تسبب تصريحاترئيس الوزراء الأردني المكلف معروف البخيت بإمكانية للبرلمان، بجدل في الأردن حول جدوى بقاء البرلمان الأردني الحالي، وإمكانية التوافق من عدمه على تخليق قانون إنتخاب جديد بتوافق وطني، إذ رأى مراقبون أن الحل للبرلمان بات ضروريا، فيما رأى آخرين أنه في حال الحل هل يعقل أن يصدر القانون المنتظر ليكون موقتا الى حين فصل البرلمان المقبل بمصيره؟!.
على نحو مبكر لم يتوقعه أحد، تمكنت الصحافة الأردنية من إلتقاط تصريح لرئيس الوزراء الأردني المكلف الجنرال معروف البخيت قال فيه بلا أي لبس أن الوقت لا يزال مبكرا لحل مجلس النواب، وهو التصريح الذي هيأ الأرضية السياسية أردنيا لتوقع قرار أعلى وشيك بحل البرلمان الذي لم يمض بعد بضعة أسابيع قليلة على إنتخابه في التاسع من شهر تشرين الثاني| نوفمبر الماضي، وقد أستدعيت كاميرا التلفزيون الرسمي ليل أمس الى مقر البرلمان لتصحيح تصريحات الجنرال، بعد ان انقلب الترحيب البرلماني بتكليف الجنرال الى ما يشبه الإنقلاب المفاجئ، على وقع تصريحات برلمانية توحي بحجب الثقة عن رئيس حكومة لم يسم حكومته بعد.
هذا الإرباك الذي تسبب به الرئيس المكلف، والذي كشف عن قرار مؤجل عنوانه التضحية بالبرلمان من ضمن خطوات محددة لتصويب المشهد السياسي الأردني، دفع quot;إيلافquot; الى معاينة مواقف وإنطباعات محللين سياسيين، قاصدة جلاء الموقف من إمكانية التوافق أردنيا من عدمه على قانون إنتخاب جديد، يأخذ صفة الديمومة والإستقرار، بعيدا عن القوانين الموقتة للإنتخاب في الأردن، وهي قوانين ظلت خلال العقود الخمسة الماضية موضع شد وجذب، ومخاوف وهواجس، وعما إذا كان هذا التوافق الداخلي ndash; إن حصل- يمكن أن يحصل في ظل وجود البرلمان الحالي الذي تتنازعه إتهامات ووصفات كثيرة، أم بعد ترحيله قريبا، والكلف السياسية للترحيل أو الإبقاء، إذ كانت المفاجأة الأبرز بأن تعقيدات هذا الوضع ليست محصورة في الجانب الرسمي، بل إمتدت في تنويعاتها لتطال فقهاء الحال الأردني، الذين سألتهم quot;إيلافquot; عن الإنطباعات والآراء والمواقف والتوقعات.
أبو رمان والإصلاح بلا إبطاءالبداية كانت مع الكاتب الأردني الدكتور محمد أبو رمان الذي رأى بأن الإصلاح السياسي هي مهمة صعبة جدا ينبغي الشروع بها فورا بلا إبطاء، إذ أن قانون الإنتخاب المنوي التوافق حوله، هو حلقة من حلقات الإصلاح السياسي، داعيا الى ضرورة توفير بيئة سياسية واضحة أمام الإصلاحات السياسية المنتظرة، معربا عن إعتقاده بأن أكثر من قوة سياسية في الداخل الأردني تملك مسودة لقانون الإنتخاب، لذلك فإن الشروع في حوار وطني مستمر حول شكل ومضمون الإصلاحات السياسية ومن بينها قانون الإنتخاب يجب أن يحصل فورا، وهنا يمكن الإتفاق على قانون الإنتخاب الجديد، من خلال المعاينة والمفاضلة للمسودات المقترحة، وصولا الى قانون يوحد جميع وجهات النظر في مشروع قانون واحد، مؤكدا أنه بوصفه صحافيا فقد اطلع على مضمون أكثر من مسودة، ورأى فيها العديد من العناصر الإيجابية.
ولم يحدد الدكتور أبو رمان موقفا محددا من القرار الذي يتعين إتخاذه بشأن البرلمان الحالي، وإن كان ميالا الى ترحيل البرلمان الذي أنتخب وفقا لقانون إنتخاب مرفوض، مركزا حديثه على الإصلاح السياسي، وضرورة ظهور قانون إنتخاب يحظى بتوافق القوى السياسية، ويلبي طموحات الأردنيين، معتبرا أن مصداقية الدولة قد باتت على المحك بشأن وعود الإصلاح الذي بشر بقدومه الأردنيين أكثر من مرة، ليستفيقوا على الوعود ذاتها فس سنوات تالية، معتبرا أن تأخر عملية الإصلاح في الظروف الراهنة من شأنه أن يقضم فأكثر من صدقية هذه الوعود في المستقبل القريب، لتصبح عيدمة الجدوى، مكررا المطالبة بظهور هذه الإصلاحات دون إبطاء، لأن طريقها واضح ويعرفه الجميع.
الحياري والحل الفوريمن جهته طالب ناشر موقع عمون الإخباري الإلكتروني ndash; الأكثر تأثيرا في الأردن- سمير الحياري بحل مجلس النواب الأردني حلا فوريا دون إبطاء، لأنه نجم عن قانون إنتخاب رفضه الأردنيين، وقاطعوا الإنتخابات الأخيرة في ظله، وأن المطالبات الشعبية في الأردن كانت تربط في مطالب الترحيل بين حكومة سمير الرفاعي التي أقالها الملك، وبين مجلس النواب الذي يتعرض لهجوم شعبي ليس بسبب القانون الذي إنتخب في ظله، بل أيضا لقيام البرلمان بشكل إستثنائي نادر بمنح الثقة بشكل مبالغ به الى حكومة لم يكن يريد الأردنيين أن تستمر.
وحول إمكانية التوافق على قانون إنتخاب جديد قال الحياري أن ذلك بات ممكنا وبقوة لأن المطلوب من قانون الإنتخاب الجديد يعرفه الجميع، شارحا بأن الإرادة الحقيقية من جانب صانع القرار الأردني بالتغيير الحقيقي، وإيجاد صلاحيات سياسية قوية وحقيقية من شأنه أن يضمن التوافق على قانون إنتخاب جديد وعصري تماما كما يريد الملك عبدالله الثاني، علما بأن الحكومات التي تشكلت في عهده لم تلتزم الأمر الملكي في جزئية تأليف قانون إنتخاب يمكن أن يأتي بمجلس نواب قوي، تطمئن إليه غالبية الأردنيين.
ضمان البرلمانالصحافي هاشم الخالدي مؤسس موقع سرايا الإخباري الإلكتروني ndash; الأكثر شهرة في الأردن- رفض حل البرلمان الأردني في الوقت الراهن رغم كل السلبيات المسجلة والمرصودة على أداء النواب، معتبرا أن اللجوء الى البحث في صيغ لتأليف قانون إنتخاب جديد دون وجود برلمانن هو أمر من شأنه أن يعيدنا الى ما حدث في الأشهر الأولى لحكومة سمير الرفاعي الأولى العام الماضي، حين انبرت الحكومة في التشاور مع نفسها، أو مع من يدورون في فلكها لتفصيل قانون إنتخاب فاجأت به الجميع، ولم تجر إستشارات حقيقية مع القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، بل ورفضت التعاطي مع النصائح والإجتهادات لتصويب أخطاء فادحة في القانون الذي سلقته للناس، معتبرا أن إقرار هذا القانون كقانون موقت بسبب غياب البرلمان أفرز برلمانا ضعيفا للغاية، وله العديد من سلبيات.
وأوضح الصحافي الخالدي في ظل وجود البرلمان فإن هنالك قوة دستورية يمكن أن تلجأ إليها للتحاور معها، وإقناعها بشأن المطبات والعثرات في مشروع القانون الذي تقدمه الحكومة ملزمة دستوريا الى البرلمان لإقراره، ويمكن للبرلمان أن يتيح ضمانات الحد الأدنى للأردنيين في مناقشة أي مسودة أو مشروع لقانون تقدمه الحكومة، لكن الصحافي الخالدي تساءل: كيف يمكن لنا أن نطمئن لحكومة أي حكومة يمكن أن توهم الشعب بمشاورات تقليدية عادية بشأن أي قانون إنتخاب، ثم تصدره وإجراء الإنتخابات، والنتيجة برلمان لا يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا.. لذلك أنا أرى من الواجب بل من المفيد للجميع إبقاء هذا البرلمان رغم كل سلبياته، الى حين إتضاح الصورة أكثر، وإختبار قدرات الحكومة الجديدة.
الطبيشات وجدوى الموقفمن جانبه يرى الدكتور أحمد الطبيشات وزير الشؤون البرلمانية في الحكومة المستقيلة، والنقيب السابق لمحامي الأردن، أنه عاصر ولادة البرلمان الأردني الحالي، وشارك في أول حكومة تتألف بعد الإنتخابات، وأنه لا يجد أي ضرورة أو داع لحل البرلمان لأن أي قانون إنتخابات ليصدر بشكل دائم وعصري، تحت لافتة الحد الأدنى من التوافق الوطني ينبغي أن تكون نقاشاته التأسيسية تحت قبة قاعة البرلمان، لأن هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن فيها تجنب إصدار قانون موقت، فوفقا للدستور فإن أي قانون تقترحه الحكومة وتصدره يأخذ الصفة الموقتة الى حين إنتخاب برلمان جديد له كل الحق دستوريا في رفض القانون، أو تعديل مواده وبنوده، وبلغة أدق فإن كانت القوى السياسية الأردنية تريد فعلا قانون إنتخاب عصري ودائم ويشتركون في نقاشاته عبر إقناع قوى برلمانية بأفكارهم ومقترحاتهم، فيجب أن يعملوا ليكون البرلمان حاضرا بصفته الدستورية للمصادقة على أي مسودة قانون إنتخاب جديدة، وإلا فإن دوامة القوانين الموقتة ستستمر، وهي مستمرة منذ خمسة عقود خلت من التوافق على قانون إنتخاب مستقر ومقبول.
عمارين وبرلمان كفؤ
أما الوزير السابق والبرلماني العريق الدكتور نزيه عمارين عضو مجلس الأعيان الحالي فإنه لا يتماهى مع دعوات أو تسريبات حل البرلمان الأردني الحالي، لافتا الى أنه منسجم مع العملية الإنتخابية منذ عام 1984، وله تجارب كثيرة مع دورات المد والجزر في قوانين الإنتخاب التي صدرت بشكل موقت منذ عام 1952 ، ويؤكد الدكتور عمارين بأنه حضر العديد من مداخلات ووجهات النظر لأعضاء في البرلمان الحالي، ويجد فيهم الكفاءة اللازمة لإدارة أي نقاشات بشأن قانون الإنتخاب الجديد المنوي بدء النقاشات حوله، كأولوية مشتركة بين الحكومة والبرلمان، شارحا بأن حل البرلمان من شأنه أن يدفع البعض للتساؤل عن دستورية أو شرعية أي قانون يصدر بغياب البرلمان، إذ أن الموفقة على أي قرار بصفة نهائية، هو أمر أوكله الدستور الى البرلمان، فكيف نتناقش طويلا أو نتحاور لأشهر وربما لسنوات بغياب البرلمان، وحين ينتخب البرلمان يكون هو صاحب الحق في تصميم قانون إنتخاب جديد، أو تغيير مفاصل القانون الذي تناقشنا حوله مطولا.
أبو طير و اللا حلالصحافي ماهر أبوطير مدير تحرير الشؤون السياسية في جريدة الدستور الأردنية أبلغ quot;إيلافquot; بأنه على صعيد المعلومة التي يملكها فإنه لا حل في المدى المنظور لمجلس النواب الأردني، وأن البرلمان لاحقا قد يتم حله كإستحقاق سياسي لأي قانون إنتخاب جديد، لكن بعد أن يدلي بدلوه في مناقشات القانون الجديد، وهي نقاشات قد تطول وصولا الى حال من التوافق الوطني حول مفاصل القانون الجديد، الذي قد يستقر في نهاية المطاف بعد سلسلة قوانين موقتة عارضتها قوى سياسية عديدة.
و عما إذا كان هناك أي ضمان لأن يحصل توافق وطني فعلا في مناقشات القانون الجديد وصولا الى إقرار القانون يؤكد أبو طير أنه حتى في الديمقراطيات العريقة التي تسبق الأردن بأشواط لا يوجد قانون إنتخاب يرتضيه الجميع، وحتى في الدول المستقرة ديمقراطيا فإنه من السهل أن تجد قوى سياسية تعترض على قوانين الإنتخاب هناك، وتطالب بالتغيير، وما نقصده بالتوافق الوطني هو الحد الأدنى الذي يسمح بمشاركة القوى السياسية رغم تحفظاتها وإنتقاداتها لبعض مفاصل القانون.
الحروب و التزويرمن جهتها لم تتردد الدكتورة رولا الفرا الحروب رئيس هيئة التحرير في جريدة الأنباط اليومية، ومقدمة برنامج سياسي في فضائية (جوسات) الأردنية، أنها لا تميل الى أي مطالبة بحل البرلمان، أو إبقائه، بل أن معاييرها منجسمة مع موقف وطني يشير صراحة الى أن رحيل البرلمان مجددا عبر الحل الدستوري على وقع شبهات التزوير والطعن القائمة المتعلقة راهنا بالبرلمان الحالي، هو أمر يعني إقرارا رسميا بأن البرلمان الحالي قد زورت نتائج إنتخاباته، تماما كما حصل مع برلمان 2007 الذي حل بعد عامين، ودون أن يكمل ولايته الدستورية، وهذا الأمر يعني تدميرا لمصداقية الدولة المسؤولة عن إجراء الإنتخابات، وهو يقود الى إنعدام الثقة بأي برلمان جديد بصرف النظر عن قانون الإنتخاب موضوع الجدل القائم حاليا.
وتؤكد الدكتورة الحروب أن أهم معضلة حاليا تواجه الوضع السياسي المعقد هو البحث عن تخريجة دستورية لتغييب البرلمان، لا تتماهى مع إدعاءات وتسريبات حصول تزوير في العملية الإنتخابية الأخيرة، فمثلا يمكن إنتاج أي سبب آخر غير الإقرار بصحة حدوث التزوير، رغم وجاهة بعض المعطيات حول حصول تجاوز وإلتفاف على إرادة الأردنيين من خلال ما عرف بمحور المناطق الوهمية في قانون الإنتخاب الذي جاء على إثره البرلمان الجديد.
وعما إذا كانت تقبل كصحافية وناشطة سياسية أن يشرف برلمان تحاصره تهم التزوير وإنعدام الشرعية على قانون الإنتخاب الجديد، وبالتالي تفصيله على مقاسات منافع ومكاسب لهم، إذ يعني هذا رفضهم لإشراك المؤسسات المدنية والقوى السياسية في إقتراح القانون الجديد تؤكد الدكتورة الحروب إن حدث مستقبلا هذا التعطيل من قبل البرلمان لأي قانون تريده غالبية القوى السياسية أو تتوافق حوله ضمن ضرورات الإصلاح السياسي، فإن هذا السبب يبدو وجيها ومستحقا لحل البرلمان الأردني تحت لافتة رفضه للتعاون مع الحكومة، وتجاهله للمطالب الوطنية المستحقة.
برهومة والحلأما رئيس التحرير السابق لصحيفة الغد الأردنية الدكتور موسى برهومة الذي أعتبر أردنيا بأنه أحد ضحايا الحكومة الأردنية المستقيلة حينما ضغطت أقطاب فيها لإقالته، رغم المهنية التي وسم بها الصحيفة، وتغريد موقفها خارج سرب الإعلام الرسمي المتهم بالتدجين حكوميا، فقد أكد لـquot;إيلافquot; أنه شارك في تظاهرات الغضب الأردنية على مدى الأسابيع الماضية، وأنه كان يردد مع المتظاهرين هتافات لإسقاط رئيس الحكومة المستقيل سمير الرفاعي، وكذلك البرلمان الذي منح هذه الحكومة ثقة صادمة للشعب الأردني.
ويؤكد الدكتور برهومة بأن لحل البرلمان كلفة سياسية بالتأكيد، لكن لا يتردد في إعتبار الكلفة أعلى في حال بقاء البرلمان الحالي، لأن الأصل أن البرلمان جرى إنتخابه وفقا لقانون إنتخاب (معاق)، وأنه اتخذ هذا الموقف منذ اللحظات الأولى لإزاحة الستار عن مفاصل القانون، مؤكدا أنه يعترف بلا مواربة أن التعقيد المتعلق بمصير البرلمان، وإلحاح الشارع لمعرفة مصيره هو أصعب وأخطر وأول معضلة ستجابه الرئيس المكلف للحكومة الجديدة معروف البخيت، لافتا الى أن الأصل هو التريث والمراقبة لمعرفة إتجاهات الحكومة الجديدة، وقراراتها وقدراتها.
التعليقات