استدرك مكتب الرئاسة اليمني ما جاء في خطاب الرئيس علي عبدالله صالح من رفضه المبادرة الخليجية، ورحّب في بيان له بالمساعي تلافيًا لإغلاق الباب أمام الخليجيين، وقتل 3 أشخاص، وأصيب أكثر من 600 شخص بالغاز المسيل للدموع في تعز.


أربك الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الجميع عندما أعلن رفضه المبادرة الخليجية لإنهاء الخلافات في اليمين، وهذه المرّة هاجم صالح وزير خارجية قطر حمد بن جاسم، وقال إن شرعيته يستمدها من الشعب، وليس من قطر أو من قناة الجزيرة.

وقال إنه يرفض المبادرة القطرية، برغم أن المبادرة خليجية وبدعم دولي.

وبعد ساعتين من الخطاب الذي ألقاه أمام حشد من أنصاره في ميدان السبعين قرب دار الرئاسة خرج تصريح لمصدر مسؤول في الرئاسة رحّب فيه quot;بالجهود والمساعي الخيرة التي يبذلها الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية لحلّ الأزمة بين الأطراف السياسية، ولكنه يرفض ما ورد في تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ويعتبرها تدخلاً في الشأن اليمني لا يمكن قبولهquot;.

البيان الرئاسي اختار مفردة quot;الجهود والمساعيquot;، وليس quot;المبادرةquot;، في حين يشترط الخليجيون بأن يكون الحضور إلى الرياض للقبول ببنود المبادرة التي تدعو إلى تنحّي الرئيس، وتسليم الأمور إلى نائبه، وتشكيل حكومة توافق، وليس النقاش حولها، فاتحين المجال لبقية التفاصيل. وكان وزير خارجية قطر تحدث في وقت سابق عن quot;رغبة خليجية بتنحّي الرئيس علي عبدالله صالحquot;.

صالح لا يستطيع رفض المبادرة
حول هذه التفاصيل، يتحدث الصحافي والكاتب نايف حسان رئيس تحرير صحيفة quot;الأولىquot; اليومية لـ إيلاف إن quot;النظام يظهر مرتبكاً بشكل واضح، لأن المبادرة الخليجية حشرته في زاوية وقللت خياراته، وهو لا يستطيع رفضها لأنه بذلك سيفتح على نفسه باباً لمواجهة مع العالم.. لأن رفضه سيعني مزيدًا من التصعيد، وهذا سيفضي به إلى عزلة دوليةquot;.

وأضاف حسان: quot;بالتأكيد أن المبادرة تمت بالتنسيق مع الأميركيين والأوروبيين، وهذا ما قالته صحيفة التلغراف البريطانية الخميس الماضي من أن quot;عرض الحصانة على صالح الواردة في الوساطة الخليجية هي نفسها خطة إدارة أوباما، لكن إدارة أوباما لم تطرحها لأنها كانت تعتقد أنه سيتم رفضها بشدةquot;.

وأورد أنه quot;من الواضح أن هناك اتفاقًا إقليميًا ودوليًا على رحيل نظام صالح، والمشكلة الكبيرة التي تواجهه تتمثل في أنه غير قادر على مواجهة تبعات ذلك؛ في حال رفض المبادرة، وهو غير قادر حتى على لعب دور القذافي.. لأنه لا يمتلك المال لخوض حرب طويلة مع خصومه المنشقين عليه في الجيش.. ولأنه غير قادر على مواجهة أي تصعيد دولي ضده في حال قرر التصعيد ضد المعتصمينquot;.

ورأى نايف حسان أن صالح quot;كان يراهن على أن الخليجيين سيعملون على حفظ ما وجهه عبر تأجيل رحيله إلى نهاية العام، لكن الأمر لم يكن كما توقع.. لذلك يبدو مرتبكاً ومتخبطاً.. ومما ضاعف هذا الارتباك والتخبط هو أن خياراته محدودةquot;.

وكان صالح قد تلقى المبادرة بشكل رسمي مساء الثلاثاء الماضي، ويوم الأربعاء التقى سفراء الخليج قيادات المعارضة وعرضوا لهم المبادرة، وطلبوا منهم عدم التحدث في شأنها للإعلام، لكن الجزيرة بثت التفاصيل مساء الأربعاء، وتصريح وزير الخارجية القطري الذي قال إنهم قدموا المبادرة وإنهم يأملون من صالح التنحّي.

شعور بالإهانة
يقول نايف حسان quot;يبدو أن النظام شعر بالإهانة بخروج المبادرة إلى العلن، كان يراهن على حل وسط، أو على سرية دبلوماسية.. تمكنه من تحسين نقاط المبادرة، لكنه تفاجأ بالإعلان القطري عنها.. فشعر بالإهانة، وكان لدى النظام استعداد أن يتقبل كلامًا أقسى مما في المبادرة، لكنه يريد أن يكون ذلك في السر، والواضح انه غير قادر على رفض المبادرة، لذلك صعد ضد قطر.. من دون أن يتمكن من رفض المبادرة بشكل مباشرquot;.

ورأى أن quot;التصعيد ضد قطر هو بمثابة أداة لدى النظام لتحسين شروط وبنود المبادرة.. أو ترتيب خروجه بضمانات أكثرquot;.

وظهر الارتباك في أخبار الإعلام الرسمي اليمني، حيث أشاد بدور السعودية في خبر نشرته رسائل موبايل مقربة من الرئاسة، بعد خطاب الرئيس مباشرة، ورفض التدخل القطري كما جاء في الخبر.

بعد ذلك تدارك الإعلام الرسمي الأمر، ونشر بيانًا للرئاسة، شكر فيه دول الخليج تلافيًا لمسألة ذكر السعودية بشكل خاص، ثم جاء الخبر الرسمي بأن الرئيس أجرى اتصالات ببعض زعماء دول الخليج.

ويرى مراقبون أن المبادرة الخليجية حددت إطارًا للحوار، وهو ما لم يكن يريده صالح، وما يريده هو حوار غير مشروط أو مؤطر مع كل الأطراف على الساحة، وهو متنوع ومختلف، ويعرف صالح أن الحوار معها سيستغرق أعوامًا، والحوار في الأساس هي الملعب الذي يجيد السيطرة عليه منذ سنوات.

يشار إلى أن الرئيس صالح كان قد أوفد وزير الخارجية أبو بكر القربي في 21 مارس/آذار إلى الرياض، والتقى خادم الحرمين طالبًا منه التوسط في الأزمة اليمنية.

يأتي هذا الحدث السياسي في ظل واقع دموي في الميدان، حيث قتل 3 أشخاص في مدينة تعز، وأصيب أكثر من 600 شخص على يد قوات الأمن بين إصابات بالرصاص وحالات اختناق بالغازات السامة، في حين اعتقل العشرات.

وفي صنعاء اتهم القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف المستقيل نظام الرئيس صالح بأنه quot;غير ملتزم بمحاربة ومكافحة الإرهابquot;.

وقال الهتار، وهو الذي رأس لجنة الحوار الفكري مع شخصيات متهمة بالانتماء إلى تنظيم القاعدة، إن quot;وجود تنظيم القاعدة في اليمن لا يمثل سوى 10% فقط مما تتكلم عنه السلطة في الوسائل الإعلاميةquot;.

واشنطن ترحّب وتجمد مساعدات
في السياق الدولي، رحّبت وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة بجهود مجلس التعاون الخليجي لمعالجة الأزمة السياسية في اليمن، وقالت إن كل الأطراف يجب أن يشاركوا في هذا الجهد كي ينجح.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر في بيان مكتوب: quot;عبّر الرئيس اليمني علنًا عن استعداده للمشاركة في انتقال سلمي للسلطة.. توقيت وشكل هذا الانتقال يجب تحديدهما من خلال التفاوض، وان يبدأ ذلك سريعًَاquot;.

في سياق ثان، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الجمعة أن الولايات المتحدة جمدت أكبر حزمة مساعدات تقدمها لليمن في فبراير/ شباط، بعد اندلاع احتجاجات شعبية ضد الرئيس اليمني على عبدالله صالح.

وقالت الصحيفة quot;كان من المقرر تقديم الدفعة الاولى من حزمة مساعدات قيمتها حوالي مليار دولار أو أكثر على مدى سنوات عدة في فبراير، في أكبر محاولة للبيت الابيض لضمان ولاء الرئيس علي عبد الله صالح في المعركة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيةquot;.

وأوضحت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تذكر أسماءهم أن الحزمة المقترحة شملت 200 مليون دولار لدعم مكافحة الإرهاب في العام المالي الحالي ارتفاعًا عن 155 مليون دولار في العام المالي 2010 فضلاً عن مبلغ مماثل تقريبًا كمساعدات تنموية.