علق خبراء واقتصاديون ونقابيون في أحاديث منفصلة مع quot;إيلافquot; على دعوة الرئيس التونسي الجديد، المنصف المرزوقي، والتي دعا خلالها إلى هدنة اجتماعية في البلاد لمدة ستة أشهر.


الرئيس التونسي المنصف المرزوقي

تونس: في أول حوار له على القناة الوطنية الأولى دعا الرئيس التونسي الجديد، المنصف المرزوقي، الشعب التونسي إلى هدنة سياسية واجتماعية لمدة ستة أشهر، وذلك من أجل الخروج بالبلاد من المرحلة الصعبة التي تعيشها منذ ثورة 14 يناير/كانون الثاني، حيث تعددت التظاهرات والإحتجاجات والإعتصامات وإغلاق المؤسسات، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى إغلاق أكثر من 120 مؤسسة اقتصادية أدت إلى زيادة نسبة العاطلين عن العمل ليبلغوا قرابة المليون مع نهاية العام الجاري، وهو ما جاء على لسان رئيسة الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بوشماوي.

المرزوقي طلب هذه الهدنة، قائلاً: هي quot;مدة نعطيها لتونس حتى تنطلق نحو أفق جديد...لأن مواصلة هذه الاحتجاجات والإضرابات والإعتصامات هي عبارة عن احتجاج جماعيquot;. وأضاف المرزوقي: quot;هذه الهدنة السياسية والاجتماعية تعيد السبيل لرجوع الاستقرار وعودة دواليب الاقتصاد الوطني إلى حركتها الطبيعيةquot;.

وقال المرزوقي في حديثه: quot;إن الضرورة تملي اليوم الكف عن الاحتجاجات، فهنالك برنامج إجراءات عاجلة وسريعة ستعلن عنها الحكومة قريبًا لمعالجة الأوضاع الصعبة لعديد الفئات والجهات مثلما سيتم معالجة ملف الشهداء والجرحى الذي يحظى بالأولوية.quot;
وأضاف المرزوقي مطمئنا التونسيين: quot;بقدر ما يبدو الوضع صعبا بقدر ما لنا إمكانية تجاوزه فالأمل موجود، وغير مصطنع، فهناك السوق الليبية والإستثمارات الخارجية، ولدينا وعود من البلدان الشقيقة والصديقة بالمساعدة والاستثمار الداخلي كذلك، وبالتالي لا بد من الاستقرار حتى يعود الاستثمارquot;.

وقد تعهد رئيس الجمهورية التونسية السعيإلىالاستقرار وحلّ مشاكل التونسيين، وعلى رأسها مشكلة البطالة، منبها في الوقت ذاته من ثورة مضادة قائلاً: quot;الدليل على أن هذه البلاد سنضعها على السكة أن خلافاتنا السياسية ستحصر حتى نتفرغ للمشكلة الكبرى، وهي المعضلة الاقتصادية والإجتماعية وخاصة معضلة المعضلات، وهي البطالةquot;.

الرئيس التونسي الجديد، المنصف المرزوقي، التقى الخميس الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل عبد السلام جراد من أجل التشاور والحوار مع المنظمة التشغيلية التي يمكن أن تضطلع بدور هام في المرحلة القادمة للنهوض للبلاد، وتحقيق أهداف الثورة.

وفي هذا الخصوص، عبر عبد السلام جراد، عن استعداد الإتحاد العام التونسي للشغل للمساهمة في تحقيق التضامن الوطني، والإحاطة بالمشاغل والصعوبات المطروحة، وإيجاد الحلول اللازمة لتجاوز التحديات الراهنة بما يؤمن مستقبلاً أفضل لتونس، تونس الحرية والديمقراطية. وأكد عبد السلام جراد أنّ المرحلة القادمة هامة جدًا بالنظر إلى الوضع الحساس والمصيري الذي تمر به البلاد بما من شأنه وأن السلم الاجتماعي ضروري وكفيل بمنح الثقة للجميع من أجل مستقبل مشرق لبلادناquot;.

من جانبها، أكدت وداد بوشماوي، رئيس الإتحاد الوطني للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على الدور الذي تلعبه منظمة الأعراف في مساندة المجهود التنموي، ودعم الاقتصاد الوطني في هذا الظرف الصعب الذي يعيشه وبصفة خاصة منذ بداية السنة الجارية 2011. وأشارت رئيسة منظمة الأعراف إلى دور القطاع الخاص، ومساهمته في دفع الاستثمار وطمأنة المستثمرين الأجانب ودعوتهم للعودة والاستثمار في تونس من أجل دفع عجلة النمو وخلق مواطن شغل وفرص عمل جديدة.

وأكدت بوشماوي quot;أهمية الدعوة إلى هدنة اجتماعية واستعداد الإتحاد الوطني للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بلعب دور مهم في ظل الإستقرار والهدوء بعيدا عن الإعتصامات والإضرابات والفوضى حتى نبعث برسائل مهمة للمستثمرين الأجانب والمحليين من أجل الإستثمار في تونس في ظل استقرار وشفافية وديمقراطيةquot;.

من جانبه، شدّد بلقاسم العياري، الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل لـ(إيلاف) على أن لا أحد يمكنه أن يأخذ القرار في الهدنة أو السلم الاجتماعي المطلوب، قائلاً: quot;الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نفسه لا يمكنه أن يعبّر عن رأي الإتحاد حتى تجتمع الهيئة الإدارية يوم السبت القادم 24 ديسمبر، ولها صلاحية اتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن، وقبل ذلك لا يمكن الإقرار بأي قرار كانquot;.

وهذه الهدنة التي دعا إليها الرئيس التونسي الجديد المنصف المرزوقي من الشعب التونسي يشرحها الخبير الاقتصادي، د.رضا شكندالي، مشيراً إلى أنها مرحلة إيجابية، مضيفاً: quot;من مبادئ الاستثمار أنه يتطلب الاستقرار والأمن وإعادة الثقة في مناخ الاستثمار في تونس، وأهم عنصر هو الاستقرار بمعنى أنه إذا تواصل هذا الاستقرار طيلة ستة أشهر كاملة من دون احتجاجات واعتصام وقطع طرق وغلق مؤسسات أي هناك سلم اجتماعي، فالمستثمر تعود إليه الثقة، فيعود بقوة وكذلك بالنسبة للمستثمر الأجنبي يبحث عن هذا الاستقرار والثقة والشفافية، وهو عامل مهم جدا للعودة من جديد إلى تونس للإستثمار، وهو بالأساس منح الثقة للمستثمرquot;.

وعن الوعود التي تحدث عنها رئيس الجمهورية، قال رضا شكندالي لـ (إيلاف): quot;لقد قال إن له وعودًا من عديد الدول الشقيقة والصديقة من ذلك الجزائريين الذين يرغبون في الاستثمار في تونس وليبيا على مستوى سوق الشغل ودول الخليج والدول الأوروبية وهؤلاء يرغبون في الإستثمار، ولكن ذلك لا يكون إلا في ظل الإستقرار، وبالتالي فقد طلب مهلة مدتها ستة أشهر، وهو يعرف جيدًا أن هذه الفترة من الهدنة كافية لإعادة الثقة إلى المستثمر ليعود من جديد للاستثمار المحلي والأجنبيquot;.

وعن إمكانية ملاحظة انتعاشة اقتصادية بعد انقضاء فترة ستة أشهر، قال د.رضا شكندالي: quot;نوايا الاستثمار ستعود فتوقعات وزارة التخطيط تفيد برجوع 5.4% من حجم الاستثمارات بالأسعار القارة، وبالتالي في الواقع ليس هناك أي تراجع في حجم الاستثمارات، بل هو استقرار لكن المناخ الذي سيستقر على مستوى الأوضاع المالية والذي سيعطي الثقة للمستثمر في الواقع التونسي للاستثمار ويعطي بعض الراحة للحكومة الجديدة حتى تعمل جيدا لأن عودة المستثمر، هو منح الثقة للحكومة من أجل العمل الجدي وتنفيذ برامجهاquot;.

أما الأستاذ محمد الصغير، فأبدى تفاؤله بدعوة الرئيس التونسي للشعب التونسي إلى هذه المهلة الاجتماعية، وأكّد أنّه تحدث من عدد من أصدقائه الذين أبدوا تفاؤلاً كبيرًا، وقال: quot;أعتقد أنّ الرئيس قد وفق في هذا الطلب الطبيعي جداً في مثل هذه الأوضاع التي نعيشها والتي وصلت إليها البلاد بعد الثورة وطبيعيًا أن يشهد الوضع بعض الارتباك بعد كل ثورة، وبالتالي وحتى تعود الأمور إلى أوضاعها الطبيعية والبداية ناجحة لهذا النظام الجديد تبدو هذه المهلة ضرورية جدًا ليس إلغاء لمطالب المواطنين واستحقاقاتهم، ولكن هي مهلة كي تتم إعادة بناء المؤسسات من جديد وتكون انطلاقتها جيدة وناجحةquot;.

وأضاف الأستاذ محمد الصغير في حديث لـ(إيلاف): quot;لقد تحدث الرئيس عن وعود من عديد الدول الشقيقة والصديقة ولعودة الاستثمارات التي ستستفيد منها تونس، وبالتالي يجد العاطلون عن العمل مواطن شغل جديدة، وهو ما كان من طلب هذه المهلة أو الهدنة بستة أشهر لتمر من دون أي تحركات فوضوية أو اعتصامات أو احتجاجات تؤدي إلى غلق المؤسسات، وبالتالي هروب المستثمرين إلى بلدان أخرى وإذا توفرت فعلا السلم الاجتماعية والاستقرار فكل الدول التي وعدت ستفي بكل تأكيد بوعودها وتقدم المساعدات والإعانات وتعمل على دفع مستثمريها للاستثمار في تونسquot;.