أمير قطر (يمين) ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في لقاء سابق

أثارت الأنباء التي ترددت مؤخراً حول دعوة الأمير القطري لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي التونسي جدلاً واسعاً، ففيما اعتبرت قوى سياسيّة الزيارة تدخلاً بالشؤون الداخلية وهدّدت بتنفيذ إضراب عام، استغرب حزب المؤتمر الحملة معتبراً أنها كانت من الأولى أن تكون موجهة ضد زيارة الرئيس الفرنسي الذي دعم النظام السابق لـ laquo; آخر لحظةraquo;.


تولت المواقف المنددة والرافضة لدعوة الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني إلى تونس في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي، إذ اعتبرت قوى سياسية ومنظمات أنه تدخل صارخ في شؤون البلاد الداخلية، وتواصل لمساعي قطر لبسط نفوذها في العالم العربي، واتهمت حركة النهضة بالوقوف وراء هذه الدعوة.

وهددت أحزاب سياسية بمقاطعة الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسيّ الذي انتخب في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي والنزول للشارع فيما عبرت منظمات عن استعدادها لتنفيذ إضراب عام في حال قدوم أمير قطر كضيف شرف خلال الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي.

وأكد الأمين العام لحزب العمال الشيوعي (حاصل على 3 مقاعد في المجلس التأسيسي) في تصريحات صحافية أن دعوة أمير قطر لحضور أولى جلسات المجلس الوطني التأسيسي تمثل quot;وصمة عارquot;. وقال إن quot;قطر دولة عميلة لعبت دوراً كبيراً في ليبيا وأداة في خدمة الولايات المتحدة الأميركية quot; حسب تعبيره، وأضاف أن حزبه quot;سينزل بكامل مناضليه للشارع لمنع هذه الزيارةquot;.

وقال عصام الشّابي الأمين العام المساعد في الحزب الديمقراطي التقدمي لـ quot;إيلافquot;: quot;عبرنا خلال اجتماع جمع ممثلي الأحزاب والكتل السياسية بالرئيس الموقت عن رفضنا حضور أيّ من الذين تم تداول أسمائهم خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال المجلس التأسيسي من بينهم الأمير القطري، وأكد الرئيس الموقت عدم حضور أي جهة خارجية على الأقل خلال الجلسة الافتتاحيةquot;.

وتتداول الأوساط السياسية التونسية أن هناك اتصالات لدعوة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لحضور أعمال المجلس التأسيسي، ما زاد من شكوك خصوم الحركة الإسلامية بخصوص quot;طبيعة علاقة النهضة بواشنطن والدوحة ومدى تأثير الدولتين خاصة في التمهيد لتسليم النهضة الحكم في ظروف ملائمةquot;.

من جانبها، نفت حركة النهضة التي فازت بالعدد الأكبر من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي أن تكون دعت بمبادرة فردية منها أمير قطر لحضور الجلسة الافتتاحية، لكنها شددت على أنها quot;تتشرف بدعوة أصدقاء تونسquot;.

وأوضح نور الدين البحيري الناطق الرسمي للحركة أن حزبه quot;منضبط للأعراف الدبلوماسية ولن يوجه الدعوة باسم تونس إلى أي جهة كانت باعتبار أن الدعوة الرسمية هي من صميم اختصاص السلطة الرسميةquot;.

وقال الاتحاد العام لطلبة تونس في بيان اطلعت عليه quot;إيلافquot;: quot;إن دعوة أمير دولة قطر لحضور أول جلسة للمجلس الوطني التأسيسي كضيف شرف هو اعتداء على الشعب التونسي ووصمة عار للثورة التونسية بما يمثله من اعتداء على السيادة الوطنية من قبل دولة رجعية بصدد تنفيذ مشاريع الامبريالية والصهيونية في الانتفاضات الشعبية العربيةquot;.

وأضاف البيان quot; يدعو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس كافة مناضليه وعموم الطلبة للدخول في حركات احتجاجية متنوعة دفاعا عن سيادة تونس وعن أهداف ثورتها والسعي الجدي لإفشال حضور أمير قطر المشبوه. كما يعبر المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس عن استعداده لتنظيم إضراب وطني في مختلف الأجزاء الجامعية احتجاجا على هذه الدعوة quot;.

وأكد عز الدين زعتور الكاتب العام للاتحاد العام لطلبة تونس ذلك لـquot;إيلافquot; قائلا: quot;نحن نرفض حضور الأمير القطري في أي من جلسات أشغال المجلس التأسيسي أو غيره من الشخصيات السياسية غير التونسية لسبب بسيط يتمثل في كونه اعتداء على السيادة الداخلية لبلادناquot;.

وتابع زعتور quot;إن تمت دعوته من طرف أحد الأحزاب فنحن نقول إنه شأن وطني ولا يمكن لأي حزب سياسي مهما كان، القيام بمثل هذه الخطوةquot;.

من جانبه، قال سمير بن عمر عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية الفائز الثاني في الانتخابات لـquot;إيلافquot;: quot;استغرب هذه الحملة المحمومة من بعض الأطراف واعتبارهم أن زيارة الأمير القطري وصمة عار ومن أنهم سينزلون للشوارع لمنع ذلك، ولو قالوا إنهم يرفضون زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لأنه أيّد نظام الطاغية بن علي لآخر لحظة ودعمه بالمال والسلاح لقتل شعبه، لتفهمت ذلك، رغم أني مع تجاوز الماضيquot;.

وأضاف القيادي في حزب المؤتمر المتحصل (ثاني قوة سياسية في البلاد بعد حركة النهضة): quot;لا يمكن أن نؤمن بالديمقراطية وبحق الشعوب وكرامة الإنسان وأن نبكي في الآن ذاته على طواغيت كأمثال القذافي وبشار ونسخر من دماء شعوبهم التي سالت وما زالت تسيل أنهارا ونكيل السب لقطر لأنها دعمت ثوراتهم كما دعمت ثورتنا، ثم انه لا يمكن أن ندعو جهات أجنبية حتى تقطع عن بلادنا التمويل لشل اقتصاد البلاد ومعاقبة شعبنا لأنه لم ينتخب اليسار الفرنكفوني، ولما تفشل الخطة بفضل تدخل قطر، نسبّ أمير قطر وننزل للشوارع ونلعن زيارتهquot;.

وتابع بن عمر quot;ألم يكن من الأولى لأدعياء الحداثة الذين بلعوا ألسنتهم وكسروا أقلامهم عندما تدخلت الخارجية الفرنسية في الشؤون الداخلية التونسية في قضية قناة نسمة أو عندما أزبد و أرعد كل من ساركوزي ووزير خارجيته آلان جوبيه عقب إعلان نتائج الانتخابات وهددا الشعب التونسي بشرّ العقاب، أن يخرجوا للتظاهر ضد زيارة ساركوزي أو هيلاري كلينتون أم أن الوطنية تحضر وتغيب؟quot; على حد تعبيره.

إلى ذلك، نظمت جمعية quot;شباب الثورةquot; الأسبوع الماضي تظاهرة أمام مقر سفارة قطر ردد المشاركون فيها شعارات معادية لأمير قطر ورفعوا خلالها لافتات نددوا فيها بما وصفوه بالتدخل السافر في الشأن الداخلي التونسي.

وفي السياق ذاته، أنشأ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات خاصة ضمّت آلاف المناهضين للزيارة المحتملة لأمير قطر إلى تونس، داعين إلى الخروج في تظاهرات إن حل حمد بن خليفة آل ثاني ضيفا على تونس، وطالبوا حركة النهضة بطلب تسليم صهر الرئيس السابق المقيم في قطر (صخر الماطري) للسلطات التونسية.

وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد قام بزيارة للدوحة إثر انتخابات المجلس التأسيسي والتقى خلالها الشيخ حمد ما زاد في حدة الانتقادات الموجهة للحركة بخصوص علاقتها بقطر وشبهات تمويل هذه الدولة لها.

وراج عبر بعض المواقع الاجتماعية في الآونة الأخيرة معلومات مفادها أن الغنوشي تلقى وعودا رسمية بتسليم الماطري من قبل أمير قطر.

وتعقيبا على هذه الأنباء قال سمير ديلو، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والمكلف بالعلاقات الخارجية: quot;إن النهضة ليست الحكومة وليس من مشمولاتها اتخاذ مثل هذه الإجراءات وإن الحكومة الحالية وحدها تقوم بمثل هذه المفاوضات.quot;

وفي سياق متصل أعلنت الوكالة التونسية للتعاون الفني أنه تم إرسال 400 من الأمن التونسي (شرطة وحرس وطني وحماية مدنية) للعمل في قطر منذ شهر آب/ أغسطس الماضي براتب شهري يفوق الألف دولار وذلك في نطاق التعاون الفني بين البلدين وبناء على طلب من قطر.

وكان الرئيس التونسي الموقت فؤاد المبزع قد أعلن عقب اجتماع حضرته الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي أن الجلسة الافتتاحية للمجلس سيحضرها فقط النواب الذين انتخبوا في أكتوبر.

تجدر الإشارة إلى انه تم الاحتجاج في وقت سابق على استعمال قطر للموانئ البحرية التونسية لإيصال الأسلحة للثوار في ليبيا.