ارتفع معدل التمرد العسكري في سوريا، خاصة بين من يتلقون أوامر بإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين ضد الأسد، مما حدا بالدوائر القيادية في دمشق إلى تنفيذ حكم الإعدام في حق عدد كبير من الجنود والضباط. في المقابل يتزايد دعم النظام بين السوريين الدروز المقيمين في الجولان.


ربيع دمشق: نار في عرين الأسد!

دمشق: لاحت في الأفق بوادر تمرد بين قوات الأمن السورية، اعتراضاً من عدد ليس بالقليل من جنود وضباط الشرطة والجيش السوريين على استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، المطالبين برحيل نظام الأسد في مختلف المدن.

ونقلت تقارير عبرية نشرتها صحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot; عن دوائر وصفتها بالمعارضة السورية تأكيدها ان نظام الرئيس الاسد يرفض اللجوء الى الرحمة في تعامل أجهزته الامنية مع المتظاهرين، إذ اصدر تعليماته الى الجيش والشرطة في مختلف المدن السورية باطلاق النار على المتظاهرين المدنيين المناوئين لنظامه.

ووفقاً لدوائر المعارضة السورية، وما نقلته عنها الصحيفة العبرية، لم تقتصر قسوة النظام السوري على التعامل بعنف مع المتظاهرين فقط، وإنما طال بطشه عددًا كبيرًا من جنود وضباط جيشه الذي تمردوا على اوامره، رافضين اطلاق النار على المتظاهرين، مما حدا بنظام الاسد الى تنفيذ حكم الإعدام فيهم رمياً بالرصاص.

وقالت تقارير المعارضة السورية ان بداية التمرد العسكري كانت في نهاية الاسبوع الماضي، عندما رفض عدد من الكوادر العسكرية تنفيذ الاوامر ضد المتظاهرين في المنطقة الساحلية في مدينة بانياس.

الاعدام رمياً بالرصاص

وقال شهود عيان في حديث لمواقع وصفتها يديعوت احرونوت بالموالية للمعارضة السورية: quot;إن احد الضباط السوريين الذين رفضوا اطلاق النار على المتظاهرين، كان برتبة عميد، واسمه quot;رامي كتاشquot;، وقد نفّذ حكم الاعدام في حقه الى جانب عشرة من زملائه العسكريينquot;، ورفضت اسر الجنود والضباط السوريين الذين أعدموا، الادلاء بأية تفاصيل عن ما حدث لأبنائهم، عندما توجّه مراسل قناة quot;الحوارquot; السورية الى منازلهم في محاولة للكشف عن حيثيات مقتل أبنائهمquot;.

وتدليلاً على حالة التمرد التي ارتفع معدلها بين جنود وضباط الجيش والشرطة السورية، نقلت الصحيفة العبرية تصريحات نسبتها الى وزير الداخلية السوري quot;سعيد سمورquot;، التي قال فيها: quot;قررنا عزل عدد من ضباط الشرطة، ومن بينهم الضابط كمال فتيح، قائد شرطة محافظة اللاذقيةquot;، وهي المحافظة التي تنتمي إليها أسرة الرئيس السوري بشار الأسد.

وتعقيباً على ذلك، صرّح مصدر اعلامي رفيع المستوى في دمشق: quot;ان قرار الداخلية السورية ينبع من حرص القيادة السياسية على اجراء اصلاحات داخل المؤسسة الامنية، وهي الاصلاحات عينها التي طالب بها المتظاهرونquot;.

وأوضحت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، انه على الرغم من محاولات التعتيم التي يتبناها النظام السوري لمنع اية تقارير تكشف ما يحدث في بلاده، خاصة خلال المواجهات بين المتظاهرين ضد نظامه والشرطة،امتلأت مواقع المعارضة السورية بعدد كبير من الافلام المصورة الصغيرة، التي تنقل وبمنتهى الدقة الواقع الدراماتيكي القمعي الذي يعيشه المدنيون السوريون تحت نظام بشار الاسد.

وظهر في احد هذه الافلام سيارة اسعاف سورية وهي تتعرض لوابل من نيران قناصة، استهدفوها بأعيرتهم من مكان قريب جداً، مما اسفر عن اصابة احد الجرحى، الذين كانت تقلهم السيارة بعد مواجهات عنيفة، جرت مع اجهزة الامن في مدينة درعا السورية.

ووفقاً لما نقلته الصحيفة العبرية عن المعارضة السورية، أبدى السوريون دهشتهم من سياسة قلب الحقائق التي ينتهجها بشار الاسد، ففي الوقت الذي يمارس فيه اقصى انواع البطش واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وفرضه حصاراً على مدينة بانياس الساحلية، خرج على العالم بتصريحات اكد فيها: quot;ان سوريا ماضية في مرحلة اصلاح شاملquot;.

على صعيد ذي صلة، قالت تقارير نشرها موقع الجيش الاسرائيلي quot;تساهلquot; على شبكة الانترنت، انه في الوقت الذي يعارض فيه العالم السياسة التي ينتهجها النظام السوري مع شعبه، يؤيد السوريون الدروز الذين يسكنون الجولان بشار الاسد.

وأضاف تقرير الموقع: quot;انه في حين يتهم الاسد اسرائيل بالوقوف وراء المظاهرات التي ينظمها شعبه ضد نظامه، يتواصل بين الدولتين حوار هادئ صادر على لسان الدروز السوريين، الذي يزرعون التفاح في الجولان تحت سيطرة اسرائيلية ليبيعونه في سوريا، خاصة ان سوريا تشتري هذه السلعة بأسعار تفوق الاسعار الاسرائيلية بأربعة اضعاف، إضافة الى ذلك تستقبل دمشق اعداداً كبيرة من السوريين في الجولان، لتلقي دراستهم في الجامعات السورية بمصاريف دراسية شبه مجانية، الامر الذي خلق نوعًا من الانتماء بين تلك الشريحة من السوريين ونظام الاسد.

حلول جذرية للمشاكل السورية

وفي حديث لمراسل الموقع الاسرائيلي مع أحد هؤلاء الدروز، يقول المدعو ابو اشرف، الذي يعتبر أحد الوسطاء بين المزارعين السوريين في الجولان وبين سوريا: quot;لن اقول ان سوريا دولة ديمقراطية، فسوريا تمتلئ بالعديد من المشاكل، ولكننا نأمل في ان يتم التوصل إلى حلول جذرية لهاquot;.

وفي حين تشهد المدن السورية مظاهرات يومية ضد بشار الاسد، ينظم دروز الجولان مظاهرات موازية لدعمه، إذ يقول الدرزي السوري عطا فرحات في حديثه للموقع الاسرائيلي: quot;لم يشهد الجولان مظاهرات كالتي يتم تنظيمها حالياً للتعبير عن دعم بشار الاسد من ثمانينيات القرن الماضي، وبالنسبة لي أنا اعتبر سوريا من اكثر الدول التي تتمتع بالديمقراطية في العالم العربيquot;.

يبدو من تلك المعطيات بحسب التقرير العبري أن جزءاً كبيراً من دروز الجولان يدعمون نظام الاسد، حتى انه من الصعب اجراء حوار معهم او مناقشتهم في قضية تخصّ النظام السوري.

ويقول فرحات: quot;إن معظم الدول العربية المجاورة هاجمت المتظاهرين، وقامت بقتل العشرات منهم. اما في سوريا فالوضع مختلف، وما يظهر من افلام على شبكة الانترنت للتعبير عن القمع السوري للمظاهرات كلها مزور، ويهدف الى الاساءة لنظام بشار الاسد، كما إن المظاهرات المعارضة للاسد نفسها غير صحيحة، وان كان لها وجود فتنظمها عناصر تنفذ اجندات أجنبية ضد الاستقرار السوريquot;.

اما حمد السائق الدرزي الذي يعيش في هضبة الجولان مع اسرته، فاجاب على سؤال مراسل الموقع الاسرائيلي بصورة مباشرة، عندما سأله المراسل: أيهما أفضل للجولان بشار الاسد ام اسرائيل، فأجاب قائلاً: quot;الديكتاتورية في سياسة الاسد افضل بكثير من السياسة العنصرية التي تتبعها اسرائيل مع سكان هضبة الجولان، ففي سوريا جميعهم عرب، ويتعاملون معي على انني انسان، بغضّ النظر عن انتماءاتي الدينية او المذهبيةquot;.