تستعد المحافظات اليمنية للخروج غدًا الثلاثاء في مسيرات كبرى لمساندة مدينة عدن التي تعرضت لعنف من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام والتي سقط ضحيتها 24 قتيلاً وعشرات الجرحى.


من مواجهات عدن يوم الجمعة الماضية

بدعوة من أحزاب اللقاء المشترك المعارضة في اليمن ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية وشخصيات اجتماعية يحتشد مئات الآلاف من اليمنيين في كثير من محافظات البلاد للتضامن مع ضحايا عدن الذين سقطوا خصوصا يومي الجمعة الماضية والتي قبلها.

أحزاب المشترك دعت أعضاءها وأنصارها إلى المشاركة الفاعلة في quot;يوم الغضبquot; تضامناً مع quot;شهداءquot; عدن وكل شهداء المسيرات السلمية، وذلك في ساحات الاعتصامات العامة في مختلف محافظات الجمهورية.

واستنكرت أحزاب اللقاء المشترك بشدة ما وصفته بـquot;الجرائم البشعة التي تقترفها القوات المعنية بأمن وسلامة المواطنين وفعالياتهم الاحتجاجية المكفولة دستورياquot;.

وتحدث بيان المشترك عن quot;استشهاد تسعة متظاهرين وإصابة العشرات في المجزرة الدموية البشعة التي شهدتها مدينة عدن يوم الجمعةquot;، quot;والتي تورطت في أحداثها الدموية كلّ من القوات الخاصة والأمن المركزي وقوات النجدة عبر إطلاق الرصاص الحي عشوائيا على المتظاهرين سلميا في المدينة وعلى منازل المواطنين واقتحام بعضها بالقوة ودهس بعض المتظاهرين ومنع إسعاف الجرحى منهمquot; وفقا للبيان.

وعبر المشترك عن أسفه الشديد لتحول قوات الأمن إلى قوات تعمل خارج القانون باقترافها تلك الجرائم الدموية التي طالت السكان الآمنين في منازلهم في مدينة عدن.

ويواصل عشرات الآلاف من اليمنيين في صنعاء وتعز وعدن اعتصامهم السلمي مطالبين برحيل النظام في ظل توقف الحوار بين السلطة والمعارضة وتواصل الاستقالات من قبل قيادات تنفيذية وقيادات في الحزب الحاكم المستنكرة لأعمال العنف.

عنف غير مبرر

وحول هذا الاعتصام وما حدث لعدن يتحدث لـ إيلاف الباحث والمحلل السياسي راجح بادي الذي يرى أن : quot;أحزاب المعارضة أجادت التقاط هذه اللحظة للخروج في تجمعات حاشدة للوقوف وفاءً لعدن وتضامنا مع ضحاياها الذين سقطوا مؤخراquot;.

وقال إن quot;مثل هذا التضامن سيعزز من التلاحم والإبقاء على رفع شعار وحدة اليمن ووحدة المطالب بعد أن تعرضت الوحدة لاهتزازات وتشققات بسبب السياسات الخاطئة للسلطة، وستعزز مثل هذه الوقفات التضامنية من روابط النسيج الاجتماعيquot;.

وعن خصوصية التعامل مع مدينة عدن وازدياد حدة العنف فيها يقول بادي إن عدن quot;لها رمزية سياسية في الواقع اليمني فهي كانت عاصمة لما كان يسمى بـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. مدينة الحضارة والعلم، وربما هي المدينة الوحيدة في اليمن التي لا توجد فيها أمية وأعتقد أنها المدينة التي ستحدد المستقبل خلال الأعوام القادمةquot;.

ويضيف بادي: quot;للأسف هناك عنف غير مبرر وقاسٍ لاحظه جميع اليمنيين، مورس في عدن خلال الأسبوع الماضي، وكثرت التأويلات والتفسيرات حول العنف المفرط تجاه أبناء محافظة عدن أثناء خروجهم في مسيرات سلمية تعبر بمطالب مشروعة كفلها لهم الدستور والقانون، لكن أقرب التحليلات للواقع إن مدينة عدن كانت خلال الفترة السابقة حين شهدت عدد من المحافظات الجنوبية أنشطة لما يسمى بـ الحراك الجنوبي، مثل الضالع وأبين ولحج كانت هي الأكثر هدوءا مقارنة بهده المحافظاتquot;.

وأشار إلى أنه quot;لم يرفع في عدن خلال الفترات السابقة ما يسمى بمصطلح فك الإرتباط إلا على استحياء، والمعلومات المؤكدة إن الشعارات المرتبطة بفك الارتباط كانت ترفع من قبل أبناء المحافظات المجاورة وليست من قبل أبناء عدن.quot;

وأورد أن: quot;قوى الحراك الجنوبي بذلت جهودا كبيرة لإدخال عدن في صميم ذلك الشعار لكنها فشلت في معظم محاولاتها لأنها تدرك أن عدن إذا تحركت مع مطالب بعض الأصوات المطالبة بفك الإرتباط فإن ذلك بالتأكيد كان سيحقق لهم نصرا كبيرا لكن عدن ظلت عصية وممانعة لمثل هكذا مطالباتquot;.

وعلى العكس من ذلك يرى راجح بادي الأمر حين تعلق بتحرك اليمنيين للمطالبة بالتغيير في اليمن فقد quot;خرجت عدن وبقوة وهو ما فاجأ الجميع حتى المعارضة فوجئت قبل السلطة أن تخرج عدن بهذه القوة للمطالبة بتغيير النظام السياسي في اليمن، وهذا أحدث ارتباكا شديدًا لدى السلطة التي كانت تظن أن عدن هي المحافظة الآمنة وأن سيطرتها وقبضتها على عدن محكمةquot;.

لدغة من جحر آمن

يصف راجح بادي ما حدث بأنه دائما quot;لدغة أتت من جحر آمنquot; مشيرا إلى أن ردة الفعل في هذه الحالات تكون أشد عنفاً.وقال: quot;اختفت أصوات الانفصال وظهرت الأصوات المطالبة برحيل النظام، وهذا أقلق النظام، فعدن حين تطالب بالتغيير والرحيل مع بقية في تعز وصنعاء والحديدة، هذا يعني توحد مطالب اليمنيين كلهمquot;.

ويعتقد أن quot;السلطة تسعى إلى إثارة مخاوف الناس حول أن هناك من يطالب بالانفصال، وأن هناك من يريد عودة الملكية في بعض المحافظات الشمالية لكن مطالب العدنيين تسقط بعض هذه الدعايات التي تحاول السلطة أن تروجها في الشارع اليمني لكي تخيف أبناء المحافظات الشمالية لمنعهم من الخروج للمطالبة برحيل النظام خوفا من الانفصال وعودة الملكية في الشمالquot;.

واعتبر أن quot;توحد العدنيين أسقط هذه الورقة من يد السلطة، فلجأت إلى العنف لكي يرفع العدنيون شعار فك الارتباط وبالتالي جعل المطالبين بالتغيير في المحافظات الشمالية يعيدون حساباتهم من المطالبة برحيل النظام طالما أن عدن بدأت تطالب بالانفصالquot;.

وأورد بادي أن سيارة مجهولة جاءت إلى اعتصام يتم تنفيذه في مدينة المنصورة جاءت محملة بأعلام اليمن الجنوبي السابق فرفض المعتصمون استلام الأعلام ووحدوا نداءهم بتغيير نظام صالح.

أمام اليمن مشوار طويل للخروج من هذه الدوامة حيث مازال الجميع هنا يمارس الصمت السياسي في ظل صراخ مطالب من ساحتي التغيير في صنعاء والحرية في تعز وغيرهما من الساحات في عدن والمكلا وغيرها.