يقدر خبراء أن المشهد السياسي في البحرين ازداد تعقيدًا بعد اللجوء إلى القوة في فض اعتصام للمتظاهرين في ساحة اللؤلؤة، وعلى الرغم منأن السلطة تقول إنها استخدمت الحد الأدنى من القوة، يؤكد زعماء المعارضة أنها تعاملت مع المحتجين بوحشية.
كانت شوارع المنامة هادئة مساء الخميس، ولكن بعض المراقبين يرون أن الأزمة مستمرة والرهانات الجيوسياسية كبيرة في بلد يستضيف الاسطول الخامس الاميركي، وتربط شيعته أواصر قرابية واجتماعية بأقرانهم في المنطقة الشرقية من العربية السعودية.
وكانت بوادر مواجهة سياسية مديدة لاحت يوم الخميس عندما أعلن ناشطون في حزب الوفاق الاسلامي الشيعي المعارض تعليق عضوية نوابه في البرلمان البحريني الذي يشغل فيه 18 مقعدًا من اصل 40 مقعدًا.
وكتبت المعلقة انجيلا شاه في الطبعة الالكترونية لمجلة تايم أن تمثيل الشيعة سياسًيا صمام أمان مهم للتعبير عن مظالم الأغلبية وايصال مطالبها. وعلى الرغم من أن الدعوة إلى توسيع الديمقراطية لا تأتي من الشيعة وحدهم، فإنهم يشكلون غالبية المحتجين.
ولاحظت شاه أن البحرين بخلاف جيرانها لا تملك ثروة نفطية كبيرة، وليس لديها موارد مالية تغدقها على مواطنيها الساخطين لإرضائهم، ولا سيما أغلبية تشعر باستبعادها عن أفضل المتاح من الوظائف والفرص.
وفي محاولة لمعالجة اسباب النقمة التي تفجرت احتجاجات منذ ثورة تونس وانتفاضة مصر اعلنت البحرين قبل ايام انفاق 417 مليون دولار لتمويل برامج اجتماعية بضمنها دعم اسعار المواد الغذائية. ولكن هذا قد لا يكون كافيًا لتبديد التحدي الذي يواجه نظام الحكم عقب حملته على المحتجين.
يعتبر علي السعيد مؤسس مجموعة الهام التي تتبنى الكتاب والفنانين الشباب نفسه معتدلاً ونقلت مجلة تايم عن السعيد أنه في البداية نظر بشيء من القلق إزاء دوافع بعض المحتجين. فهو لا يتفق مع دعوتهم إلى اسقاط حكومة رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، لكنّه رغب في التأكد بنفسه فتوجه الى ميدان اللؤلؤة حيث وجد تجمعًا سلميًا وأجواء احتفالية لا توحي بأي عداء، على حد وصفه.
واضاف أن من حقهم التعبير عن رأيهم quot;ولكن رؤية مواطني بلدي يُقتلون بوحشية أثار غضبي. وأنا أُريد الآن وقف هذا العدوانquot;. وقال السعيد quot;ان الحكومة فقدت مصداقيتهاquot;.
وانتشر نبأ اقتحام ميدان اللؤلؤ طوال يوم الخميس بالنص والصورة عبر توتير وغيره من المواقع الاجتماعية. وتُظهر احدى الصور ما يُفترض انه شيخ مهشم الرأس فيما تسجل صور اخرى مسعفين بضمادات قالوا انهم تعرضوا الى الضرب حين هرعوا الى المكان لمساعدة المصابين.
وقالت الحكومة في بيان يوم الأربعاء إن نشاطات غير قانونية جرت في الساحة والذين لم يطيعوا الأوامر بالتفرق تم اجلاؤهم بالقوة. واكد العميد طارق حسن الحسن المتحدث باسم وزارة الداخلية البحرينية لمجلة تايم أن قوى الأمن استخدمت الحد الأدنى من القوة وعرض صورًا قال إنها سيوف واسلحة أخرى صودرت من المحتجين المحتشدين، وصور افراد شرطة قالوا انهم أُصيبوا خلال الاشتباك بينهم ضابط أُخضع لجراحة وآخر قُطع طرف اصبعه.
ومن جانبه، قال احسان الكوهجي الذي يملك شركة لتكنولوجيا الاتصالات ويعتبر نفسه معتدلاً يدعو الى التغيير التدريجي البطيء إنه لا يؤيد تغيير النظام. كان ذلك يوم الأربعاء ولكنه اعرب يوم الخميس عن خوفه من ان حملة السلطة على المحتجين تهدد بإجهاض الحوار بين الطرفين. وهو يرى ان quot;القضايا الأساسية أخذت تضيع وتُنسىquot;.
الكاتب علي السعيد يخشى ان نزول الجيش ليس مؤشراً ايجابياً. وهو يقول إن quot;لا احد يعرف ما سيحدث في البحرين، ولكن كثيرين يخافون حدوث الأسوأquot;.
وقد فوجئ علي السعيد وزوجته اللذان انضما إلى المحتجين في ميدان اللؤلؤ حتى منتصف الليل بعنف العملية التي نُفذت لاجلاء المحتشدين، وهو يقول انه ما زال في حالة صدمة. ولكن حزنه على الضحايا وحزن الآخرين يتحول الى غضب. وبعد حديثه لمجلة تايم كتب علي على توتير quot;الى البحرينيين كافة: لا تنسوا ابدا، ولا تغفروا ابداquot;.
في غضون ذلك كانت سلطات الهجرة في مطار البحرين الدولي تعيد الصحافيين من حيث اتوا صباح الخميس.
التعليقات