تزداد الانتقادات في تونس بسبب عدم تغيير الوجوه الإعلامية التي عرفت بعدم انتقاداها للنظام أبان سنوات حكم زين العابدين بن علي.
تهيمن حالة من الاستياء على كثير من التونسيين الذين دعموا الثورة التي أطاحت مؤخراً بالرئيس زين العابدين بن علي، نتيجة لاستمرار عمل صحافيين ومقدمين تلفزيونيين، ممن لم يسبق لهم انتقاد الوضع الراهن إبان سنوات حكم الرئيس المخلوع.
حيث بدأت تنتشر خلال الآونة الأخيرة على المدونات وصفحات موقع التواصل الاجتماعي، فايسبوك، حملات انتقاد واسعة للإعلامي زياد كريشان، رئيس تحرير مجلة quot;حقائقquot; المستقلة التي تصدر باللغة الفرنسية، سيما بعد أن بدأ يظهر على اعتبار أنه واحد من أبطال ثورة الياسمين، رغم صمته إبان النظام السابق، واكتفائه حينها بنشر أخبار متملقة عن ديكتاتورية بن علي ndash; بما في ذلك تلك اللمحة المتفائلة عن ابن شقيق الرئيس المكروه على نطاق واسع في الأيام الأولى للانتفاضة.
وفي هذا السياق، قالت اليوم صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية إنه وبعد مرور 4 أشهر على الإطاحة بزين العابدين بن علي، لا تزال ثورة تونس بعيدة عن الاكتمال، وهي حقيقة متجسدة في ملمح حرج لتونس الجديدة : ألا وهو استمرار جميع رؤساء التحرير والشخصيات الإعلامية تقريباً في مناصبهم التي ارتقوا إليها إبان النظام القديم.
وهو ما يبرز، وفقاً لوجهة نظر الشباب وأنصار الثورة الذين بدأ ينفذ صبرهم على نحو متزايد، أن شيئاً لم يتغير تقريباً منذ هروب بن علي إلى المملكة العربية السعودية في الرابع عشر من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي. وقال هنا رياض فرجاني، أستاذ الاتصالات في جامعة منوبة بتونس :quot; لم يقم أشخاص آخرون بإدارة أي منفذ إعلامي منذ حدوث الثورة. ومازال يقود الأشخاص الذين كانوا على علاقة طيبة بنظام بن علي كافة وسائل الإعلام الحكومية والخاصة. حتى وإن لم يكونوا نفس الأفراد، فإن جميعهم ينتمون لنفس النظامquot;. أما كريشان، الذي يعمل في مجال الصحافة منذ 30 عاماً، فقال إنه كان يتعين عليه تقديم تنازلات لضمان بقاء المجلة.
وأوضحت الصحيفة أنه كان يتم حظر المواقع والكتب التي تنشر محتوى انتقادي لنظام بن علي الذي استمر على مدار 23 عاماً؛ ولفتت إلى أن الرقابة الذاتية كانت مسألة بقاء بالنسبة للصحافيين والمذيعين. وقال كريشان، خلال مقابلة أجرتها معه ساينس مونيتور في مقر المجلة :quot; اخترت العمل في هذا البلد، ولذلك قبلت العمل في مجلة تنشر أخباراً مدافعةً تصب في مصلحة النظامquot;. يُذكر أن كريشان كتب مقالاً على مساحة صفحتين عبر فيه عن أسفه لحادث إضرام الشاب محمد بوعزيزي النار في جسده إثر مشاجرة مع أحد ضباط الشرطة، وانتقد فشل وسائل الإعلام في تغطية الواقعة. لكنه برأ ذمة نظام بن علي من الحادثة، التي أدت في النهاية للإطاحة به.
ومع مرور الوقت، بدأ يتعرض كريشان لانتقادات لاذعة على شبكة الإنترنت، وأضحت الأمور أكثر سوءً بالنسبة له، بعد أن بدأ يظهر على شاشات التلفزيون كمعلق سياسي في أعقاب خروج بن علي من السلطة. وكتب مقالاً مطولاً يدافع فيه عن نفسه على موقع إلكتروني يصدر باللغة الفرنسية، موضحاً أنه لم يؤيد حزب بن علي صراحةً في انتخابات 2004 و 2008 وأنه طوال عمله الممتد على مدار 30 عاماً في بلاط صاحبة الجلالة لم يحصل على أي جوائز رسمية أو تقدير من النظام.
ومع هذا، رأى كثير من التوانسة أنه لم يتمكن من تصوير نفسه بمصداقية أنه في صف الثوار. وقال زياد الهاني، الذي تولى رئاسة تحرير صحيفة لابريس اليومية الحكومية التي تصدر باللغة الفرنسية :quot; الثوار لا يهتمون بالإعلام القديم، لأنهم لا يثقون بهquot;.
التعليقات