هروب السجناء ظاهرة تقلق العراقيين |
تنتشر في العراق بشكل لافت ظاهرة هروب السجناء، وبحسب التقديرات فإن بعض عمليات تهريب السجناء تتم بمشاركة سياسيين لإخفاء تورط أشخاص مسؤولين في الكثير من الجرائم، وتثير هذه الظاهرة قلق العراقيين وتشعرهم بفقدان الأمن.
لا يستبعد الكثير من خبراء الأمن العراقيين ان أجندة سياسية تنسق مع جهات أمنية هي التي تقف وراء التهريب المتكرر للسجناء لاسيما أفراد الجماعات المسلحة .
في وقت يشعر فيهاغلب العراقيين بالقلق الكبير من ظاهرة تكرار هروب السجناء في السنوات الأخيرة ، ولاسيما انها ظاهرة ترتبط بالشعور بالأمن والاطمئنان الذي يسعى كل المواطنين الى الارتقاء بمستوياته إلى أعلى درجات الكمال، وقد أكدت مراقبة حقوق الإنسان الدولية ذلك في تقريرها العام 2010 الذي أشار الى ان العراق تصدر قائمة الدول التي ترتفع فيها أرقام عمليات الهروب من السجون طيلة السنوات الماضية السابقة .
وكانت حادثة هروب قاتل محافظ المثنى الأسبق محمد علي الحساني، من قبل عصابة تعمل في الأجهزة الحكومية ، قد أثار لغطا على مستوى النخب والشارع ، في وقت تعتقد فيه المؤسسات الأمنية انها بسطت نفوذها في الشارع وأنها لم تعد مخترقة من قبل الأجندة السياسية . وبحسب خبراء أمنيين فإن عملية تهريب المتهم كانت مدروسة ، وتم تنفيذها اثناء نقل المتهم من محافظة المثنى الى وزارة العدل بغية تنفيذ حكم الإعدام فيه.
أجندة سياسية
ولا يستبعد الكثير من خبراء الأمن العراقيين ، ممن اخذ رأيهم في الموضوع ان أجندة سياسية تنسق مع جهات أمنية هي التي تقف وراء التهريب المتكرر للسجناء لاسيما أفراد الجماعات المسلحة .
وتشير تقارير من العام 2007 ولغاية العام 2010 ، الصادرة من وزارة حقوق الإنسان وتحت بند quot; هروب الموقوفين والنزلاءquot; الى ازدياد مطرد في حالات الفرار والهروب .
ويقول التاجر سعيد الملا من بابل (100 كم جنوب بغداد)، ان شعورا بعدم الأمان والسخط يتملكه كلما سمع خبر فرار سجين ، لان ذلك يشير الى ضعف الأجهزة الأمنية من جهة ، وانعدام العدالة وضياع حقوق الضحية من جهة أخرى .
ويضيف: شعر أهالي المدينة بحالة من الإحباط والشعور بعدم الأمان، اثناء حادثة فرار سجناء سجن الحلة المركزي في السادس من شهر آب الماضي .
وكان عشرون سجينا قد فروا من سجن الحلة (مركز محافظة بابل) الإصلاحي في اكبر عملية هروب للسجناء بعد ان اشتبكوا مع قوة طوارئ وسط بابل بالأسلحة الرشاشة ، وكان اغلب الفارين من أفراد جماعات مسلحة محكومين بعقوبات طويلة .
ويتابع الملا: لم يقتنع المواطنون بالتبريرات التي قدمتها الجهات المختصة حيث عمت موجة من السخط الشارع، وسادت حالة من السخرية وعدم الثقة بالمؤسسة الأمنية .
ويعتقد العميد المتقاعد خالد هجول ان اكثر الناس لا ترى في ما يحدث سوى نتيجة طبيعية لظاهرة الفساد التي تستفحل المؤسسة الأمنية . ويتابع : اغلب عمليات الفرار تحدث على يد المتواطئين والفاسدين .
السجناء الخطرون
ويبدي هجول أيضا استغرابه من ضعف عملية حماية مواقع حجز السجناء الخطرين وتأخير حسم قضاياهم ، ولاسيما ان
خلق الأعذار بحجة اختراق الجماعات المسلحة للمؤسسة الأمنية لاسيما في بغداد و ديالى والموصل قد قوّضت بشكل كامل تقريبا .
لكن هجول يرى ان الأجندة السياسية حلت محل الميليشيات المسلحة في اختراقها الأجهزة الأمنية ودليل ذلك ما حدث من تهريب للسجناء في البصرة و ميسان .
ويشير الملازم كامل عيسى من النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) الى ان القلق الأمني يبلغ ذروته حين يعاود السجناء الهاربون القيام بأعمال عنف مسلحة ، وقد حدث ذلك في اكثر من مدينة ، حيث ألقى القبض على مجرمين من أصحاب السوابق وممن أُطلق سراحهم مسبقا او هربوا من السجون .
ويأمل عيسى ان تنحسر الظاهرة في عام 2012 بعدما عززت القوات الأمنية وسائلها ، لكنه يخشى الأجندة السياسية التي تتدخل في السياقات الأمنية وتتسبب بتراخيها ، او جعلها تغض النظر عن بعض القضايا او المحكومين .
وبحسب منظمة مراقبة حقوق الانسان فان نحو أربعة آلاف حالة هروب للسجناء حدثت في الأعوام بين 2006 و 2010.
الصفقات السياسية
ويقول ضابط الشرطة احمد حسين ان ما يتعلق بعمل الشرطة ليس عليه غبار ، والمشكلة هي في الصفقات السياسية في ما يتعلق بالسجناء المهمين ، أما هروب السجناء العاديين فيرجعه الى الفساد المالي .
ويرى حسين انه رغم ان الظاهرة انحسرت بشكل كبير لكنها مازالت ماثلة .
ومن أهم الأسباب التي يوضحها حسين حول الظاهرة هو تعيين الكثير من رجال الشرطة والأمن والضباط غير المؤهلين ، بعد العام 2003 ، ويقترح لمعالجة الخلل ، تدريب الضباط الحاليين وإبعاد العناصر غير الكفوءة والفاسدة .
وتدلل الجدالات والاتهامات المتبادلة بين المسؤولين السياسيين على ان وراء تكرار هروب السجناء جهات سياسية .
ويشير المحامي كامل حسن الى انه في الغالب تكون هناك اجندة خفية لتلك الجهات تسعى لإخفائها وعدم انكشافها عبر تهريب السجناء .
ويتابع : ان ما يثير في القضية هو تكرار حالات هروب ليس بين السجناء العاديين ، بل بين المحكومين بقضايا إرهابية وممن اقترفوا عمليات قتل شنيعة .
ويعزو حسن الظاهرة الى بطء تطبيق الأحكام على المدانين الخطرين خاصة الصادرة بحقهم أحكام الإعدام.
تهريب الموقوفين
ويعتقد حسن انه رغم ان الكثير من الحوادث تشير إلى تورط موظفين في إدارة السجون في تهريب الموقوفين الا ان اغلب تلك القضايا مرتبطة بصلات خفية بأجندة سياسية تقف وراء هروب اخطر السجناء لتنفيذ أجندة خارجية في بعض الأحيان.
وبحسب تقارير منظمات حقوق الانسان فإنه طيلة السنوات السابقة ولغاية العام 2010 احتلت بغداد المرتبة الأولى في ظاهرة فرار الموقوفين ، تلتها محافظات نينوى ثم الانبار و صلاح الدين ثم ديالى والبصرة تليها بابل وذي قار و واسط .
ومن اهم عمليات فرار السجناء التي حدثت في العراق حادثة هروب 35 سجينا، من سجن في شرق الموصل (465 شمالي بغداد) في ايلول 2011 بعد حفر نفق داخل السجن.
كما هرب قاتل الصحافية البريطانية مارغريت حسن من سجن أبو غريب في سبتمبر (أيلول) 2009 أثناء انشغال سلطات السجن بإخماد حريق نشب في السجن ، فقام عدد من الحراس بتهريب الراوي بعدما ألبسوه ملابس حراس.
وفي هذا الصدد يقول الخبير في الشؤون الأمنية رياض هاني بهار إن القانون العراقي ينظر الى هروب السجين او الموقوف او المقبوض عليه او المحتجز على انها جريمة مستقلة عن جريمة من قام بمساعدته وتمكينه من الهرب .
و يتابع : يشدد القانون في فرض العقاب المناسب تبعا لنوع الجريمة المرتكبة .
وبحسب بهار فان المادة (ة 268) نصت على عقوبة السجنمدة لا تزيد على عشر سنوات على كل من مكن محكوما عليه بالإعدام من الهروب او ساعده عليه او سهّله له، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات اذا كان الهارب محكوما عليه بالسجن المؤبد او الموقت.
التعليقات