ثمة حقائق تطفو في الاسابيع الاخيرة في الساحات والشوارع العربية التي يملؤها التغييريون، وأبرز هذه الحقائق ربما ان الحكومات التي ادت الى افقار الناس في الدول العربية ساهمت بطريقة غير مباشرة في قيام الثورات،إضافة الى أسباب اخرى تتمثل بقمع الحريات وطمع الحكام.

بيروت: يعتبر الخبير السياسي والاقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لإيلاف ان الفقر في البلدان العربية ادى الى قيام الثورات فيها، غير ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لوحدها لا تدفع الى الثورة، بل تحتاج ايضًا الى الحريات السياسية المقموعة، وعندما يجتمع الفقر معها، اي انسان لا يملك حريات سياسية ولا حقوق بالاضافة الى اوضاع اجتماعية مجحفة ومتدنية، تبدأ عندئذ الثورة، لان الانسان لا يبقى لديه ما يخسره، لكن على الرغم من ذلك لا يمكن اعطاء نسبة محددة لمدى تأثير عامل الفقر على الثورات، لكن لا شك ان هذا الخير والعامل السياسي يؤديان الى الثورة، تمامًا كما حصل في اوروبا الشرقية والمانيا الشرقية والإتحاد السوفياتي، حيث القمع للحريات اضافة الى الاوضاع الإقتصادية المجحفة، من هنا ادى الامر الى الثورة. إذًا الإقتصاد والاجتماع جزء اساسي للثورات، خصوصًا ما شاهدناه في مصر، ان الارقام التي اعطاها البنك الدولي بأن نسبة 40% من الشعب يحصل على دولارين في النهار، والاوضاع المعيشية فيها كانت مجحفة.

أما حبيقة لدى سؤالهحول إنكان من الممكن حل ازمة الفقر في هذه الدول من دون اللجوء الى الثورة، فيجيب انه لو كان الحكام اذكياء، لكانوا اعطوا حريات اكثر، ونرى في كل الدول حيث الاحتجاجات قائمة، نرى الحكام يقولون سنبدأ بالإصلاحات، لماذا لم يبدأوا من قبل، كانوا يرتكزون قبلاً على ان الشعب لن يثور، وسيبقى مقموعًا، كان من الممكن تحسين الاوضاع الاجتماعية للشعوب العربية، ففي البحرين مثلاً يمكن تحسين الاوضاع خصوصًا ان الدولة ليست فقيرة، كذلك في الجزائر واليمن، هناك تقصير هائل من قبل الحكام، لمعالجة متطلبات الشعب، وموضوع الحريات ايضًا، كان بامكانهم تجنب الثورات، وكذلك تداول السلطة، فالانسان اليوم لم يعد يقبل حكامًا يبقون اكثر من 30 عامًا، اذًا تغيرت الامور، ولدى بقاء الحكام فان هؤلاء يلجأون الى القمع وإفقار الشعب، كان هناك استعمال في الماضي للدين حتى يبقى الشعب مقموعًا، ولكن اليوم اصبح المتدينون يعون حقيقة الامر.

ويؤكد حبيقة ردًا على سؤال هل يمكن للإصلاحات الإقتصادية اليوم ان تؤخر او تلغي الثورات، يؤكد ان الثورات ستحصل اذا بقي الحكام في الحكم، ويعطي مثلاً عن ليبيا حيث لا حريات سياسية ولكن هناك اموال كثيرة، والسؤال لماذا قسم من الشعب احواله غير جيدة ماديًا، فليبيا دولة صغيرة تملك موارد كبيرة، من المفروض ان تكون احوال الشعب المادية جيدة.

ويعطي حبيقة مثلاً عن تونس وعن الثروات الطائلة للحكام بينما الشعب فقير، ويقول:quot; اليوم الحكام يسرقون الشعب ولا محاسبة لهم، في الدول الغربية التي نعتبرها نموذجًا لنا الحاكم يُراقب هناك مع موازنة وبرلمان، ولا يستطيع التلاعب كثيرًا، والانسان هو ذاته اينما كان لكن النظام يجعله يتصرف بشكل مقبول وحضاري، عندما يكون الحاكم يملك كل الصلاحيات ولا يستطيع احد محاسبته، سيستفيد من الامر، وهذا ما يحصل في الدول العربية، اليوم فقط النظام الديموقراطي الذي يعطي حقوقًا للناس، ويعطي حبيقة مثلاً عن الدول اميركا اللاتينية التي كانت منذ اكثر من عقدين معظمها احكامًا عسكرية وتحولت الى النظام الديموقراطي بدءًا من البرازيل، والارجنتين وفنزويلا وغيرها، وابتعدت عن الديكتاتورية.

ويضيف:quot; الدول العربية فقط لم تصل اليها الديموقراطية، وحتى افريقيا السوداء فيها 22 دولة تملك الديمقراطية.quot;

ولدى سؤاله كيف يؤدي الحكم لمدة طويلة إلى إفقار الشعوب؟ يجيب حبيقة:quot; لان الحكام لا يشبعون، وليس فقط سرقة مباشرة من خزينة الدولة بل ايضًا كل عقد استثمار يدخل إلى الدولة يمر من خلالهم، ففي تونس لم تكن هناك سرقة مباشرة، بل ايضًا اي مشروع يجب القيام به هناك يجب مشاركة جماعة الحكم فيه، وهذه الجماعة تصبح مسيطرة على كل مقومات البلد، ومن هنا تصبح طاغية.

وعدا عن المردود المالي للحكام هناك ايضًا خوف لديهم من ترك السلطة حتى لا يفتضح امرهم.

ويقول حبيقة لدى سؤاله بان الانظمة العربية تشتهر بالانفاق على الاسلحة اكثر من إنفاقها على التنمية الى اي مدى يؤثر هذا الامر على إفقار الشعب؟ quot;ان الامر يؤدي الى افقار الشعب كثيرًا لان الموارد محدودة وتصرف على امور غير منتجة، والإنفاق العسكري في اميركا مثلا يؤدي الى اشغال المعامل هناك والموظفين، نحن في الدول العربية نشتري اسلحة من الخارج ومن هنا الهدر لاننا لا نستعملها، رأينا ان الاسلحة في العراق والدول الاخرى حيث الفواتير كانت عالية في الإنفاق، وذلك خلال النظام السابق حيث صرفت عشرات المليارات على الاسلحة والطائرات، كانت هناك فواتير من دون بضائع ومن هنا افقار للشعوب واتكال على ان هذه الشعوب لا تملك كرامة سياسية وبالتالي يتم قمعها.