ليبي يقف فوق صورة للزعيم الليبي المخلوع معمّر القذافي

يتصاعد الغضب في مدينة سرت الليبية بسبب تهميشها منذ سقوط نظام العقيد معمّر القذافي، بعدما كانت تعتبر quot;المدينة المدللةquot;، لكونها مسقط رأس الزعيم الراحل،فيما تعمّحالة من الاستياء سكان سرت.


سرت:إبان نظام الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي، كانت سرت مدينة تحظى بوضع خاص، بل كانت مدللة، إلا أن الغضب آخذ في التصاعد الآن في هذه المدينة، مسقط رأس الزعيم الراحل، بسبب تهميشها في ليبيا quot;الجديدةquot;.

فإلى سرت الواقعة على بعد 360 كيلومترًا شرق طرابلس، لجأ القذافي، الذي كان يلقَّب بـ quot;ملك ملوك أفريقياquot; في آب/أغسطس، بعدما تمكّن المتمردون من اجتياح العاصمة.

وبينما قاتل الموالون له بشراسة لحماية سرت وزعيمهم، عثر المتمردون على القذافي بعد شهرين، وقتلوه في المدينة نفسها.

وفي الحي رقم 2، حيث دارت أعنف المعارك بين المتمردين والموالين للقذافي، يعمّ الاستياء النفوس، فقد جرى في هذا الأسبوع احتجاج على quot;تهميشquot; سرت، من دون أن يعير له آخرون التفاتًا في أنحاء ليبيا الأخرى.

وكتب على لافتة تركت بعد احتجاج الثلاثاء quot;لا مصالحة وطنية من دون تعويضات، لا استثناءات. لا لتهميش سرت!quot;. وجاء على لافتة أخرى quot;أين إعادة الإعمار؟، لا مسؤولين ولا إعلامquot;.

لقد دفعت سرت ثمنًا غاليًا لتقديمها الملاذ للزعيم السابق، إذ أحيل الشارع تلو الشارع فيها إلى ركام، واحترقت الأبنية، بفعل القصف، وباتت بانتظار الإزالة. وتتكدس النفايات في شوارع المدينة، التي كانت يومًا مزار الزعماء والشخصيات الدولية.

يقول الطالب الجامعي إبراهيم حرير quot;لم يأت أحد ليرى أوضاعنا هنا، لقد وقعت جرائم حرب هنا، ولكن لا أحد يعنيه الأمر، لأن المدينة كانت تابعة للقذافي!quot;. إبراهيم عبد الله، الذي هرب من سرت في 18 تشرين الأول/أكتوبر، عاد إلى المدينة قبل أيام قلائل ليجد quot;الثوارquot; قد نهبوا محتويات شقته.

يقول عبد الله لفرانس برس quot;كل شيء اختفى: الأثاث والحلي الذهبية لزوجتي ومدخراتنا ضاعت!quot;. ويضيف، وقد تجمدت ملامحه، quot;سأرحل عن هذه المدينة. إلى أين؟ لا أعرف. أرض الله واسعةquot;.

يعتقد عبد الله والكثيرون مثله من سكان المدينة أن سرت تعاقب على ولائها للقذافي.
ويقول أحمد كرباج، الذي يرأس مجلسًا محليًا يتولى مهمة تقويم الأضرار التي لحقت بالمدينة، quot;الوضع صعب جدًا، الحكومة لا تتحركquot;.

ويقدر كرباج أن ما بين 40 و60% ممّن هربوا من سرت أثناء القتال لم يعودوا إليها بعد، بسبب الافتقار إلى إعادة الإعمار في المدينة. واليوم، وبعد شهرين من انتهاء المعارك، ما زالت بعض المنازلمندون مياه جارية، ولا يعرف أصحابها كيف يعيدون الكهرباء إليها.

الأسوأ أن كرباج يخشى وجود قنابل، لم تنفجر بعد، بين ركام المدينة. والاثنين، قال عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي quot;إن المدينة تعانيquot;، معلنًا عن إرسال وفد quot;لتقويم الأوضاع، ومعرفة الاحتياجاتquot; في سرت.

وتقول أجهزة الحكم الجديد في ليبيا إن المصالحة الوطنية، بعد الحرب، على رأس أولوياتها، ولكن ليس من المتوقع أن يكون هذا الأمر سهلاً في سرت.

فمسعود عبد الحميد، أحد سكان سرت، يقول quot;أي مصالحة، وهم لا يستمعون إلى آراء الآخرين؟quot;. ويقول آخر، طلب عدم الكشف عن اسمه، quot;لا نريد مصالحتهم، إنهم كاذبون! جاءوا بالخراب والموت، الله لا يسامحهم!quot;.

ولا يزال الكثيرون في هذه المدينة المهزومة أوفياء لذكرى القذافي، الذي تمقته غالبية الليبيين. وما زال صدى شعار مؤيّدي النظام السابق يتردد هنا: quot;الله، معمّر، ليبيا وبس!quot;.

قبل الموافقة على أي مصالحة بين خصوم القذافي والموالين لذكراه، يصرّ الكثيرون في سرت على طلب واحد، إذ يقول تهامي حافظ quot;الشرط الأول للمصالحة هو الكشف عن مكان دفن زعيمناquot;، في إشارة إلى أن القذافي دُفن في مكان لم يتم الكشف عنه في الصحراء.

ويؤكد بإصرار quot;من حقنا أن نعرفquot;، ويوافقه الرأي عشرات الرجال الواقفين حوله.

غير أن مثل هذه المطالب تزيد الغضب بين الليبيين في المدن الأخرى، إذ يقول أحد سكان طرابلس، الذي كان مارًّا بمدينة سرت، إن أهل المدينة quot;يستحقون ما يحدث لهم، سيكون ذلك درسًا لهم. دعهم يذوقون بعضًا ممّا ذاقته بقية ليبيا طويلاًquot;.