يستعد عشرات الآلاف من اليمنيين اليوم الأحد لتشييع أكثر من 40 قتيلا سقطوا في هجوم يوم الجمعة الماضي وسط quot;ساحة التغييرquot; في العاصمة صنعاء، في وقت شهدت البلاد التي تعيش حالة طوارئ منذ يومين إستقالات لقيادات حكومية كبيرة استنكارا للمجزرة.


بوغت النظام والحزب الحاكم في اليمن بجملة استقالات غير متوقعة ولم يشهد لها اليمن مثيلا من قبل.

وعند الصباح بدأت حملة الاستقالات بصفعة قوية حيث قدم نصر طه مصطفى رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية quot;سبأquot; استقالته من منصبه ومن عضوية الحزب الحاكم، قائلا إنه لم يعد quot;قادرا على أداء أي دور خاصة بعد أحداث العنف التي جرت في صنعاء يوم الجمعةquot;.

ويعد نصر إحدى الشخصيات الإعلامية المقربة من رئيس الجمهورية ويحظى باحترام شريحة واسعة من جميع الأطياف.

حاول الرئيس علي عبدالله صالح تجاوز الأمر وتعيين طارق الشامي خلفا له، لكن ضربة أخرى كانت تهوي على النظام قادمة من تعز حيث أعلن سمير اليوسفي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية للصحافة رئيس التحرير استقالته أيضا من منصبه ومن عضوية الحزب الحاكم.

ولحق بطه واليوسفي الدكتور فارس السقاف رئيس الهيئة العامة للكتاب.

لم يمض وقت كثير حتى كانت الاستقالات تأتي من خارج البلاد حيث أعلن السفير اليمني في بيروت فيصل أبو رأس استقالته احتجاجا على أحداث الجمعة الدامية.
ومع دخول المساء كانت الاستقالة الأبرز لكل من وزيرة حقوق الإنسان الدكتورة هدى البان، ووكيل وزارة حقوق الإنسان علي تيسير إضافة إلى مدير عام مكتب الوزيرة عادل اليزيدي.

ومن ضمن من أعلن استقالته وزير الثقافة السابق عضو مجلس الشورى الأديب خالد الرويشان، وعضو مجلس الشورى محمد صالح قرعة وكذلك وكيل وزارة التربية والتعليم محمد زبارة وجميلة رجاء الوزير المفوض والمستشارة في وزارة الخارجية.

خاتمة الاستقالات كانت للدكتور عبدالله الصايدي الممثل المقيم لليمن في الأمم المتحدة وفقا لما علمت إيلاف. وكان 48 أكاديمياً أعلنوا استقالاتهم من عضوية الحزب الحاكم وانضمامهم إلى المعتصمين.

توقعات باستمرار الاستقالات

يقول الكاتب الصحافي أحمد الزرقة لإيلاف إن هذه الاستقالات تعد quot;مؤشرا على تآكل النخبة السياسية في النظام ومؤشر على رفض سياسي وشعبي يمني لاستخدام النظام القوة المفرطة ضد المطالبين بالتغيير، واحتجاجا على المجازر الوحشية المتعمدة التي استهدفت الشباب المدني الذي فشل النظام في جره لمربع العنف لتبرير تلك الجرائم التي يتبرأ منها كل من تبقى لديه ذرة ضمير وأخلاقquot;.

وقال الزرقة إن الأمر يعد quot;قناعة بأن النظام الذي يتبجح بالديمقراطية انكشف القناع عن وجهه، معتبرا إن غالبية الوجوه المستقيلة هي من الوجوه الأكثر احتراما في الوسط اليمنيquot;.

وتابع: quot;اليمنيون لن يقبلوا أن يكونوا جزءا من نظام لا يعترف سوى بالعنف والحلول الأمنية، واعتبر أن أي شخص يقبل بان يكون جزءا من هذه المنظومة لديه حسابات شخصية ضيقة ويعاني من خلل أخلاقي ويحتاج لتأهيل نفسي.. فدماء اليمنيين ليست رخيصة لهذه الدرجةquot;.

من جانبه قال رئيس تحرير صحيفة اليقين عبدالله مصلح إن quot;تسونامي الاستقالات التي تجتاح الحزب الحاكم بمثابة محاكمة علنية للنظام ومنحه شهادة وفاة سياسية لقد أصبح النظام يعيش في تعرية وطنية وسياسية واضحة بفعل هذه الاستقالات كأداة وحيدة لتبرئة الذاتquot;.

وأضاف إن ذلك دليل quot;على عدم الإصغاء لصوت العقل والحكمة داخل الحزب الحاكم وتحديداً رئيسه، لم يعد ثمة متسع للغة النصيحة في قاموس النظام المترنحquot;.
ورأى أن quot;هذه الاستقالات رغم أنها صادرة من شخصيات لكن تأثيرها يتجاوز تأثير أحزاب المعارضة بمجموعها، لاسيما ونحن في مجتمع محافظ ومتماسك تتأثر ممارسات أفراده كثيراً بعنصر القرابةquot;.

القطاع الخاص ينظم

في سياق غير متوقع أعلن الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية عن أسفه لمقتل عشرات اليمنيين في جميع أنحاء الجمهورية quot;لا لذنب اقترفوه سوى أنهم خرجوا إلى الساحات في مظاهرات واعتصامات سلمية مطالبين بحقوق مشروعة ومطالب ضرورية يحتاجها الوطنquot;.

ودعت الجمعية العامة للإتحاد العام للغرف التجارية الصناعية هرم السلطة في البلاد بضرورة الاستجابة لمطالب الجماهير وتنفيذها دون إبطاء.

وقال البيان إن quot;القطاع الخاص أن التغيير أصبح ضرورة لانتشال الوطن من هذا الوضع المتردي ووجود نظام عادل فيه كل أبناء اليمن سواسية، وطن خالي من الفساد والظلمquot;.

الصحافيون واللجان النقابية

إلى ذلك دعت نقابة الصحافيين اليمنيين منتسبيها للالتفاف حول مطالب الشارع باعتبارهم جزء من هذا الشعب ويقومون بدور هام في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ اليمن.
وقالت النقابة في بيان لها إنها ترى quot;إن اليمن يحدد مصيره في هذه اللحظة بعزيمة هذا الجيل من الشباب الذي قرر بانتفاضته المباركة أن يضع أخر فصل للطغيان في اليمنquot;.

في ذات السياق أجمعت اللجان النقابية في كل من وكالة الأنباء اليمنية quot;سبأquot;، ومؤسستي quot;الجمهوريةquot; وquot;الثورةquot; الرسميتين على إصدار بيانات شبه موحدة في مطالبها التي تدعو إلى تحييد الإعلام الرسمي.

وأكد بيان اللجنة النقابية لوكالة سبأ على quot;حق الشباب في التعبير عن الرأي من خلال المظاهرات والاعتصامات المكفولة دستورياquot;.

ودعت اللجنة النقابية رئيس الجمهورية إلى الاستجابة لمطالب الشباب والتعامل معها بايجابية وتغليب مصلحة الوطن على ما دونها من مصالح واعتبار ذلك القاسم المشترك بين جميع فرقاء العمل السياسي على الساحة الوطنية.

أما اللجنة النقابية في مؤسسة quot;الثورةquot; وهي أكبر المؤسسات الصحافية الرسمية فقد دعت quot;الزملاء الإعلاميين والصحافيين إلى تخليص الإعلام الرسمي والحكومة من الأسر الذي وضع فيه منذ زمن وعدم تركه لدعاة التضليل والتزييف وجعله صوتا للشعب الذي يمول هذه الأجهزةquot;.