العديد من المسؤولين في الغرب ترددوا في توجيه انتقادات لاذعة للأسد، رغم أن نظامه لطالما عومِل كشبه منبوذ |
أعلن عدد من القضاة والقانونيين في بيان أن الرئيس السوري بشار الأسد قد يُلاحق بمذكرة اتهام من المحكمة الجنائية الدولية بعد مقتل 120 معارضاً سورياً بنيران قوى الأمن خلال الأيام الماضية. لكن قادة الغرب كانوا حتى الآن مترددين في توجيه انتقادات شديدة إلى الأسد.
لندن: يواجه الرئيس السوري بشار الأسد احتمال ملاحقته بمذكرة اتهام من المحكمة الجنائية الدولية بعدما أعلن جمع من القضاة والقانونيين في بيان خاطبوا فيه قادة الدول الغربية أن الأسد يمكن أن يُحاسب على مقتل 120 معارضًا سوريًا.
ودعت اللجنة الدولية للحقوقيين في بيانها الى محاكمة الرئيس السوري وأركان نظامه بعد مقتل عشرات المحتجين السوريين بنيران قوى الأمن خلال الايام الماضية.
وقالت اللجنة الدولية للحقوقيين إن الذين يصدرون الأوامر وينفذون هذه الاعتداءات، بمن فيهم الذين يطلقون ذخيرة حية على الحشود، يجب أن يحاكموا جنائيًا على أفعالهم هذه.
وفيما كان السوريون يواصلون تشييع قتلاهم، تحدثت الأنباء عن سقوط أربعة متظاهرين يوم الأحد. ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ جميع الرعايا البريطانيين الى مغادرة سوريا بسبب استمرار أعمال العنف واتساع رقعتها.
واشار مراقبون إلى تحرك الغرب السريع نسبيًا لإغاثة الليبيين، فيما يواجه السوريون واحدًا من أعتى أنظمة الحكم في الشرق الأوسط من دون أن يتحرك العالم لحمايتهم. في هذا الشأن نقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الأمين العام للجنة الدولية للحقوقيين وايلدر تايلور قوله quot;ان المجتمع الدولي أخفق حتى الآن في حماية الشعب السوري من الانتهاكات واسعة النطاق ضد حقوق الانسانquot;.
واستخدمت السلطات السورية العديد من الأساليب التي لجأ اليها نظام العقيد معمّر القذافي في ليبيا، بما في ذلك الذخيرة الحية التي يتعرض لها محتجون عزّل من قوى الأمن وميليشيات موالية للنظام الى جانب القنّاصة. لكن قادة الغرب كانوا حتى الآن مترددين في توجيه انتقادات شديدة الى الرئيس الأسد.
ويعيد المراقبون الى الأذهان ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون سعت في البداية الى تصوير الرئيس الأسد على أنه إصلاحي يتصدى لمحافظين في نظامه. حتى إسرائيل حثّت واشنطن على الامتناع عن أي عمل يمكن أن يزعزع استقرار النظام السوري، خشية أن يتمخض سقوط الأسد عن حكم أشد عداء لها.
لكن تشديد لغة الغرب ضد نظام الأسد بعد مقتل اكثر من 100 متظاهر في الجمعة العظيمة لم يعد كافيًا لإرضاء منظمات حقوق الانسان. ودعت اللجنة الدولية للحقوقيين إلى إحالة النظام السوري على مجلس الأمن الدولي. وقال مسؤول قسم الشرق الأوسط في اللجنة سعيد بن عربية إن هناك أدلة كافية تشير إلى أعمال قتل جماعية، وعلى مجلس الأمن أن يحدد سعة انتهاكات حقوق الإنسان، ويقرر في شأن إعداد بعثة لتقصي الحقائق، وإذا توافرت أدلة كافية، أن يقرر تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ودعت منظمة مراقبة حقوق الانسان quot;هيومن رايتس ووتشquot; أيضًا إلى تحرّك دولي مطالبة الدول الغربية بفرض عقوبات على المسؤولين السوريين الضالعين في قتل مدنيين.
في غضون ذلك، افادت صحيفة وول ستريت جورنال ان الولايات المتحدة تعكف على إعداد جملة عقوبات ضد مسؤولين سوريين كبار ضالعين في حملة البطش ضد قوى المعارضة. ونقلت الصحيفة عن مصادر رسمية أن إدارة الرئيس أوباما تعد أمرًا تنفيذيًا يخوّل الرئيس تجميد أرصدة هؤلاء المسؤولين ومنعهم من التعامل مع أي جهات في الولايات المتحدة.
ومن المستبعد أن يكون للعقوبات الأحادية التي تفرضها واشنطن أي تأثير مباشر على الحلقة الداخلية الضيقة للرئيس الأسد، لأن غالبية أركان النظام ليس لديهم مصالح تُذكر في الولايات المتحدة. لكن ضغوطًا ستُمارس على دول في أوروبا، يُعتقد أن لدى عائلة الأسد أرصدة كبيرة فيها للاحتذاء بإجراءات واشنطن، بحسب هذه المصادر.
وقالت المصادر إنه من المتوقع أن يُنجز الأمر القانوني الذي تعدّه وزارة الخزانة خلال الأسابيع المقبلة. ويشير هذا الاجراء الى تشدد في موقف الادارة الاميركية من الأسد، الذي تحكم أسرته البلاد منذ أربعين عامًا.
وإذا فرضت ادارة اوباما عقوبات جديدة ضد النظام السوري، فإن هذا سيكون خروجًا عن النهج السابق في محاولة التقارب مع الرئيس السوري. وبادرت الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين إلى تخفيف بعض العقوبات المالية التي فرضتها إدارة بوش. وفي كانون الثاني/ يناير، أعاد أوباما السفير الأميركي إلى دمشق للمرة الأولى منذ نحو ستة أعوام.
وكانت الولايات المتحدة فرضت في عام 2004 عقوبات تجارية واسعة، منعت في إطارها كل المبادلات التجارية عمليًا بين واشنطن ودمشق. كما فرض بوش عقوبات مالية على مسؤولين سوريين لدورهم المفترض في تسلل مسلحين الى العراق وضلوعهم في قضايا فساد. لكن الأمر التنفيذي الجديد سوف يستهدف مسؤولين سوريين لانتهاكهم حقوق الانسان.
لكن عددًا من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ما زالوا ينظرون بتوجّس الى تقويض استقرار نظام الأسد، مثل إسرائيل التي تخشى مجيء حكم حتى أشدّ عداء لها، في حين أن زعماء عربًا يقلقهم انفجار ثورات أخرى في المنطقة إذا سقط نظام الأسد، بحسب وول ستريت جورنال. ويقول مسؤولون أميركيون إن تعامل واشنطن الحذر مع دمشق كان مدفوعًا، في أحد أسبابه، بهذه المخاوف تحديدًا.
ويلاحظ محللون أن المعارضة السورية خليط من الوطنيين العلمانيين والبعثيين السابقين والاخوان المسلمين، ومن الصعب التنبؤ بهوية النظام، الذي يمكن أن يحلّ محلّ نظام الأسد.
تأتي العقوبات الجديدة التي تعكف الادارة الاميركية على إعدادها في وقت يتعاظم استياء الرأي العام العالمي إزاء ممارسات النظام السوري بعد مقتل نحو 200 متظاهر منذ انطلاق الاحتجاجات قبل حوالي شهر.
وتسببت حملة النظام المتصاعدة ضد المحتجين في تلاشي أي أمل كان يراود واشنطن وأوروبا بتحرك الرئيس الأسد لتنفيذ إصلاحات ذات معنى، كما قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون يشاركون في بحث العقوبات الجديدة. وتزداد الشكوك لدى إدارة أوباما وحلفائها في تمكن الأسد من الصمود بوجه الانتفاضة.
في هذا الشأن نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أوروبي كبير قوله: quot;نحن لا نرى كيف يستطيع الأسد ان يعيد هذا المارد الى قمقمهquot;.
وتضغط منظمات حقوق الانسان على البيت الأبيض من اجل ان يحدد بالأسماء استهداف الرئيس الأسد وافراد اسرته الذين يسيطرون على الأجهزة الأمنية بالعقوبات التي يعتزم فرضها. ويأتي ذكر ماهر الأسد شقيق بشار، الذي يقود وحدة من القوات الخاصة متهمة بممارسة دور رئيس في ضرب المحتجين، واللواء آصف شوكت زوج أخت بشار الأسد ونائب رئيس اركان الجيش.
وامتنع البيت الأبيض عن الخوض في تفاصيل الأمر التنفيذي أو كشف أسماء المسؤولين السوريين المستهدفين بالعقوبات. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول اميركي ان ادارة اوباما تنظر في quot;جملة ردود ممكنة على هذا السلوك غير المقبولquot; من جانب النظام السوري.
التعليقات