مظاهرات عراقية تطالب برحيل القوات الأميركية |
تدخل بغداد وواشنطن في مفاوضات للبحث عن مخرج مرض للاطراف العراقية من اجل التمديد لبقاء quot;بعضquot; القوات الاميركية في العراق بعد نهاية العام الحالي وهو الموعد المتفق عليه لانسحاب كامل هذه القوات حيث ينتظر ان يقود هذه المباحثات السفير الاميركي السابق في بغداد زلماي خليل زاد الذي سيبحث الامر مع الرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي وسط معارضة شعبية واسعة للتمديد برغم من الحاح وزير الدفاع الاميركي روبت غيتس على بغداد لاتخاذ قرار بصدد التمديد لان الوقت ينفذ في واشنطن بحسب قوله.
يدخل الدبلوماسي الأميركي المخضرم والسفير السابق في بغداد خليل زاد في مباحثات مع كبار المسؤولين العراقيين لدى وصوله الى بغداد خلال يومين تهدف الى استكشاف المواقف العراقية من مسألة التمديد لبقاء القوات الاميركية في العراق إلى ما بعد نهاية العام الحالي.
وابلغ مصدر عراقي quot;إيلافquot; اليوم انه برغم ان الحكومة العراقية مترددة في القبول بالتمديد، الا ان هناك رغبة في ايجاد مخرج لهذا الامر، لايثير غضب الشارع العراقي الذي خرج في تظاهرات ضخمة في انحاء البلاد خلال اليومين الماضيين، مطالبًا بخروج القوات الاميركية وعدم التمديد لبقائها بعد 31 كانون الاول (ديسمبر) المقبل، وهو الموعد الذي حددته الاتفاقية الامنية الموقّعة بين البلدين فياواخر عام 2008.
واشار المصدر الى ان المخرج المقترح للأمر يكمن في امكانية قبول تمديد بقاء quot;بعضquot; القوات لايتجاوز عدد افرادها 20 الفًا، والحاقهم بطاقم السفارة الاميركية في العراق، الذي يبلغ عدده حوالي خمسة الاف فرد. واوضح ان مهمة هذه القوات لن تكون قتالية، وانما للتدريب والمشورة والنصح، وستبتعد تمامًا عن الظهور في المناطق العراقية. واضاف ان من بين المقترحات الاخرى لتمديد بقاء الاميركيين هو عرض الامر على استفتاء شعبي لتتخلص الحكومة والبرلمان من اي تبعات سيئة تنتج من ذلك على المستويين السياسي والامني.
مخاوف وتباين في المواقف العراقية السياسية
وقد اشار رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي اليوم الى وجود رغبة أميركية لبقاء جزء من قواتها في العراق لفترة محدودة، لافتًا الى أن الاتفاقية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة غير قابلة للتمديد، موضحًا ان تمديد الاتفاقية بحاجة إلى مفاوضات جديدة واتفاقية أخرى توقعها الحكومة وتعرض على مجلس النواب للتصويت عليها، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
واكد النجيفي خلال اجتماع مع ابناء الجالية العراقية في براغ، التي يزورها حاليًا، وجود أطراف سياسية عراقية ترفض بقاء القوات الاميركية لفترة أخرى، فيما تؤكد أطراف أخرى على ضرورة التمديد، لكنه لم يفصح عن هذه الاطراف. واضاف ان هناك تخوفات حول من يشغل الفراغ الأمني بعد خروج القوات الأميركية، في وقت لا يوصف الوضع العراقي بالاستقرار الكامل،موضحًا أن العراق لا يمتلك حتى الآن طائرة واحدة، وليس لديه سلطة على الأجواء، كما إن تسليحجيشه في مستوى متوسط وضعيف، إضافة إلى أن الخلافات السياسية مازالت تعرقل تعيين وزراء الوزارات الامنية للدفاع والداخلية والامن الوطني.
وشهدت بغداد ومدن عراقية أخرى خلال اليومين الماضيين تظاهرات ضخمة تطالب برحيل القوات الاميركية عن البلاد وعدم التمديد لبقائها بعد نهاية العام الحالي.
وقد حذر زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر خلال هذه التظاهرات انه سيصعد المقاومة العسكرية ويطلق يد جيش المهدي، إذا لم ترحل القوات الاميركية هذا العام كما هو مقرر. واضاف حازم الاعرجي مساعد الصدر في كلمة بالنيابة عنهquot;نقول للبيت الاسود (البيت الابيض) إننا جميعًا قنابل موقوتة، والازرار في يد السيد القائد مقتدى الصدرquot;.
وقال ان تمديد الاحتلال الاميركي سيقود إلى نتيجتين: أولاً تصعيد عمل المقاومة العسكرية والرجوع عن تجميد جيش الامام المهدي في بيان جديد يصدر لاحقًا .. وثانيًا تصعيد المقاومة السلمية والشعبية من خلال الاعتصامات والاحتجاجات لنقول إن الشعب يريد خروج الاحتلال.
وكان جيش المهدي قاتل القوات الاميركية في ذروة العنف الطائفي في العراق في عامي 2006 و2007 الذي راح ضحيته عشرات الالاف من العراقيين. وفي 2008 ارسل رئيس الوزراء نوري المالكي قوات حكومية لسحق جيش المهدي في بغداد والمحافظات الجنوبية. وفي عام 2008 امر الصدرجيشه بالتحول إلى الانشطة الانسانية، ولم يعد لقواته وجود يذكر منذ ذلك الحين، ولكن المسؤولين الاميركيين ينظرون اليها بريبة.
من جهته اعتبر القيادي الكردي محمود عثمان أن أحد الأسباب التي دعت الولايات المتحدة الى طلب تمديد بقاء قواتها هو بقاء الوزارات الأمنية شاغرة. واوضح ان واشنطن قلقة من الفراغ الحاصل في الوزارات الأمنية، الذي بدأ ينعكس على الوضع الأمني الميداني. واضاف ان الكتل السياسية دخلت في مرحلة المزايدات، خاصة وان الشارع بدا غير راغب في بقاء الأميركيين فترة اطول، وبالتالي نجدها تتسابق في إطلاق التصريحات المؤيدة انسحاب الاميركيين من دون معرفة صدق نوايا الكتل.
من جانبه اشار محمد سلمان عضو القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي الى انه لا يمكن تمديد بقاء القوات الاجنبية الا بعد عرضها على الاستفتاء الشعبي. واوضح انه ليس من صلاحية الحكومة او حتى مجلس النواب تمديد بقاء القوات الاميركية قبل عرضها على الشعب.
ضغط اميركي
جاء تحذير الصدر بعدما ضغط وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس على الحكومة العراقية لتقرر إن كانت القوات الأميركية يجب أن تبقى لتساعدها في مواجهة تنظيمات المسلحين التي لاتزال قوية، وتنفذ عمليات نوعية، كما حصل في محافظة صلاح الدين في شمال غرب بغداد، مما ادى الى مقتل 60 شخصًا واصابة اكثر من مائة اخرين.
ودعا غيتس المسؤولين العراقيين الجمعة الى الاسراع في حسم مسألة احتمال طلبهم من الولايات المتحدة تمديد بقاء جنودها لان quot;الوقت ينفدquot; في واشنطن كما قال. واضاف في الجنود الاميركيين الجنود المتمركزين في قاعدة ماريز قرب مدينة الموصل الشمالية quot;رسالتي الاساسية لهم اننا منفتحون على احتمال البقاء في مناطق عدةيحتاجونها، انما يتعين عليهم طلب ذلك، لان الوقت ينفد في واشنطنquot;.
واضاف quot;من الواضح ان الوجود سيقتصر على قسم من القوات الموجودة حالياً. وفي الواقع، ان الامر يعود الى العراقيين في هذه المسألةquot;. وقال quot;اعتقد ان ذلك سيشكل جزءا من اي مفاوضات حول بقاء قوة من الجنود، وما اذا ستكون محددة بعامل زمنيوما اذا كانت المساعدة وتقديم النصح سيستمران، كما يحدث في بلدان اخرىquot;. واضاف غيتس إنه فى محادثاته مع مجموعة كبيرة من كبار المسؤولين العراقيين أشاروا إلى مصلحة من تمديد بقاء القوات الأميركية.
عقب ذلك بادرت الحكومة العراقية الى تأكيد عزمها على تنفيذ البنود المبرمة ضمن الاتفاقية الاستراتيجة مع الولايات المتحدة المتعلقة بالانسحاب العسكري من العراق. وأكد وزير الدولة الناطق باسم الحكومة علي الدباغ ان الحكومة ترفض رفضًا قاطعًا اي مقترح يدعو الى تمديد فترة عمل القوات الاميركية في البلاد. واشار الى ان العراق يتابع تنفيذ بنود الاتفاقية الموقع، والذي يقضي بخروج القوات العسكرية الاميركية من البلاد بنهاية العام الحالي. واضاف quot;توجد لدينا قناعة بأن بقاء اي جندي في العراق سيفرز مشاكل على المستويين الداخلي والاقليمي، فضلا عن كون هذا الامر يعد خرقًا للاتفاقية الموقعة بين البلدين اواخر عام 2008.
ووفقاً لمصدر مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية فإن عديد الجنود سيبدأ بالانخفاض مع نهاية الصيف. وقال المصدر ان quot;خطة الجنرال لويد اوستن قائد القوات الاميركية في العراق تتلخص بالاحتفاظ بوجود قوي مع القوات العراقية اطول فترة ممكنةquot;.
من جهته، اعتبر القيادي الكردي محمود عثمان أن quot;أحد الأسباب التي دعت الولايات المتحدة الى طلب تمديد بقاء قواتها هو بقاء الوزارات الأمنية شاغرةquot;. واوضح ان واشنطن قلقة من الفراغ الحاصل في الوزارات الأمنية الذي بدأ ينعكس على الوضع الأمني الميداني.
إمكانية بقاء 20 الف عسكري اميركي
ويوجد في العراق حاليًا حوالى 47 ألف جندي أميركي، ينتشرون في 75 قاعدة عسكرية، مقارنة مع نشر 166 ألفًا في تشرين الأول (اكتوبر) عام 2007 من خلال 500 قاعدة عسكرية. ويشير مسؤولون عسكريون أميركيون الى أن عدد القوات التي تتم دراسة بقائها في العراق الآن، وستعمل تحت قيادة السفارة الأميركية، حوالي 20 الفًا من الجنود المحتمل أن يتجمعوا في قواعد بعيدة من مناطق النزاع، حيث سيتفاعلون بشكل محدود جدًّا مع العراقيين.
وتنصّ الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2008 على وجوب أن تنسحب كامل قوات الولايات المتحدة من كل الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بعدما كانت انسحبت قوات الولايات المتحدة المقاتلة بموجب الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران (يونيو) عام 2009.
التعليقات