تشير تقارير إلى تورط إحدى الشركات الإسرائيلية العاملة في مجال تكنولوجيا الاتصالات بتهريب صفقة معدات استخباراتية لتعقب الانترنت لإيران

كشفت معطيات جديدة عن حصول إيران على معدات من شركة إسرائيلية، للتجسس على رسائل البريد الإلكتروني واتصالات الهواتف الخلوية. وفي حين نفت إسرائيل علمها بالهدف الأخير للصفقة، أكّد عمّال في الشركة عينها عكس ذلك، فيما أفاد خبراء باعتماد النظام التونسي السابق على مثل هذه الأجهزة للهدف ذاته.


لم تمضِ أيام على إزاحة الستار عن تعامل ما يربو على 200 شركة أجنبية في إسرائيل سراً مع إيران، إلا طالعتنا تقارير موثقة بتورط إحدى الشركات الإسرائيلية العاملة في مجال تكنولوجيا الاتصالات بتهريب صفقة معدات استخباراتية لتعقب الانترنت لإيران، ورغم مرور بضع سنوات على تمرير تلك الصفقة، إلا أن وكالة الأنباء الاقتصادية (بلومبرغ) كشفت النقاب عن القضية، التي ألقت الصحف الإسرائيلية الضوء بقوة عليها في محاولة لرصد تفاصيلها.

وسيط دنماركي قام بالمهمة السرية

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية، تؤكد المعطيات والأدلة الدامغة، تورط شركة (ألوت) الإسرائيلية، المعنية بإنتاج التقنيات التكنولوجية في تزويد إيران بمعدات استخباراتية لتعقب شبكات الانترنت في إيران وخارجها، وتفيد معطيات التقرير الذي استند إلى خبر نشرته وكالة (بلومبرغ) الاقتصادية، بأن الحديث يدور حول معدات تكنولوجية عالية التقنية، تمد الدوائر المعنية في طهران بمعلومات موثقة حول نشاط شبكات الانترنت، وقام وسيط دنماركي بنقل هذه المعدات إلى إيران، وعن هذا الوسيط تقول الصحيفةالإسرائيلية quot;انه شركة قامت بشراء المعدات من الشركة الإسرائيلية لصالح الدولة الفارسيةquot;.

إقرأ أيضاً
بعد فضيحة الأخوة عوفير وتعامل 200 شركة في تل أبيب مع طهران
هل تمول شركات إسرائيلية البرنامج النووي الإيراني؟

وتعقيباً على تلك المعلومات، نفت شركة (ألوت) الإسرائيلية الاتهامات المنسوبة إليها، وقالت في بيان وزعته على وسائل الإعلام الإسرائيلية، أنها باعت بالفعل الصفقة التي يدور الحديث عنها، لكنها لم تعلم ولم يتسن لها معرفة ما إذا كانت وجهة هذه الصفقة ستكون في نهاية المطاف إيران.

وفي وقت وجهت دوائر اقتصادية في تل أبيب انتقادات لاذعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، على خلفية ما وصفته الدوائر بحسب الصحيفة العبرية بالتقاعس في الإشراف والرقابة على عمليات البيع، التي تقوم بها شركة (ألوت) وغيرها، للتأكد من المصدر الذي ستصل إليه منتجاتها، عقبت وزارة الدفاع الإسرائيلية على ذلك بقولها: quot;لقد أوقفنا صفقة مثيلة، كانت تعتزم إحدى الشركات الإسرائيلية تصديرها إلى تركيا، لكننا منعنا خروج الصفقة إلى حيّز التنفيذ، تحسباً من وصولها في نهاية المطاف إلى إيران عبر أنقرةquot;.

وطبقاً لمعلومات الصحيفة، تلقت إحدى الشركات الدنماركية المعنية بالتسويق وتدعى (رنتك)، وفي الدنمارك حذف مستخدمو الشركة أية هوية تشير إلى الشركة الإسرائيلية (ألوت)، وأعاد المستخدمون حزم المعدات مجدداً، ليتم نقلها دون هوية لشخص يُدعى (الحسين) في إيران، وتشير يديعوت احرونوت إلى أن (الحسين) هو الاسم الكودي لشخصية إيرانية، ترتبط بعلاقات متشعبة مع شركات في إسرائيل والدنمارك وغيرهما من دول العالم، وان الصفقة التي تلقاها من إسرائيل عبر شركة (رنتك) لم تخالف القوانين المعمول بها في الدنمارك.

وأوضحت المعلومات المنسوبة للصحيفة أن الشركة الإسرائيلية لم تكن على بينة بنشاط الشخصية الإيرانية التي وصلت له الصفقة، كما أنها لم تكن على علم بعملائه في الدنمارك أو في غيرها من الدول، غير انه اتضح بعد ذلك أن عدداً كبيراً من الأنظمة القمعية في مختلف دول العالم خاصة في منطقة الشرق الأوسط، اعتمدت على معدات مماثلة لكبح جماح المدونين والنشطاء السياسيين عبر بريدهم الالكتروني، فضلاً عن تمكن المعدات عينها من مراقبة الهواتف الخلوية في كل مكان.

جمارك وأجهزة إسرائيل الأمنية

على صعيد ذي صلة نقل موقع وكالة (بلومبرغ) الاقتصادية عن دوائر في جمارك وأجهزة إسرائيل الأمنية، أن إسرائيل وأجهزتها الاستخباراتية لم تعلم أن تلك المعدات ستقع في نهاية المطاف بأيدي دولة معادية لتل أبيب، وفي الدنمارك أكدت السلطات المعنية أن شركة (رنتك) اشترت بالفعل هذه المعدات من إسرائيل، إلا انه لا يوجد في ملفاتها ما يشير إلى أن إيران حصلت على الصفقة من الشركة عينها، وحددت السلطات الدنماركية عام 2006 موعداً لخروج الصفقة من إسرائيل ووصولها إلى الدنمارك.

على الرغم من ذلك تحدث ثلاثة عمال سابقين في شركة (ألوت) الإسرائيلية عن الشخصية الإيرانية التي تدعى (الحسين)، مؤكدين أن القائمين على الشركة الإسرائيلية كانوا على علم بأن هدف الصفقة النهائي هو إيران، وان اسم (الحسين) كان اسماً كودياً ستتعامل معه الشركة الدنماركية لنقل الصفقة إلى طهران، إلا أن الشركة الإسرائيلية نفت ذلك، وقال مسؤول عنها لوكالة أنباء (بلومبرغ) الاقتصادية: quot;يتم فحص القضية للوقوف على أبعادها وتفاصيلها مع الشركة الدنماركيةquot;.

من جانبها تشير صحيفة يديعوت احرونوت إلى أن التكنولوجيا التي باعتها شركة (ألوت) الإسرائيلية تعتمد بالأساس على أغراض تجارية، إلا انه تم استخدامها لتعقب البريد الالكتروني واتصالات الهواتف الخلوية، وقد اعتمد عليها النظام التونسي السابق، عندما استخدمها في تغيير فحوى البريد الالكتروني، كما أن التقنية عينها قادرة على الحيلولة دون ارتباط المستخدم بشبكة الانترنت، واقتبست وكالة (بلومبرغ) عن خبير دول قوله: quot;إن المعدات الإسرائيلية التي يدور الحديث، مكنت النظام الإيراني وغيرهمن قمع وتعذيب العديد من النشطاء السياسيين والمدونين، بعد رصد نشاطهم على شبكة الانترنت، وعبر الاتصالات الهاتفيةquot;.

على الرغم من ذلك قال مسؤول في الشركة الإسرائيلية، إن المعدات التكنولوجية التي يدور الحديث عنها، مخصصة لمراقبة شبكة الانترنت في إطار محدود، يقتصر على مجال الشركات التجارية أو المصارف أو غيرها من مؤسسات، ولا تستطيع هذه المنظومات التحكم أو مراقبة شبكة الانترنت على نطاق واسع، ووفقاً للموسوعة العبرية، تشير أوراق شركة (ألوت) الإسرائيلية إلى أنها تمتلك العديد من الأسهم في بورصة تل أبيب وفي ناسدك، وان الشركة أعلنت العام الماضي 2010، أنها حققت أرباحاً وصلت إلى 57 مليون دولار.