يواجه مجلس الشورى المصري مصيرًا غامضًا، لاسيما وسط تصاعد المطالبات بإلغائه، باعتبار أنه عديم القيمة في الوقت الحالي، فيما ينتظر المجلس إما تغييرًا جذريًا في طريقة اختياره أعضائه أو إلغاءه وهو الامر الذي سيتقرر مع الإعلان الدستوري المتوقّع صدوره من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال الأسبوع الجاري.


مجلس الشورى المصريّ

القاهرة: وسط تصاعد المطالبات بإلغاء مجلس الشورى الغرفة الثانية للبرلمان المصري، يبقى مصير المجلس مرهونًا بالإعلان الدستوري، الذي من المقرر أن يصدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر لتحديد ملامح الفترة الانتقالية بعد الموافقة على التعديلات الدستورية التي أقرت في الاستفتاء الشعبي بنسبة تخطت الـ77 % في أول استفتاء حقيقي منذ أكثر من نصف قرن.

المطالبات التي أطلقها الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير جاءت من الانتخابات الماضية للمجلس التي رفضها البرادعي من البداية، فيما تبنى ائتلاف شباب الثورة مطلب إلغاء مجلس الشورى خلال لقاءاتهم المتعددة مطالبين بضرورة إلغائه.

المجلس الذيجرى تأسيسه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات بعد إقرار الدستور الدائم عام 1971 وتمت الموافقة على إنشائه بعد استفتاء شعبي في أبريل/نيسان 1979، وجرت أول انتخابات وكان مجلسًا استشاريًا حتى قبل التعديلات الدستورية التي جرت في 2007، إذ لم يكن له أي دور في الحياة السياسية، وكان بمثابة مجلس quot;الباشاواتquot; كما كان يلقبه المصريون.

يختص مجلس الشورى وفقًا للدستور المصري بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بالحفاظ علي دعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وحماية المقومات الاساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتجب موافقة المجلس علي الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومعاهدات الصلح والتحالف وكل المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة.

يؤخذ رأي مجلس الشورى الذي يتكون من 264 عضو في مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ومشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية وما يحيله الرئيس إليه من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية، بحيث يبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب.

ويُنتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السريّ العام، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويعيّن رئيس الجمهورية الثلث الباقي، بحيث تكون مدة العضوية في المجلس ست سنوات، ويتجدد انتخاب واختيار نصف الأعضاء المنتخبين والمعينين كل ثلاث سنوات، ويجوز دائما إعادة انتخاب أو تعيين من انتهت مدة عضويته.

وكان الرئيس المخلوع حسني مبارك يقوم بتعيين رؤساء تحرير ومجالس إدارات المؤسسات القومية، وعدد من رموز المعارضة التي لقبها الجماهير بـquot;المعارضة المستأنسةquot;، والتي كانت تشكل جزءًا من الديكور الديمقراطي الذي كان يحاول النظام البائد رسمه خلال فترة حكمه.

من جهته يقول الصحافي أسامة السعيد المتابع للشأن البرلماني في إفادة لـquot;إيلافquot; إنّ مجلس الشورى لم يكن له أي قيمة تذكر طوال فترة وجوده، إلا بعد تولي الامين العام السابق للحزب الوطني صفوت الشريف رئاسة المجلس، مشيرا إلى أن الشريف جعل للمجلس قيمة برلمانية بعد التعديلات الدستورية التي وسعت من سلطاته في 2007.

وأشار الي انه بالمقارنة بين المجلس في عهد الشريف المقرب من الرئيس المخلوع مبارك وبين الدكتور مصطفى كمال حلمي، فإن الشريف كان يدير مجلس له سلطات وأنياب، بينما كان يدير حلمي مجلس رأيه استشاري، يمكن الأخذ به أو تجاهله.

ولفت إلى أن المجلس على الرغم من السلطات الممنوحة له وفقا للدستور في الوقت الحالي فإنه ليس ذا قيمة لأن وجود غرفتين للبرلمان في دولة مثل مصر أمر غير مناسب، وإنما يكون مناسبا في دولة فيدرالية مثل الولايات المتحدة بخلاف أن ثلث أعضائه يقوم بتعيينهم الرئيس، وهو ما يعد نسبة كبيرة وغير موجودة في أي برلمان في العالم، مشيرا إلى أن استمرار مجلس الشورى سيدخل البلاد في دوامة من الانتخابات.

وأوضح أن quot;دوامة الانتخاباتquot; المقصود بها استمرار إجراء انتخابات كل عام، خاصة وان انتخابات الرئاسة أصبحت كل 4 سنوات، والانتخابات البرلمانية كل 5 سنوات، لافتا إلى أنه في حال استمرار مجلس الشوري وإجراء انتخاباته وفقا للدستور والقانون المنظم للعمل به وإجراء انتخابات تجديد نصفي كل سنوات يعني أن مصر ستشهد انتخابات كل عام تقريبًا، مما سيمثل إهدارًا للموارد المالية.

وأشار السعيد إلى أن مجلس الشورى ذو ميزانية كبيرة تتراوح ما بين 150 و200 مليون جنيه سنويًا تتفاوت ما بين رواتب للنواب نظير حضور الجلسات وبدلات انتقالات وغيرها من البنود المدرجة في لائحة المجلس، مشيرا الى أن رواتب النواب نظير حضورهم الجلسات تصل إلى 12 ألف جنيه شهريا.

ولفت إلى أن اللجان المشتركة من المجلسين في مشروعات القوانين تبقى في النهاية على رأي مجلس الشعب، موضحًا أن الخلاف بين المجلسين لم يحدث مطلقًا طوال الفترة الماضية، وقال إنه في حال حدوث اختلاف فوفقا للقانون تكون هناك جلسة مشتركة بين المجلسين سيكون التصويت فيها لمصلحة قرار مجلس الشعب، باعتباره الأكبر، مؤكدًا أن استمرار مجلس الشورى لن يسفر سوى عن استغراق وقت أطول في إقرار القوانين.

واتفق معه في الرأي أحمد ماهر المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل، الذي قال لـquot;إيلافquot; إنّ إلغاء مجلس الشورى ضروري حتى يكون مجلس الشعب أداة برلمانية قوية تراقب الحكومة، مشيرا الى أن ما كان يحدث في مجلس الشورى ليس له أي علاقة بالبرلمانات العالمية.

وتساءل كيف يمكن لمجلس يعيّن الرئيس ثلث أعضائه أن يكون صاحب قرار حقيقي بعيدًَا من تأثيره، موضحا أن استمرار المجلس يعني خلق ديكتاتور جديد.

من جهته قال الدكتور سامي السيد أستاذ العلوم السياسية لـquot;إيلافquot; إنّ إلغاء مجلس الشورى أمر وارد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لاسيما وأن المجلس تلقى الدعوة إلى إلغائه، ليس من البرادعي وائتلاف الثورة فحسب، وإنما من أكثر من تيار سياسي آخر، مشيرًا الى أن المجلس يأخذ في الاعتبار هذه الآراء لدى إقراره أي قرار يتعلق بمستقبل البلاد.

ولفت الى أن قرار إلغاء المجلس لن يكون سهلاً، وإنما يحتاج دراسة متأنية، موضحًا أن المجلس من الممكن أن يسند الى عدد من أساتذة القانون إجراء تعديلات جذرية على طريقة اختيار نوابه، وأن يلغي حق الرئيس في اختيار ثلث الأعضاء ويقلّص عددهم، كما هو الحال بالنسبة إلى مجلس الشعب، الذي يُعين الرئيس فيه 10 أعضاء فقط من جملة 500 عضوًا.