستريت التجاري المهم.

والقيت ايضا عبوات تحتوي حمض النشادر على قوات الامن، كما اعلنت الشرطة، فيما عرضت قنوات التلفزيون صورًا للمخربين، وهم يرشقون فندق الريتز بمقذوفات. كما اقتحمت مجموعة من الناشطين متجر فورتنام اند ميسون الكبير الذي تتهمه بالتهرب الضريبي.

وقررت الحكومة خطة معالجة غير مسبوقة القسوة في بريطانيا مع اقتطاعات في اعتمادات الموازنة تفوق 90 مليار يورو من الان حتى 2015 وتجميد رواتب الموظفين والغاء اكثر من 300 الف وظيفة عامة.

وقال زعيم المعارضة العمالية ايد ميليباند محذرا الحكومة ان quot;الذين تجمعوا اليوم هم المتحدثون باسم بريطانيا الحقيقيةquot;.

من جانبه قال وزير التعليم مايكل غوف quot;من المؤكد ان الناس يشعرون بالقلق، بل واحيانا بالغضب، لكننا ورثنا وضعًا اقتصاديًا يضطرنا الى اتخاذ اجراءات صعبة لاعادة التوازن إلى المالية العامةquot;.