قال خبراء في القانون الدولي إن لبنان غير ملزم بإعادة سامي شهاب المدان في ما يعرف بـquot;خلية حزب اللهquot; في مصر، والذي فر من السجن أثناء حالة الإنفلات الأمني التي وقعت في أعقاب إنسحاب الشرطة وفتح السجون يوم quot;جمعة الغضبquot; في 28 كانون الثاني- يناير الماضي.


سامي شهاب يشارك في إحتفال بمناسبة الذكرى السنوية لمقتل مغنية

أكد خبراء في القانون الدولي أن القانون لا يلزم الدول الموقعة على إتفاقيات تسليم المجرمين بإعادة المتهم المتواجد على أراضيها، ويترك لها سلطة تقدير الموقف، بعد إجراء تحقيق مستقل في التهم المنسوبة إلى المتهم، وفي حالة الإدانة، يمنحها أيضاً الحق في أن يقضي العقوبة في سجونها.

وقد إتصلت quot;إيلافquot; بمنتصر الزيات محامي ما يعرف بـquot;خلية حزب اللهquot;، فرد مدير مكتبه، قائلاً إنه يؤدي فريضة العمرة بالأراضي الحجازية، وسوف يعود يوم الجمعة.

بدوره، قال الدكتور نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان لـquot;إيلافquot; إن القانون الدولي نظم عملية تسليم المجرمين بين الدول، وفقاً لعدة شروط منها أن تكون هذه الدول قد وقعت على إتفاقية تسليم المجرمين، إضافة إلى ضرورة أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم الهارب يعاقب عليها القانون في تلك الدول، فضلاً على ضرورة أن يكون الحكم القضائي الصادر بحق المهتم مبرم ونهائي. وأضاف أنه إذا توافرت تلك الشروط، تخاطب الدولة التي تطلب تسليم المتهم الدولة الأخرى التي هرب إليها بخطاب رسمي من النائب العام إلى نظيره في الدولة الأخرى، عبر وزارة الخارجية، وتتم إجراءات التسليم من خلال الإنتربول الدولي، مشيراً إلى أن رغم توافر كل تلك الشروط يحق للدولة التي يتواجد المتهم على أراضيها رفض تسليمه للدولة الأخرى، لأن القانون الدولي يعطيه سلطة تقديرية للرفض أو القبول.

وحول مدى انطباق تلك الشروط على حالة سامي شهاب، قال حلمي إنها تنطبق بالفعل عليه، وعلى جميع المدانين الهاربين من السجون المصرية الأجانب، بمن فيهم أعضاء في حركة حماس لجأوا إلى قطاع غزة، لكنه أبدى خشيته من عدم إعمال القانون الدولي فقط في تلك الحالة، وتدخل إعتبارات سياسية فيها، حيث ينظر البعض في لبنان وتحديداً حزب الله لما قام به أعضاء خليته في مصر من أعمال على أنها بطولية ومقاومة ودعم لأهالي قطاع غزة، في حين أن السلطات المصرية عندما ألقت القبض عليهم وأحالتهم على المحاكمة، تم ذلك بناء على القانون المصري الذي يرى أن ما قاموا به يعرضهم للمساءلة بتهم الإضرار بالأمن العام، والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية والتجسس. وتابع حلمي قائلاً: رغم ذلك يمكن حل تلك الإشكالية بسهولة، حيث إن الحكومة المصرية سوف تخاطب نظيرتها اللبنانية وفقاً لإتفاقية تسليم المجرمين، و لن تخاطب حزب الله بالطبع، لأنه لا يمثل الحكومة، وليست له سلطة على الدولة اللبنانية، فالسلطة هناك وفقاً للقانون لرئيس الدولة ورئيس الحكومة.

من جهته، قال الدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولي وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة السابق، لـquot;إيلافquot;، إن الدولة اللبنانية غير ملزمة بإعادة سامي شهاب الدين إلى مصر، لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقه في ما نسبته إليه السلطات المصرية من تهم منها التخطيط للقيام بأعمال إرهابية وتهديد الأمن في البلاد والتخطيط أيضاً لقلب نظام الحكم في مصر. وأوضح أبو الوفا أنه وفقاً للقانون الدولي فان الدولة التي يتواجد على أرضها أحد المطلوبين الجنائيين لدى دولة أخرى، غير ملزمة بتسليمه إليها، ويمنحها الحق في تقدير الأمر، ولها أن ترفض أو تقبل طلب الدولة الأخرى، وأضاف أن الدولة المتواجد على أرضها المتهم، يمكن لها أن تقوم بإعادة محاكمته طبقاً للقوانين المعمول بها لديها، وفي حالة الإدانة لها الحق في أن يقضي العقوبة في سجونها، وإن شاءت فلها الحق في تسليمه للدولة التي تطلبه.

كما تابع: quot;هذا إن كانت الدولتان قد وقعتا على إتفاقية تسليم المجرمين، أما في حالة عدم توقيع إحداهما على الإتفاقية، فلن يكون للأخرى الحق في تقديم الطلب من الأساس، وسوف تكتفي بإبلاغ الإنتربول الدولي ببيانات المتهم، لوضعه على قوائم الترقب والوصول في الدول الموقعة على الإتفاقية، وفي حالة سفره إلى إحدها، يتم القبض عليه فوراً، وتسليمه للدولة التي تطلبه لتنفيذ الحكم الصادر بشأنهquot;.

أما الخبير السياسي محمود عبد الحميد فقال لـquot;إيلافquot; إن تنفيذ الإتفاقيات الدولية لا يعتمد على القانون فقط، بل يستند بالدرجة الأولى على مدى متانة العلاقات بين الدول، ومدى وجود مصالح عليا مشتركة، مثل إتفاقيات تجارية أو عسكرية أو إرتباط شعبي. وضرب مثلاً قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم على يد ضابط أمن الدولة السابق محسن السكري، بتحريض من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، والذي كان مقرباً من النظام السابق، وقال: وقعت الجريمة على الأراضي الإماراتية، وكانت الضحية لبنانية، والجناة مصريين، وعندما تكشفت لدى السلطات الإماراتية الحقائق، طلبت من نظيرتها المصرية تسليم المتهمين إليها، لكنها رفضت، وطلبت نصوص التحقيقات والتحريات، وأجرت تحقيقاً مستقلاً في الجريمة، ثم قدمتهما للمحاكمة، وصدر بشأنهما حكماً بالإعدام في المحاكمة الأولى، ثم خفف إلى السجن 28 عاماً للمتهم الأول و15 عاماً للثاني في المحاكمة الثانية، التي تمر حالياً بمرحلة النقض.

ولولا وجود علاقات قوية بين مصر والإمارات، ما ضحى النظام المصري بأحد رموزه من رجال الأعمال، فهشام طلعت كان مقرب جداً من عائلة مبارك، ويقال إنه يرتبط بصلة قرابة بالسيدة سوزان مبارك، ولعل الدليل على ذلك تدخل الرئيس السابق شخصياً، لإبطال مفعول حكم قضائي بات بشأن وجود فساد في منح هشام طلعت أراضي مشروع منتجع quot;مدينتيquot; الخاص بالنخبة. لكن النظام لم يكن ليضحي بعلاقاته مع الإمارات من أجل هشام طلعت، فترك القانون يأخذ مجراه، وهو يعلم أنه في النهاية سوف يحصل على البراءة أو على حكم مخفف. وأشار عبد الحميد إلى أن لبنان ومصر يتمعان بعلاقات قوية، وسوف تزيد متانتها بعد سقوط نظام حكم الرئيس مبارك، الذي كان يتهمه معارضوه بأنه يقف في صف أميركا واسرائيل ضد القضايا العربية، ومن المتوقع أن يسلم لبنان أعضاء خلية حزب الله إلى مصر، عندما تطلب ذلك، ولكن بعد استقرار الأوضاع في البلاد.

الى ذلك، قال مصدر أمني لـquot;إيلافquot; إن السلطات المصرية سوف تخاطب الإنتربول الدولي، لإعادة جميع المتهمين الأجانب الهاربين من السجون المصرية، ويقدر عددهم بنحو 93 شخصاً يحملون مختلف الجنسيات، وكانوا يقضون عقوبة السجن في قضايا عدة، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية مهتمة الآن بإعادة الإستقرار والأمان للبلاد، وزرع الثقة بين فريق الشرطة والشعب المصري، بعد أن اهتزت تلك العلاقة أثناء أحداث ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني- يناير الماضي.

وكان سامي شهاب، زعيم خلية حزب الله تمكن من الفرار من سجن وادي النطرون، على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية، خلال الاضطرابات التي شهدتها مصر أثناء ثورة 25 كانون الثاني- يناير التي أطاحت بنظام حكم الرئيس حسني مبارك في 11 شباط- فبراير الجاري. وظهر في مسيرة بالضاحية الجنوبية في بيروت يوم الأربعاء، حيث لقي شهاب استقبال الأبطال خلال مسيرة نظمها حزب الله لإحياء الذكرى السنوية الثالثة لاغتيال عماد مغنية، القائد العسكري بالحزب، الذي قتل في انفجار بالعاصمة السورية دمشق يوم 12 شباط- فبراير 2008.

وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على 26 شخصاً، بتهم تهريب السلاح إلى البلاد والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية ضد مواقع سياحية واستهداف السفن العابرة من قناة السويس، وصدر ضد شهاب حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً في شهر نيسان- أبريل من العام الماضي.