مع تنامي الغضب الإعلامي البريطاني ووصفه تعامل قوات الأمن البحرينية مع المطالبين بالإصلاح والديمقراطية بأنه laquo;وحشيraquo;، قررت لندن إعادة النظر في تراخيص الشركات المصدّرة أسلحة مكافحة الشغب القاتلة، مثل بنادق الرصاص المتشظّي، إلى المنامة.


أحد أنواع الرصاص المشتظّي

لندن: أثارت الأفلام التي تعرضها محطات التلفزيون في بريطانيا عن أحداث البحرين وامتلاء المستشفيات بالجرحى في حالة يرثى لها (وإن حجبت ما تقول إنه دموي ومريع، بحيث لا يمكن عرضه)، نقمة إعلامية اجتاحت البلاد، ووصفت ما يحدث بأنه laquo;وحشيraquo; وlaquo;دمويraquo; وlaquo;بربريraquo;.

إزاء هذا قررت وزارة الدفاع البريطانية إعادة النظر في إمداد حكومة البحرين بأسلحة laquo;احتواء المظاهراتraquo; مثل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصاعقة.

أتى هذا القرار بعدما تبين أن الأسلحة التي تستخدمها قوات الأمن لتفريق الحشود في المنامة مصنوعة في بريطانيا ومُصدّرة منها.

ومع الأنباء التي تحدثت عن مقتل خمسة متظاهرين وإصابة أكثر من مائة آخرين بجراح معظمها خطرة حتى الخميس، صرّح اليستر بيرت، الوزير في وزارة الخارجية، لوسائل إعلام بلاده بالقول إنlaquo;الحكومة تعيد النظر الآن في مسألة تصدير أسلحة مكافحة الشغب إلى البحرين. وفي حال توصلت إلى قرار يفيد أنها تستخدم لأغراض لا تتماشى مع مواثيق حقوق الإنسان البريطانية والأوروبية، فسننقض تراخيص تصديرها بدون ترددraquo;.

حقوق منتهكة

بالرغم من المخاوف التي ظلت جماعات حقوق الإنسان البريطانية تبديها لزمن طويل إزاء سجل البحرين وتحذيراتها من انتهاكات حكومة المنامة هذه الحقوق، فقد منحت الحكومة العام الماضي العديد من الشركات تراخيص لتصدير أسلحة مكافحة الشغب لحكومة المنامة، وإن كان بعضها يُصنّف laquo;قاتلاًraquo; بالمعايير الأوروبية والبريطانية نفسها.

وعُلم أن التراخيص التي حصلت عليها تلك الشركات تشمل تصدير نوع الأسلحة التي استخدمتها قوات الأمن البحرينية لتفريق المتظاهرين في دوّار اللؤلؤة في قلب المنامة. كما تشمل بنادق الصيد ذات الرصاص المتشظي والقنابل الصاعقة إضافة إلى أسطوانات الغاز المسيل للدموع.

وتطالب جماعات حقوق الإنسان بسحب هذه التراخيص فورًا، كما تطالب الحكومة بشرح الأسباب التي حدت بها للسماح بصناعتها وتصديرها في المقام الأول.

وقال بيرت laquo;ننظر الآن بعين فاحصة في ما يُقال من انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان في البحرين. وهذا بغرض واحد وهو سحب التراخيص من نوع الصادرات التي نعتقد أن من شأنها التسبب في النزاعات الداخلية أو الإقليمية أو إطالة أمدها، و/أو تلك التي يمكن أن تستخدم لقمع المواطنينraquo;.

laquo;المتشظّيraquo; ضد العُزّل

تقول laquo;غارديانraquo; إن تفحص الصور الفوتوغرافية الملتقطة للقتلى والجرحى في المستشفيات البحرينية يكشف بجلاء عن استخدام قوات الأمن بنادق الصيد ذات الرصاص المتشظّي ضد المتظاهرين العزّل. ومن هذه صورة لطفل يمسك صدره أثر هذه الشظايا بعد إطلاق النار عليه من قرب.

تعزز هذا الافتراض شهادات العيان والأطباء التي قالت إن قوات الأمن تستخدم بنادق الصيد ضد المتظاهرين، وإن متظاهرًا اسمه فاضل علي المتروك سقط قتيلاً بشظايا رصاصها.

وعلى الرغم من القلاقل التي تشهدها نواح عدة في الشرق الأوسط وعدد الضحايا الكبير لهجمات قوات الأمن، فإن شركات تصنيع السلاح البريطانية ستطرح عينات من منتجاتها في laquo;معرض الدفاع الدوليraquo; (آيديكس) الذي يقام - دون كل مدن العالم - في أبوظبي في عطلة نهاية الأسبوع الحالي بغرض ترويج مبيعات السلاح في عموم المنطقة.

الدور البريطاني

على أن وزارة الدفاع امتنعت عن إلقاء الضوء على الدور الذي تؤديه القوات البريطانية في دعم قوات الدفاع البحرينية أو نوع المشورة العسكرية التي تقدمها لها، سواء عبر الانتداب أو البرامج التدريبية. في هذا الصدد يقول محللون عسكريون إن صبغة الصفوة العسكرية laquo;الانغلوبحرينيةraquo; تجعل هذا الاحتمال مرجحًا إلى أبعد الحدود.

ويقول جوناثان إيال، مدير وحدة الدراسات الأمنية الدولية بمعهد laquo;رويال يونايتد سيرفيسيزraquo; إنlaquo;المؤسسة العسكرية البحرينية توظف عددًا كبيرًا من المواطنين البريطانيين كمستشارين في مسائل التنظيم والإستراتيجية في وزارة الداخليةraquo;. ويُستخلص من هذا أن التصدي لمظاهرات المنامة يتم تبعًا لمشورة بريطانية.

تراخيص إضافية

بالرغم من تحذيرات منظمة laquo;هيومان رايتس ووتشraquo; من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، فإن الإحصاءات الحكومية البريطانية الرسمية تدعو إلى القلق.

فهي تكشف النقاب عن أن عدد التراخيص التي تخوّل لشركات السلاح تصدير منتجاتها إلى المنامة ارتفع من 34 إلى 42 رخصة خلال العام الماضي، وأن الحكومة لم ترفض أي طلب للحصول على رخصة من هذا النوع.

والأمر، كما يقول المراقبون، لا يقتصر على البحرين. على سبيل المثال، فإن صادرات الأسلحة إلى ليبيا، حيث تستخدم قوات الأمن أسلحة فتاكة تشمل الرصاص المتشظي لتفريق المتظاهرين، اتخذت النمط البحريني نفسه. وبلغت قيمة الذخيرة، التي تسلمتها طرابلس العام الماضي، وتشمل المتشظي هذا، 5.12 مليون دولار.

ويقول دنيس ماكشين، الوزير في الحكومة العمّالية السابقة: laquo;يتعين على بريطانيا التعليق الفوري لتصدير السلاح الذي تستخدمه هذه الأنظمة لقمع شعوبها المطالبة بالحرية والديمقراطية. ومجرد التفكير في أن السلاح البريطاني يُوظف لقتل الأطفال يصيبني بالغثيانraquo;.