مع إستمرار الاحتجاجات في البحرين، البلد الخليجي الصغير، ومقرّ الأسطول الخامس الأميركي، يراقب الأميركيون والسعوديون الأحداث فيه باهتمام وقرب وقلق شديد. في هذا الأطار، أكد خبير قريب من وزير الداخلية السعودي، الأمير نايف أن quot;الحكومة السعودية ستتدخل في حال خرجت الأمور عن السيطرة في البحرينquot;.


رغم إعلان العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة الثلاثاء علنًا أسفه لوفاة متظاهرين إثنين خلال تفريق تظاهرات مطالبة بالإصلاح السياسي في المملكة، وأمره بتشكيل لجنة يرأسها نائب رئيس مجلس الوزراء للتحقيق في ملابسات quot;الأحداث المؤسفةquot;، يرى نبيل رجب المحلل في مركز البحرين لحقوق الإنسان أن عرض الملك quot;جاء صغيرًا ومتأخرًاquot;.

وأضاف في حديث لـ quot;بي بي سيquot; أن الناس كانوا ينادون بالأمس بإصلاحات. أما الآن فينادون quot;بتغيير النظامquot;. لكن محللين غربيين يقولون إنه من غير المحتمل أن تتكرر تجربة الثورة المصرية في البحرين. ويقول جالا رياني، محلل شؤون الشرق الأوسط في مجلة quot;جينسquot; الأسبوعية المتخصصة بالشؤون الدفاعية، إن quot;البحرين ليست غريبة على هذا النوع من القلاقلquot;.

ويضيف إن quot;السلطات هناك قادرة على التعامل معها، كما هو عهدها في الماضي، إذا ظل طابعها طائفيًاquot;، لكن الـ quot;إذاquot; هنا ستكون كبيرة.

مشاركة نسوية
بدورها، تقول الصحافية ريم خليفة، المحررة في صحيفة الوسط البحرينية، إن الاحتجاجات هذه المرة مختلفة، إذ يتظاهر شباب سنّة وشيعة معًا، ويهتفون quot;لا سنية لا شيعية، بحرينية فقطquot;، وهو أمر لا سابق له. وتضيف أن النساء صرن أكثر انخراطًا ومشاركة في تلك النشاطات الاحتجاجية، وأحد الأسباب هو أنهن أقل عرضة للمعاملة القاسية على يد قوات الأمن.

لكن الصحافية البحرينية تؤكد أنها شاهدت امرأة واحدة على الأقل كانت تحمل العلم البحريني، وقد تعرضت لاحتكاك خشن من قبل قوات الأمن. يشار إلى أن قوات الأمن البحرينية مكونة في غالبيتها من غير البحرينيين، وهم مسلمون سنة مجندون من دول كباكستان واليمن وسوريا والأردن.

وتمنح الدولة هؤلاء الجنسية بسرعة، ويحصولون على امتيازات ومعاملة تفضيلية، وهو ما يدفعهم ويؤهلهم إلى اختراق صفوف المتظاهرين. ويقول أحد المحتجين إن بعضهم لا يتحدث العربية، quot;وهم لا يحترمون الناس، ولا يحترمون العلم، ولاؤهم فقط لولي نعمتهمquot;.

تدخل سعودي
مع تشابك الظروف، صار أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما صداع جديد على مائدة الشرق الأوسط، فالأسطول الخامس هو الضامن الأميركي أمام التهديدات الإيرانية المتزايدة في المنطقة. وكما هو الحال في مصر كانت سياسة واشنطن تجاهل المظالم المشروعة للبحرينيين، لمصلحة دعم الاستقرار وتأييد نظام حكم قمعي كالنظام البحريني.

لكن في حال تجاوزت هذه الاحتجاجات الخطوط والتقسيمات الطائفية، ومع استمرار رد الحكومة البحرينية عليها بالقمع والعنف، فإن واشنطن ستكون في وضع حرج، إذ سيصعب عليها تأييد حكومة تحرم وتقف عائقًا أمام التطلعات الديمقراطية لمواطني دولة عربية أخرى.

من جانبها تشعر الحكومة السعودية بالتوتر أكثر من غيرها، لتشابك ارتباطاتها بالبحرين. إذ يقول خبير قريب من وزير الداخلية السعودي، الشخصية القوية في النظام، الأمير نايف إن quot;الحكومة السعودية ستتدخل في حال خرجت الأمور عن السيطرة في البحرينquot;. يتفق جالا رياني مع هذا الرأي بالقول إن السعوديين لن يترددوا في تقديم العون للحكومة البحرينية، وقد يتدخلون مباشرة إذا تطلب الأمر، وخرج الأمر عن سيطرة الأمن البحريني.

ومن شأن هذا أن يزيد من تعقيد الأزمة المتفاقمة أصلاً في الشرق الأوسط بالنسبة إلى أوباما، في وقت تجاوزت فيه قضية عدم الاستقرار الاستراتيجية الأميركية في المنطقة. وقد شهدت البحرين، التي تحكمها أسرة آل خليفة السنّية، ويشكل فيها الشيعة الغالبية، شهدت، مع تصاعد الأحداث في مصر، دعوة ناشطين في حقوق الإنسان إلى يوم غضب يوم الاثنين الرابع عشر من الجاري.

وكانت النتيجة مناوشات متفرقة بين محتجين في قرى شيعية في أنحاء الجزيرة، ومحاولات لنسخ حركة شبيهة بحركة ميدان التحرير المصرية، وسط العاصمة المنامة. وأظهرت بعض اللقطات المصورة التي بثّت عبر الانترنت الشرطة البحرينية تهاجم متظاهرين يحتجون بشكل سلمي بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

وحتى الآن، تستمر الحكومة في الرد على تلك الاحتجاجات بأسلوب القبضة الحديدية والرد العنيف، مما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة العشرات. في وقت دعت المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي السلطات البحرينية إلى التخلي عن quot;الاستخدام المفرط للقوةquot; ضد المتظاهرين. وقالت بيلاي في بيان quot;أدعو السلطات في البحرين إلى التوقف فورًا عن الاستخدام غير الملائم للقوة ضد متظاهرين مسالمين وإلى إطلاق سراح الذين اعتقلواquot;.

وعلى الرغم من تعرض المتظاهرين البحرينيين للضرب والتعرض للغازات المسيلة للدموع، هذه هي المرة الأولى، منذ أعوام عدة، تشهد فيها الساحة البحرينية سقوط قتلى، مما أضاف مزيدًا من مشاعر الغضب والسخط في الشارع البحريني.

ويطالب المتظاهرون، الذين رفع العديد منهم العلم البحريني، بوضع دستور جديد للبلاد، والإفراج عن مئات المعتقلين الشيعة الذين احتجزوا منذ أغسطس/ آب من عام 2010، ووضع حد لانتهاك الحقوق المدنية للمواطنين.