أقر رئيس المجلس القومي للشباب صفي الدين خربوش المسؤول الأول عن الشباب في مصر بمسؤوليته عن الخلل في عدم التواصل مع الشرائح الشبابية التي فجرت ثورة 25 يناير، نتيجة لغياب التنسيق المطلوب بين المجلس القومي للشباب وكل الوزارات والهيئات المعنية بقضايا الشباب وأهمها البطالة ndash;على حد قوله.في المقابل، أرجع بعض الخبراء والمتخصصين نجاح ثورة الشباب وإلتحام شرائح وفئات الشعب المصري كافة معهم إلى حزمة من الأسباب، منها قديمة، وأخرى جديدة برزت على الساحة في الفترة الأخيرة.
القاهرة:إعترف رئيس المجلس القومي للشباب د.صفي الدين خربوش المسؤول الأول عن الشباب في مصر في تصريحات إعلامية بمسؤوليته عن الخلل في عدم التواصل مع الشرائح الشبابية التي فجرت ثورة 25 يناير، نتيجة لغياب التنسيق المطلوب بين المجلس القومي للشباب وكل الوزارات والهيئات المعنية بقضايا الشباب وأهمها البطالة ndash;على حد قوله.
في المقابل، أرجع بعض الخبراء والمتخصصين نجاح ثورة الشباب وإلتحام شرائح وفئات الشعب المصري كافة معهم إلى حزمة من الأسباب، منها قديمة، وأخرى جديدة برزت على الساحة في الفترة الأخيرة.
تعود الأسباب القديمة إلى ما قبل يوم 25 يناير، ومنها تجاهل أجهزة الدولة احتواء الشباب وعدم قدرتها على التفاعل معهم، وفشل الأحزاب السياسية في إستقطاب الشباب بشرائحهم المختلفة بما فيهم الحزب الوطني الحاكم، وعدم وجود أي مشروع قومي للشباب يجمعهم تحت عباءته، فضلاً عن فقدان القدوة والثقة في رموز المجتمع، وخصوصاً رجال السياسة والأعمال من المتنفذين في الحزب الحاكم، وإنتشار البطالة،ما نتج منه ضعف الإنتماء.
أما الأسباب الجديدة التي تحدث عنها المتخصصون فهي التي ظهرت ابتداءً من يوم 25 يناير، ومن أبرزها إستهانة النظام الحاكم السابق وحكومته بالشعب المصري وخصوصاً شرائح الشباب، والإستخفاف بهم بتزوير إنتخابات المجالس كافة، وخاصة مجلسي الشعب والشورى، فضلاً عن التصميم على سيناريو توريث السلطة لنجل الرئيس السابق دون الإلتفاف إلى معارضة الشعب لهذا التوريث في نظام جمهوري.
إضافة إلى أن الشباب وجدوا ان الدولة لا تمثل أي طموح لهم، ولم يجدوا أنها ترسم مستقبلاً أفضل لمصر، كما إنها لا تعبّر عنهم وعدم شعورهم بأنها ليست ملكًا لهم، إضافة إلى أنالشباب لم يجد أطرًا للعمل السباسي يمارس من خلاله العمل السياسي بسبب القبضة الأمنية، وهي التي أضعفت الأحزاب السياسية.
وأكد الخبراء والمتخصصون أن الشباب لم يجدوا فضاء يتجمعون فيه سوى الفضاء الإلكتروني، حيث أصبح الإنترنت هو الوعاء الحركي لهم، مما أحدث بينهم ترابطًا في الغايات والأهداف العليا. quot;إيلافquot; إستطلعت آراء بعض الخبراء والمتخصصين في هذا التحول الشبابي، وتفجر الموقف من تظاهرات إلى إنتفاضة، ثم إلى ثورة شعبية شملت كل شرائح وطوائف الشعب المصري.
تعبير عن مطالب الشعب
يعتبر د.مصطفى كامل السيد الناشط السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة أن الشباب نجحوا في ثورة 25 يناير، لأنه عبّر عن مطالب الشعب بشرائحه وطوائفه كافة، وأن هذه الثورة لم تبدأ من فراغ، لكنها كانت حركة متصاعدة من الإحتجاجات الشعبية منذ ظهور حركة quot;كفايةquot; عام 2004.
كما شهدت مصر سلسلة غير مسبوقة من الإحتجاجات الجماعية من طوائف الشعب كافة منذ عام 2004 وبلغت ذروتها وأعلى مستوياتها في العامين الأخيرين، وشارك فيها فلاحون وعمال وصيادلة ومهندسون وصحافيون وأساتذة جامعات وطلاب وغيرهم، كما كانت إضرابات المحلة في أبريل/نيسان عام 2008 علامة بارزة على إلتحام حركة الشباب بمطالب العمال.
شعارات الثورة
يفند السيد أسباب نجاح حركة الشباب، فيقول إن السبب الأول هو quot;أن شعاراتها الأساسية كانت هي التغيير والحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية، وهذه الشعارات تجمل مطالب الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي، لذلك إلتف الشعب حول هذه الحركة وهذه المطالب. وصحيح أن هذه الحركة بدأت بالشباب، ولكنها إمتدت لتشارك فيها طوائف الشعب كافة، ليس في القاهرة وحدها، ولكن في العديد من الأقاليم بالوجهين البحري والقبلي حتى سيناء والواحات.
السبب الثاني لنجاح الشباب هو quot;دقة التنظيم، فهؤلاء الشباب يعدون لهذه الثورة بالتفاصيل، ويتواصلون في ما بينهم، سواء من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، مثل فايسبوك وتويتر، أو حتى بالإتصال الشخصي، لكن الحكومة لم تكن تلقي لهم بالاً، وكانت تستهين بهم، بل إنها لا تعرف أصلاً عن حركتهم شيئاً، فضلاً عن إستهانة الحكومة البالغة بالشعب المصري، وذهابها إلى أبعد مدى في الإستخفاف بهؤلاء المواطنين، مثلما جرى في التزوير الفاضح في إنتخابات المجالس المنتخبة، وخاصة مجلس الشعب، والمضي قدمًا في سيناريو توريث السلطة لنجل الرئيس السابق دون الإهتمام بمعارضة الشعب لهذا التوريث في نظام جمهوري لا ملكي، إضافة إلى أن الدرجة المتاحة من حرية الرأي والتعبير من خلال الصحافة المستقلة والفضائيات المستقلة مكنت المواطنينمن التعرف إلى أبعاد الفساد الذي ضرب بجذوره في أطناب النظام السابق.
قوة سياسية فاعلة
حول مستقبل هؤلاء الشباب، يرى السيد أن quot;هناك نية لدى هؤلاء الشباب في المحافظة على دورهم كقوة سياسية فاعلة، لكن عليهم أن يبذلوا جهودًا كبيرة للمحافظة على وحدتهم وعلى وجود برنامج سياسي وإقتصادي وإجتماعي يلتفون حوله جميعًا، لذلك فإن الوحدة بينهم هي الشرط الأساسي حتى ينجحوا في الإستمرار كقوة سياسية فاعلة في مصرquot;.
تغيير حقيقي
من جانبه أكد د.رفيق حبيب المفكر والباحث في علم الإجتماع السياسي أن الأسباب الحقيقة لهذه الدعوة إلى التظاهر هي أنها جاءت في لحظة يريد كل الشعب المصري فيها إحداث تغيير حقيقي، بعدما طال صبره على الأوضاع القائمة، فعندما بدأت التظاهرات وجدت تجاوبًا شعبيًا كاسحًا، يدل على أن عامة الشعب المصري تريد تغييرًا حقيقيًا للنظام السياسي الحاكم.
فقد واجه الشعب إستبدادًا بلغ ذروته في إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وتحدياً لإرادة الشعب من نخبة حاكمة إستفزت مشاعره بتصريحات كان فيها الكثير من الطغيان وتجاهل الواقع أو إدراكه. وأضاف quot;وصل الفساد إلى حد إستنزاف موارد البلاد وثرواتها، ما أدى إلى إفقار القطاعات الكبيرة من المجتمع، إلى جانب إتساع غياب دولة القانون بكل صورها، فتزايدت المظالم التي عملت على توحيد الشعب المصري كله، وأصبح في جانب والنخبة الحاكمة في جانب آخر، كما تزايد بطش الأجهزة الأمنية التي روعت الآمنين، وأصبحت مثالاً للقهر والتخويف، وكل هذه العوامل معًا جعلت فئات المجتمع لديها الرغبة في التغيير وإجتمعت كلها على رفض النظام الحاكم.
ثورة الياسمين التونسية
يشير حبيب إلى أن الدعوات إلى التظاهر تعددت quot;منذ عام 2005، وكانت تجد صدى محدودًا من الشعب، لكن عندما بلغ الغضب الشعبي أقصى مدى له، وجاءت الثورة التونسية لتشعل الآمال من جديد، إستجاب الشعب المصري لهذه الدعوة، فتصاعدت في ظل أيام قليلة من التظاهرة إلى إنتفاضة إلى ثورة شعبيةquot;.
الشباب 60% من الشعب
يوضح حبيب أن quot;الشباب هم الفئة الغالبة في المجتمع المصري، وقد يمثلون تقريبًا نسبة 60% حتى سن 35 عامًا، ولم تمثل لهم الدولة أي طموح، ولم يجدوا أنها ترسم مستقبلاً أفضل لمصر، ولم يجدوا أنها تعبّر عنهم، ولم يشعروا أن الدولة ملك لهم، فضلاً عن أنهم لم يجدوا الأطر السياسية والإجتماعية بسبب القبضة الأمنية الشديدة التي أضعفت الأحزاب السياسية وإستسلام هذه الأحزاب لهذه القبضة، فلم يجد الشباب فضاء يجتمعون فيه إلا الفضاء الإلكتروني الذي أصبح الوعاء الإلكتروني لهم، حيث أحدث بينهم ترابطًا في الغايات والأهداف العليا يشكل لهم وجداناً واحداً.
فأصبحت لديهم رغبات مشتركة، حيث بدأوا ينتقلون من حالة التواصل على الإنترنت إلى اللقاء في الشارع، وبعد مرات عدة من المحاولة والتجريب في أنشطة وتظاهرات سابقة، إستطاعوا هذه المرة الخروج بصورة يملؤها الحماس الكبير فجاء التأييد الشعبي ليعطيهم قوة حقيقية على الأرض جعلهم قادرون على الصمود في ميدان quot;الحرية quot; التحرير سابقًا، وهذا الإلتفاف الشعبي الذي جعل الشعب كله حاضنًا لشبابه، وجعل الشباب حاضنًا للمجتمع، فتشكلت قوى إجتماعية إضافية، جعلت الإعتصام في الميدان صلبًا وقويًا، وإستطاع أن يصمد أمام كل الضغوط، خصوصاً محاولة إقتحام الميدان في الثاني من فبراير.
إنتفاضة شبابية وثورة شعبية
وشدد حبيب على أنه علينا أن نؤكد أنها إنتفاضة شبابية تحولت إلى ثورة شعبية، وحملت مطالب الشعب كله، الذي أكد أنه يريد الحرية والعدل والكرامة، ولهذا فمطالب الشعب الآن هي تحول ديمقراطي حقيقي، يكون أداة لإقامة العدل وتحقيق كرامة الإنسان المصري، وهذه مسؤولية الشعب في المرحلة الإنتقالية في أن يظل نشطاً وفاعلاً ويقظًا حتى تأتي كل إجراءات المرحلة الإنتقالية محققة أهدافه التي خرج من أجلها في ثورته الشعبية.
تراكم المشكلات والفساد والبطالة
في الإطار عينه، بينّت د.مديحة الصفتي أستاذ الإجتماع في الجامعة الأميركية في القاهرة أن quot;تراكم المشكلات على مدى السنوات الثلاثين الماضية وعدم تحقيق الطموحات الشعبية والمتمثلة في الإنجازات بالمجالات المختلفة والتي تهم رجل الشارع العادي، وخاصة شريحة الفقراء، بل سماع الشعب وعودًا فقط، ومع إنتشار البطالة وزيادة الأسعار في ظل رواتب متدنية وإستشراء الفساد مع بروز رجال الأعمال في العمل السياسي، جاءت لحظة الإنفجار من جانب الشعبquot;.
وتوضح أن شرارة الإنطلاق كانت من الشباب، وعلى الرغم من أن الحكومة كانت تعلم بالفاسدين، لم يتم إتخاذ أي إجراء تجاههم، بل كان التصعيد من جانبها وممارسة القمع من جانب الأجهزة الأمنية، ووصلت ذروته بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي على شباب المتظاهرين منذ بداية الأحداث في 25 يناير، وسقوط شهداء بالمئات على مستوى مصر، داعية إلى quot;محاكمة المسؤولين عن ذلك وتوقيع أقصى العقوبة في حقهمquot;، مشيرة إلى أن quot;أحد رجال الحرس الملكي السابق لملك مصر السابق فاروق كتب في مذكراته أن الملك رفض ضرب أي مواطن مصري بالرصاص الحي أو غيره في التظاهرات التي كانت تخرجquot;.
حزب حاكم فاسد
واعتبرت الصفتي أنه quot;لا توجد حياة حزبية في مصر، ولا أحزاب سياسية تحتوي هؤلاء الشباب أو تستقطبهم، بل حزب واحد فاسد فقط مسيطر، وهو الحزب الحاكم السابق، كما إن المجتمع المدني في مصر ركز في مشروعاته على الأعمال الخيرية نتيجة لإنتشار الفقر، ولم يركز على مشروعات الشبابquot;، وأعربت عن أملها في أنيحقق الشباب آمالهم ومطالبهم من أجل الوصول إلى مجتمع ديمقراطي سليم.
التعليقات