الاقصر: الاستمتاع بتأمل معبد الاقصر في هدؤ وتصوير اعمدة الكرنك دون ازدحام او تدافع: حلم اصبح حقيقة بالنسبة للقلة القليلة من السياح الموجودين في هذه المواقع الاثرية الفرعونية الفريدة منذ بداية الحركة الاحتجاجية في مصر لكنه كابوسا للتجار وبائعة التذكارات الذين حرموا من زبائنهم.

فقد اصبحت الاقصر مدنية خاوية بعد خلو فنادقها وبازاراتها من السياح وتعطل مرشديها عن العمل. ويقول موسى ابراهيم امام مدخل معبد الاقصر وامامه حارس يغفو على مقعده quot;عادة هذا الموقف يكون ممتلا على اخره بالحافلات السياحيةquot;.

ويقول هذا المرشد السياحي آسفا quot;اقتصاديا، الوضع خطير جدا. شركات السياحة لا تعمل ولا احد يبيع شيئاquot;. ويضيف وهو ينفث دخان سيجارة من نوع كليوباترا quot;لنامل ان يرحل الدكتاتور وان يعود السياحquot;.

وفي هذا الوقت الذي يعد ذروة الموسم السياحي، تكون فنادق الاقصر عادة كاملة العدد لكن الثورة الشعبية على النظام واعمال العنف في العديد من انحاء البلاد دفعت السياح الذين كانوا موجودين الى الفرار والاخرين الى الغاء سفرهم ليخلو مطار المدينة من اي طائرة تشارتر.

وعلى ضفاف النيل تصطف على الرصيف العشرات من السفن السياحية الخالية. ويتذكر موسى ان الاقصر لم تكن في هذا الحال منذ 1997، بعد مقتل نحو 60 سائحا في هجوم شنته مجموعة اسلامية مسلحة قرب معبد حتشبسوت في البر الغربي للمدينة والذي تطلب الخروج منه quot;بضعة اشهرquot;. لكن اسرة الاميركية ماري جو ولسزون تشعر بالسعادة لوجودها وحدها بين اطلال المعبد مع بضعة سياح مصريين.

وتقول السائحة القادمة من مينيسوتا لزيارة ابنتها المقيمة في القاهرة مع زوجها quot;انه افضل وقت لزيارة هذا المكانquot;. وتضيف quot;لم اشعر بالخوفquot; في العاصمة رغم التظاهرات الحاشدة. اما في الاقصر quot;الامر رائع. نحن النزلاء الوحيدين في الفندقquot; في حين وقف احفادها يتاملون ما على الاعمدة من كتابات هيروغليفية.

وفي البازار الواقع على بعد نحو نصف كيلومتر ينصرف اصحاب المحلات الى لعب الطاولة بانتظار الفرج. وقد امتلات رفوف محالهم بالتذكارات من اهرام بللورية واوراق بردى وغيرها من العاديات التي تحمل رسوم فرعونية. لكن على امتدار الطريق الضيق الذي تفوح منه روائح البهارات لا يوجد سائح واحد.

ويقول باسكال مهيود امام حانوته للتذكارات quot;انني على استعداد لتخفيض اسعاري كثيرا. منذ 15 يوما وانا لا اعمل الامر اصبح صعباquot;. quot;ما يقومون به الان هو من اجل ابنائناquot; متحدثا عن المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة الذي اصبح معقلا لحركة الاحتجاج، مضيفا quot;لكننا هنا لا نستطيع ان نتظاهر فهذا يدفع السياح الى الفرارquot;.

وعلى الطريق المؤدي الى معبد الكرنك، الذي يعد من اشهر المواقع الاثرية الفرعونية، تقف دبابة للجيش. وقد شهدت الاقصر تظاهرات معادية للحكومة شارك فيها مئات الاشخاص دون ان تتخللها اي اعمال عنف وفقا لشهود. والزجاج المحطم للمكتبة العامة التي ترعاها سوزان مبارك زوجة الرئيس هو الشاهد الوحيد على الغضب ابناء الاقصر على النظام.

وعند مدخل معبد الكرنك يقفز بائع التذاكر فرحا لوصول زائر. ويقول quot;لم ابع سوى 40 تذكرة اليومquot;. وعند اقدام مسلة شاهقة يقف مايكل مولر (41 عاما) وزوجته ليزا (25 عاما) يستمتع بهدؤ المكان الذي يختنق ازدحاما في العادة.

وهذان السائحان السويسريان اللذان قدما الى مصر في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي واللذان يقولان انهما من quot;الناشطين السياسيينquot; يبدوان اكثر تحمسا واعجابا بقضية المحتجين من اعجابهما بروعة المكان.

وقالت ليزا quot;كنا اول شباط/فبراير في الغردقة (على البحر الاحمر) وعدنا الى القاهرة لرؤية ما يحدث في ميدان التحريرquot; رغم ان quot;والدتي تريدني ان اغادر البلادquot;. من جانبه يقول مايكل quot;سنذهب غدا الى اسوان لكن قلبي مع القاهرةquot;.