ساد تفاؤل حذر وتشكيك في الأردن مع الإعلان عن التركيبة الحكوميّة الجديدة لمعروف البخيت، ويرى محللون وسياسيون تحدثوا إلى (إيلاف) أن تجربة البخيت السياسيّة السابقة ستلقي بظلالها، مع تشكيك في قدرة حكومته على مجابهة التحدّيات السياسيّة والاقتصاديّة الصعبة.


الأردن: حكومة الجنرال البخيت بلا مفاجآت من 26 وزيرا

عمّان: بعد مخاض دام ثمانية أيام من حوارات ونقاشات مع قوى الداخل الاردني وأطيافه الحزبية والبرلمانية على غير العادة في تشكيل الحكومات الأردنية، خرج الرئيس المكلف معروف البخيت بفريق وزاري ضم شخصيات اردنية تمثل اغلب القوى السياسية والحزبية والنقابية التي طالما نادت بالاصلاح وهم خارج أروقة كراسي السلطة التنفيذية، ليصبحوا وزراءً مطلوب منهم ترجمة أفكارهم الإصلاحية لواقع ملموس ينسجم مع خصوصية النظام السياسي الأردني.

وبإعلان حكومة معروف البخيت، الأربعاء يكون الأخير قد اجتاز الدرجة الأولى في سلم مهمات الحكومة المحددة.وطالع تشكيلة الحكومة الاردنية الجديدة التي تضم ألوان الطيف السياسي الأردني من قوى سياسية وعسكرية وإعلامية ونقابية وحزبية ووجوه جديدة.

وعلى الرّغم من التنوع لم تقابل هذه التركيبة بتفاؤل من قبل الأوساط السياسية والبرلمانية.

وفي الردود الداخلية على تركيبة الحكومة الثانية للبخيت ومدى الحضور الشعبي لها، ولاسيما أن الرئيس البخيت كرر أثناء مشاورات التشكيل بأن اختيار الوزراء مستند إلى معايير الكفاءة والنزاهة.

يؤكد رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائب عبد الكريم الدغمي أنّ بعض وزراء الحكومة لهم حضور سياسيّ، لكن في الوقت نفسه تحتضن الحكومة وزراء تأزيم وتاريخهم يشهد لهم، وطيف آخر لم يسجل اي بصمة في المشهد السياسي الأردني في مواقع سابقة كانوا فيها.

ولفت النائب إلى أنّ الحكومة لا تمثل الشارع الأردني على الرغم من وجود بعض الشخصيات من الوزن السياسي الثقيل فيها.

ويقول المحلل السياسي الدكتور مهند مبيضين إنّ quot;تركيبة الحكومة جاءت عادية وأمامها تحديات أهمها إن كانت ستنجح في مواجهة التحديات الداخلية، وستكون معها سلطة الحكومة للقيام بالمهامات المطلوبة منها وكذلك هل سينجح الرئيس بشطب تجربة حكومته السابقة والأخطاء التي ارتكبت في تلك الفترة، هذه الأمور من شأنها إعاقة المهام المطلوبة منهquot;.

نائب حركة اليسار في البرلمان الأردني بسام حدادين يعتقد أن الحكومة تضم نخبة من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والانتماء وتمثل ألوان الطيف السياسي من قوى الأحزاب والنقاباتquot;.

وفي اجراء هدفه امتصاص غضب المعارضة اصر الرئيس على اشراك احزاب المعارضة خصوصًا حزب جبهة العمل الإسلامي لكنهم رفضوا المشاركة، إلى جانب رفض العديد من الشخصيات، مما افرز وجوهًا فاجأت الأوساط الرسمية.

ويعلق المحلل السياسي فايز الفايز أن الرئيس واجه صعوبة في التشكيل برفض العديد من الشخصيات الانضمام إلى حكومته وكذلك المعارضة، واصفًا التركيبة بأنها من الشخصيات الكبيرة في السن والقديمة الذين لهم تاريخ طويل في عملهم العسكري او المدني، مضيفًا ان ميزة هذه الشخصيات هو انها تجاوزت سن البلوغ السياسي والوزاري، بعيدًا من رجال الاعمال ولديهم قدرة على التعامل مع قضايا الوطن بحس عالِ، على حدّ تعبيره.

ويضيف الفايز: quot;البخيت نجح في اختيار وزراء لهم هيبة وثقل شعبي وكما انصفالعديد من الشخصيات التي تعرضت للظلم من قبل الحكومات السابقة واعادها الى حقل العمل الوزاري مجدّدًا لإنصافهمquot;.

وتواجه الحكومة الجديدة تحديات سياسية وداخلية واقتصادية وحول مدى قدرتها على انجاز ملف الاصلاح السياسي، وتحسين الظروف المعيشية للمواطن الاردني يقول النائب حدادين ان الاصلاح والتغيير يتقدم بقوة عبر دفع من الملك عبدالله الثاني، أي انه لا يتوقع جدية الحكومة في ملف الإصلاح على حد قوله.

من جانبه، يقول النائب الدغمي إنّ الرئيس احتاج أكثر من اسبوع بين مشاورات لتأليف الحكومة اعتقد انه بحاجة الى خمس سنوات للبدء بمشروع الاصلاح اي انه لن ينجز ملف الاصلاح لأنّ التاريخ يقول لنا إنّ تجربة حكومته الأولى لا تزال تطارده وتثبت عجزه في تحقيق الاصلاح او اي ملفات اخرى .

وفي ملف الإصلاح يتساءل الدكتور مبيضين هل العقليات الحكومية بأعمارها الحالية مؤمنة بالإصلاح والتغيير؟

أمّا العامل السياسي الذي سيكون تحت مجهر الرصد والمراقبة هو نجاح حكومة البخيت في اخراج قانون انتخاب يتواءم مع الحالة الأردنية، وفي هذا السياق يأملالفايز أن تكون الحكومة جادة في اشراك جميع الاقطاب السياسية والشعبية والمجتمع المدني لإخراج قانون انتخاب عصري.

واجمع النواب والمحللين على ان الحكومة الجديدة امام رهان حقيقي فهل ستتمكن من اجتياز الاحتجاجات الشعبية، وتحسين الظروف الاقتصادية للمواطن الأردني فأي تلكؤ وخطأ سيقع بين فكّي الشارع من جهة والبرلمان من جهة أخرى.

وفي جانب آخر، يبدو أنّ لغة خطاب النواب مع الحكومة الجديدة ستشهد تراشقًا عنيفًا وبهذا الخصوص علق النائب حدادين ان العلاقة ستشهد حرارة غير مسبوقة، فيما يرى النائب الدغمي أنّ على المجلس حجب الثقة عن الحكومة لأن المشاورات التي قام بها الرئيس مع النواب كانت بمجرد تنظير ولا سيما ان المجلس تنازل عن حقه بأن يكون نصف الوزراء من النواب، والذي لم يأخذ الرئيس بهذا الاقتراح، وهو اختيار نائب واحد عن كل محافظة ليكون وزيرًا الى جانب مناطق البادية الثلاث ليكون تمثيلاً حقيقًا للمحافظات الأردنية.