فيما يبدو الحراك الدولي بطيئاً مقارنة مع التطورات على الأرض الليبية، بدأ الثوار يتراجعون إلى مدينة بنغازي تحت وقع الضربات الجوية والبحرية والبرية التي تشنّها قوات الزعيم الليبي معمّر القذافي، الذي يؤكد أنه سيواصل محاربة من يسمّيهم بالأعداء.


بنغازي: اكد مراسلو فرانس برس سماع دوي قصف مدفعي ثقيل ومضادات ارضية للطيران اطلقها مقاتلو المعارضة مساء الثلاثاء في مدينة بنغازي، التي اعلن الجيش الليبي انه سيشنّ عليها هجومًا وشيكًا. واعلن الجيش الليبي في بيان موجّه الى سكان بنغازي quot;ان القوات المسلحة قادمة لتأمينكم ورفع الغبن والظلم عنكم وحمايتكم واعادة الهدوء والحياة الطبيعيةquot; الى المدينة التي انطلقت منها الانتفاضة الشعبية على بعد نحو الف كلم من شرق طرابلس.

لكن الصحافيين لم يسمعوا او يشاهدوا اي طائرة في السماء التي انارتها نيران المضادات وانفجار القذائف. ويستخدم الليبيون اسلحتهم، حتى الثقيلة منها، للتعبير عن الفرح، ولكن المضادات الارضية لم تنطلق في بنغازي منذ ايام عدة.

وبدأ اطلاق المضادات الارضية بعيد الحادية عشرة مساء (21:00 ت غ) وامكن مشاهدة الخطوط الحمر التي ترسمها الطلقات في سماء بنغازي. كما سمع دوي المدافع الثقيلة وانفجارات يبدو انها آتية من جنوب شرق المدينة، وكذلك اصوات سيارات اسعاف.

وتدفق المئات من المدنيين المذعورين والثوار الذين تبدو على وجوههم علامات التوتر على مدينة بنغازي بالشاحنات والحافلات الصغيرة فرارًا من المعارك والقصف الذي تتعرض له مدينة أجدابيا، التي قال النظام إنه بات يسيطر عليها، الامر الذي نفته المعارضة.

وتصل عشرات الشاحنات والحافلات الصغيرة بسرعة كبيرة الى حاجز تفتيش على بعد نحو 20 كلم من جنوب بنغازي quot;عاصمةquot; حركة التمرد الليبية منذ شهر. وتلوح في الافق العشرات من السيارات الآتية من اجدابيا التي تعرضت لقصف قوات العقيد معمّر القذافي لليوم الثاني على التوالي، والتي ينسحب منها الثوار منذ نحو اسبوع تحت وطاة القصف المدفعي والجوي.

ويقول سعيد، وهو رب اسرة في الثانية والاربعين، فرّ مع زوجته المحجبة واطفاله الثلاثة الى بنغازي quot;القصف عنيف، سقطت خمس قذائف على الاقلquot;، مضيفا quot;اخذت اسرتي وما استطعنا حمله من امتعة ورحلنا. لو بقينا لكنا الان في عداد الموتىquot;.

عبد الرؤوف متمرد في التاسعة عشرة يتحدث بصوت عال، وهو يلوح بذراعية محاولاً شرح ما شاهده ويقول quot;رايت طائرتين تحلقان في سماء المدينة خلال القصفquot;. ويضيف صارخا quot;ماذا ينتظر الغربيون لفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا؟، هل ينتظرون ان نموت جميعًا ليتدخلوا؟quot;.

ويقول عبد الرؤوف وقد ربط ذراعه بوشاح quot;اصبت في انفجار قنبلة سقطت على المنزل الذي كنت داخلهquot;، مؤكدًا مع ذلك انه سيعود الى اجدابيا لمواصلة القتال. من جانبه يقول فتحي (25 سنة) quot;تعرضنا لقصف عنيف. انهم يقصفون بشكل عشوائي المنازل والمدنيين، لذلك قررنا الرحيلquot;، مضيفا quot;عندما غادرنا نحو الساعة 15:30 (12:30 تغ) كانت المدينة لا تزال تتعرض للقصفquot;.

واضاف هذا المقاتل انه quot;شاهد ثلاث سيارات تعرضت للقصف، وقتل فيها عدد من النساء والاطفالquot;. ووعد quot;سنتسلح من جديد ونعود إلى القتالquot;. وفي شاحنة اصطف اربعة من المتمردين الذين اسرعوا بالفرار الى بنغازي، ويقول احدهم quot;هناك معارك شوارع في اجدابياquot;.

واكد اطباء مقتل ثلاثة اشخاص على الاقل، واصابة نحو 15 شخصا في القصف. وخلال الليل تسلم المستشفى ايضا قتيلين وجريحًا بترت يده. وتمكن المصور الحربي الفرنسي لوران فاندرستوك من الخروج من اجدابيا، وعاد الى بنغازي، رغم وجود quot;القوات الخاصة للقذافيquot; على الطريق بين اجدابيا وبنغازي.

في الوقت نفسه شنّ نظام طرابلس حملة اعلامية ضخمة. فبينما تتعرض اجدابيا لقصف الجيش، كان مواطنو بنغازي يتلقون رسالة هاتفية قصيرة، تقول إن القوات الموالية للزعيم الليبي استعادت السيطرة على اجدابيا، وان هذه المدينة ستعود قريبًا آمنة وهادئة كما كانت.

كما اعلن التلفزيون الليبي ان سكان بنغازي بدأوا يخرجون الى الشوارع حاملين الاعلام الخضراء وصور الزعيم الليبي في الوقت الذي يتعرض فيه المجلس الوطني الانتقالي إلى هجوم quot;الضباط الاحرارquot;. لكن ميدانيًا لا يوجد اي اثار لمعارك او لهجوم، كما ان العلم الملكي الذي اصبح رمز الانتفاضة لا يزال مرفوعًا الى جانب علم فرنسا، اول بلد اعترف بالمجلس الوطني الانتقالي.