أعلن مسؤولان عراقيان هما رئيس مجلس محافظة كركوك زركار علي ومحافظها عبد الرحمن مصطفى استقالتهما اليوم بسبب ما قالا انه عجزهما عن إرضاء جميع مكونات المحافظة، وذلك بعد استقالة أربعة مسؤولين في محافظات اخرى منذ اندلاع تظاهرات الاحتجاج قبل أسابيع. بينما دعا المرجع الشيعي قاسم الطائي المالكي والبرلمان الى موقف من اعتبار الرئيس العراقي جلال طالباني كركوك قدس كردستان. فيما نفت القائمة العراقية ترشيح زعيمها اياد علاوي لمنصب الامين العام للجامعة العربية.


قدّم زركار علي رئيس مجلس محافظة كركوك العراقية الشمالية الغنية بالنفط والمتنازع عليها الكردي استقالته من منصبه اليوم، موضحا انها ترجع إلى صعوبة الأوضاع في المحافظة.

وقال علي وهو قيادي في الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني في تصريحات اثر اجتماع لمجلس المحافظة انه قدم استقالته نتيجة الأوضاع الصعبة التي تمر بها المحافظة (255 كم شمال بغداد) وصعوبة إرضاء جميع الأطراف فيها، حيث يقطنها خليط من التركمان والأكراد والعرب والكلدو أشوريين. وأضاف علي أنه عمل جاهداً خلال السنوات السبع الماضية كرئيس لمجلس محافظة كركوك على معالجة مشاكل المحافظة، موضحاً ان المشكلة الوحيدة التي تعانيها المحافظة هي تحديد مصيرها السياسي.
وقال quot;أفضل طريقة لحل جميع مشكلات كركوك هو الحفاظ على التعايش السلمي المشترك بين جميع مكوناتها، وقد عملنا على ذلك بكل جهودنا في الفترة الماضية، كما أدعو جميع المكونات إن كانت لديها اي إنتقاد سياسي أو إداري أو مالي ان يوجهوها مباشرة إليّquot;. وشدد على ان إستقالته لم تكن تحت أي ضغط سياسي او حزبي أو قومي مشيراً الى ان التغييرات شيء طبيعي وصحي في أي مكان.

من جهته أعلن محافظ كركوك عبد الرحمن مصطفى إستقالته من منصبه أيضا وقال خلال مؤتمر صحافي انه تقدم بهذه الإستقالة بعد ان وجد نفسه عاجزا عن تلبية مطالب أبناء المحافظة بسبب محدودية الصلاحيات الممنوحة لإدارة المحافظة وإدارات المحافظات عموماً والمعاناة الإدارية الأخرى في التعامل مع بعض الوزارات في الحكومة المركزية.

وكانت المحافظة التي يقطنها حوالى المليون شخص قد شهدت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي تظاهرات احتجاج شعبية طالبت بإقالة رئيس مجلس المحافظة ومعاقبة المفسدين وحل المجالس المحلية والبلدية، وقد تخللتها أعمال عنف في قضاء الحويجة القريب شهدت إحراق مقر المجلس المحلي ومقتل شخص وإصابة اخرين.

وتشهد محافظة كركوك أوضاعا متوترة، بعد ان دفعت سلطات اقليم كردستان اليها مؤخرا بحوالى خمسة آلاف عنصر من قوات البيشمركة التابعة لها بذريعة حماية المواطنين الأكراد فيها، والتي قالت إنهم يتعرضون الى تهديدات. وامس، قال وزير البيشمركة جعفر شيخ ان القوات الأميركية في المحافظة قد طلبت منه سحب قواته من المدينة خلال 15 يوما لكنه عاد ونفى هذا التصريح.

ويعتبر رئيس مجلس محافظة كركوك ومحافظها المسؤولين الخامس والسادس اللذين يستقيلان من منصبهما اثر تظاهرات الاحتجاج، حيث سبقهما في الاستقالة محافظ واسط لطيف حمد الطرفة ومحافظ بابل سلمان ناصر الزركاني ومحافظ البصرة شلتاغ عبود علي، إضافة الى استقالة أمين بغداد صابر العيساوي.

وكركوك هي من من أبرز المناطق المتنازع عليها، ففي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة يسعى الأكراد إلى إلحاقها بإقليم كردستان العراق الذي يحكمونه منذ عام 1991، فضلاً عن ذلك تعاني كركوك هشاشة في الوضع الأمني في ظل أحداث عنف شبه يومية تشهدها.

يذكر ان لجنة برلمانية مكلفة بالنظر في المطالب المشتركة للمواطنين في المحافظات كافة قد سلمت المالكي الخميس توصيات موحدة خرجت بها فرق نيابية قضت عشرة أيام في المحافظات التي تمثلها، وتعرفت إلى مطالب المحتجين وإلتقت بالمجالس المحلية لتقويم المعوقات والأسباب التي أدت الى عدم تنفيذ هذه المطالب.

تتضمن هذه التوصيات التي جاءت في تقرير موحد أعدته لجنة نيابية يترأسها النائب المسيحي يونادم كنا 23 فقرة تدور حول حل مجالس المحافظات والمجالس البلدية وإجراء إنتخابات مبكرة لمجالس جديدة والمطالبة بتوفير الطاقة الكهربائية وتوفير مفردات البطاقة التموينية ووضع برنامج عملي وزمني للقضاء على البطالة والحد من الفقر وإتخاذ إجراءات عملية لمكافحة الفساد المالي والإداري في كل مؤسسات الدولة وإدامة وتفعيل مشروع المصالحة الوطنية وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت ادانتهم.

وكان مجلس النواب استضاف الخميس الماضي رئيس الوزراء نوري المالكي لبحث البرنامج الحكومي وتقارير المحافظات على خلفية التظاهرات الأخيرة حيث دعا المالكي خلال الجلسة مجلس النواب إلى تحديد سقف زمني للتصديق على القوانين وإقرار التشريعات مؤكداً وجود قيود على الحكومة لكونها تعمل بقوانين النظام السابق.

المطلوب موقف من كلام طالباني

دعا المرجع الشيعي الشيخ قاسم الطائي مجلس النواب ورئيس الوزراء نوري المالكي الى موقف ضد تصريحات الرئيس العراقي جلال طالباني بأن كركوك هي قدس كردستان.

وابدى الشيخ الطائي امتعاضه مما اسماه صمت الجميع عن تصريحات طالباني التي قال فيها إن كركوك قدس كردستان وعدم إبداء أية معارضة أو استنكار لها. وأضاف في جواب على رسالة وجهها إليه عدد من أنصاره حول موقف من التصريحات quot;ان طالباني ألقى بثوبه الوطني ولبس ثوب القومية الكردية وكأنه رئيس للكرد من خلال عنوان رئاسة جمهورية العراق ومن الحق أن نسأل البرلمان والمالكي أين دوركما من هذا التصريح؟ ولماذا هذا الصمت؟ وأن نقده واجب عليكما وليس نـقد التظاهرات هو الواجبquot;.

وأشار الى ان هذه التصريحات quot;ما كانت لتخرج من فم رجل في موقع رئيس الجمهورية لو كانت العملية السياسية غير مستبطنة للمحاصصة البغيضة والنظام الانتخابي المسبب لبقاء جملة من السياسيين بمن فيهم الرئيس طالباني في دائرة السلطة وهم يلتفون حول النظام لأجل الغايةquot;.

وشدد على ان هذه المحاصصة تقتل الدافع الوطني وتجعل المسؤول متشرنقا بحالته القومية او الطائفية او الحزبية يتحرك وفق إيحائها، وما الإطار الوطني المدعى إلا شماعة للتغرير بالجمهور وتلبيس الأمر عليهquot;.

ويأتي موقف المرجع الطائي هذا في وقت تواصل quot;حركة 15 شباط للاصلاحquot; لليوم الثاني حملة شعبية في ساحة التحرير في وسط بغداد لجمع تواقيع المواطنين لمطالبة الرئيس جلال طالباني بالتراجع عن تصريحاته وتقديم اعتذار رسمي معلن الى الشعب العراقي او التخلي عن منصبه.

وخلال تجمع لمواطنين في الساحة التي تشهد كل يوم جمعة تظاهرات الإحتجاج، وزعت الحركة بيانا اشارت فيه الى انه quot;في الوقت الذي كنا نتطلع فيه الى ان يكون طالباني ممثلا حقيقيا لجميع العراقيين الذين توافقوا على اختياره باختلاف اطيافهم وانتماءاتهم القومية والمذهبية وانتظرنا ان تكون كل خطواته وتصريحاته معبرة بشكل واضح وصريح عن التمثيل الوطني، جاءت تصريحاته الاخيرة التي اطلقها في محافظة السليمانية لتشكل صدمة كبيرة وخيبة أمل للشعب العراقي عامةquot;.

وأكدت الحركة quot;ان هذه التصريحات ولدت ردود أفعال سياسية وإجتماعية غاضبة بعد ان تناسى طالباني انه رئيس للعراق على امتداد ارضه من زاخو الى الفاو عندما اعتبر ان كركوك هي قدس كردستان وهذا تجسيد واضح على تخليه عن موقعه كحارس دستوري لوحدة وسيادة العراقquot;.

وقالت الحركة quot;نحن نرفض هذه التصريحات التي تعكر صفو ووحدة الشعب وتخلق حالة من التقاطع ما بين أطياف شعبنا ولا سيما بين إخوتنا أكراد العراق وباقي مكونات الشعبquot;. ودعت الى التصدي لكل ما يمكن ان يشكل خطراً على الوحدة العراقية والنظام السياسي الديمقراطي الجديد. وأشارت الى أنه في حال عدم تحقق هذه المطالب فإنها quot;تطالب الرئيس طالباني بالتخلي عن موقعه الرئاسي وان يكتفي بأن يكون ممثلا لشعبنا الكردي في البرلمان العراقيquot;.

وكان طالباني اعتبر في خطاب له في مدينة السليمانية الشمالية مقر حزبه الاسبوع الماضي ان كركوك هي قدس إقليم كردستان داعيا الاكراد الى النضال لإلحاقها في الاقليم. ثم حاول طالباني وازاء الانتقادات السياسية التي وجهت له التخفيف من اثرها قائلا في بيان صحافي quot;انه متمسك بحل الخلافات وخاصة المتعلقة منها بالمناطق المتنازع عليها وفق الدستور والتفاهم بين العراقيينquot;. واشار الى انه أعلن مراراً حرصه على أداء واجبه كصائن للدستور وملتزم التزاماً تاماً بمواده بما فيها المادة 140 التي تشمل مناطق عديدة منها كركوك وهو يدعو باستمرار الى حل كل القضايا موضع الخلاف في إطار الدستور وبالتفاهم بين أبناء الوطن الواحد وبما يضمن مراعاة مصالح وتطلعات وحقوق جميع الأطرافquot;.
واشار الى ان ما زال يؤكد ومنذ بداية توليه مهامه الرئاسية وحتى اليوم أن موقعه يلزمه ويحتم عليه أن يكون راعياً لمصالح العراقيين جميعاً ومن دون تمييز أو محاباة وحافظاً للدستور بكل بنوده ومتصدياً لكل من يحاول النيل منه أو التنصل من المسؤولية الدستورية ولن يميل عن هذا النهجquot;.

يذكر ان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي قد حذر من خطورة الاحتقان القومي الحالي في مدينة كركوك الذي قال إنه سيمهد لتدخل اجنبي يشعل المنطقة. واوضح ان كركوك الشمالية الغنية بالنفط تضم تكوينات اجتماعية ومجموعات ثقافية عاشت وتعايشت منذ الاف السنين ولذلك فإنه من منطلق الحرص العالي للحفاظ على هذا التعايش الوطني الضارب في القدم فإن الامر يتطلب من جميع المسؤولين التعامل مع قضية كركوك منسجما مع التركيبة الاجتماعية والثقافية لأهلها ووضع أسس صحيحة وحقيقية عند التعامل مع مشكلتها لانها في غاية الحساسية والاهمية.

كما دعت قوى تركمانية وعربية في كركوك إلى استدعاء طالباني واستجوابه حول تصريحات متهمة إياه باستغلال مشكلتها لتهدئة الشارع الكردي الذي يتظاهر ضد حكومته.

علاوي غير مرشح للجامعة العربية

في سياق آخر، نفت كتلة العراقية بشدة ما تناقلته وسائل الاعلام في الآونة الأخيرة من أخبار حول ترشيح زعيمها أياد علاوي رئيس كتلة العراقية لمنصب الأمين العام للجامعة العربية.

وقالت ميسون الدملوجي الناطقة الرسمية باسم العراقية في تصريح مكتوب تلقته quot;إيلافquot; اليوم ان كتلتها تتقدم بالشكر الجزيل للمشاعر الطيبة التي عبر عنها أصدقاء العراقية وحلفاؤها في دعم هذا الترشيح لكنها أكدت ان الخبر لا صحة له وان علاوي ملتزم بشكل كامل بالعمل الوطني داخل العراق ومع المواطنين من أجل استقرار البلاد والنهوض بالواقع العراقي مع استمرار علاقاته المتميزة بالدول العربية والاقليمية بما يصب في المصلحة الوطنية.

وكان علاوي قد أعلن في الثاني من الشهر الحالي تخليه عن رئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية العليا بسبب quot;مماطلةquot; رئيس الحكومة نوري المالكي بتشريع المجلس وتنفيذ الاتفاقات التي انبثقت من طاولة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني مشيرا الى أن هذه الخطوة لا تعني انسحاب القائمة العراقية من العملية السياسية.

وبحسب المادة الثانية عشرة من ميثاق جامعة الدول العربية يتم تعيين الأمين العام للجامعة بموافقة ثلثي أعضائها، وهو الممثل الرسمي في جميع المحافل الدولية. ومنذ إنشاء جامعة الدول العربية في مارس 1945 تولى رئاسة الأمانة العامة عدد من الشخصيات العربية ومنها عبد الرحمن عزام من مصر 1945 - 1952 ومحمد عبد الخالق حسونة من مصر 1952 -1972 ومحمود رياض من مصر 1972 - 1979 والشاذلي القليبي من تونس 1979 -1990 وأحمد عصمت عبد المجيد من مصر 1990 -2001 وحاليا عمرو موسى من مصر الذي تولى المنصب عام 2001 وحتى الآن.