مع استمرار الاحتجاجات والمظاهرات في المدن السورية، ومع تواصل سقوط القتلى في أوساط المتظاهرين على يد عناصر الأمن السورية، تباينت ردود الفعل الإسرائيلية حول مستقبل النظام السوري وبقاء الرئيس بشار الأسد كرئيس للجمهورية، بين توقعات بقرب نهاية النظام وتوقعات أن يقوم النظام السوري بالسيطرة على الأوضاع في سوريا.


التظارات والاحتجاجات تتواصل في معظم المدن السورية

حسن مواسي: استحوذت الأحداث الحاصلة في سوريا على اهتمامات وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية، التي أبدت في غالبية تغطيتها وتحليلاتها للوضع في سوريا عن أملها بسقوط الرئيس الأسد، فيما توقعت بعض التحليلات فرضية أن يقوم النظام السوري بفرض النظام واحتواء الأزمة التي تمر بها سوريا.

ورأت صحيفة quot;معاريفquot; أن سقوط عدد كبير من القتلى يوم الجمعة الأخير، الذي أطلق عليه يوم quot;الجمعة العظيمةquot;، أكدت قرب نهاية الرئيس بشار الأسد المحتومة، فيما أشارت صحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot; أن الولايات المتحدة وإسرائيل ينتابها خوف من تداعيات سقوط نظام الأسد، مع أنهما يسعيان إلى خنقه.

المحلل والخبير في الشؤون العربية عوديد غرانوت كتب في تحليل يقول إن الأسد بدا فاقد السيطرة وشبه ضائع في اليوم الذي شهد سقوط أكثر من مائة قتيل في أكثر الأيام عنفًا منذ اندلاع الاحتجاجات.

وأضاف quot;ما يجري في سوريا هو عبارة عن كسر حاجز الخوف، ويوم الجمعة كان يومًا مفصليًا لدى الطرفين، إذ طالب المتظاهرون للمرة الأولى بسقوط الرئيس ونظامه، حيث اقتصرت مطالبهم على الإصلاح والحرية، فيما قام النظام باستخدام درجات عنف رهيبة، وحنث بوعده لوجهاء المدن، الذين قام البعض منهم بتقديم استقالته على الهواء مباشرة احتجاجًا على القتل الجماعي على يد قناصة النظام وقوات الأمن.

ورأى غرانوت أن الرئيس السوري أخطأ ويخطئ حين يصرح أن سوريا ليست تونس ومصر، وكان الأحداث لن تصل إلى سوريا، إلا أنه كان على حق، إذ أطلق يد القوات الأمنية لقمع المتظاهرين، بصورة لم تشهدها مصر ولا تونس حتى. وقد أخطا الرئيس السوري الظن أن ما يجري في سوريا لن يحصل ولم يكن يعلم أن الشعب السوري مستعد لكسر حاجز الخوف.

في سياق آخر، وجهت quot;معاريفquot; انتقادات لموقف الإدارة الأميركية حيال ما يجري في سوريا، زاعمة أنها تبدو ضائعة بين انتقاد الأسد والخوف الكبير من أن يؤدي انهيار حكمه إلى حمّام دم بين العلويين والسنّة أو إلى تدخل من إيران وquot;حزب اللهquot; لإنقاذ النظام العلوي.

قلق إسرائيلي
بدوره أشار المراسل السياسي لصحيفة quot;يديعوت احرنوتquot; إلى أن المنظومة الأمنية والسياسية الإسرائيلية تتابع عن كثب وبحذر للتطورات الحاصلة في سوريا، لافتًا نقلاً عن مسؤولين كبار أن كل السيناريوهات المتوقعة في سوريا، ستزيد من تعقيد الموقف في سوريا، وقد تتحول حالة الفرح بسقوط الرئيس الأسد من جانب إسرائيل إلى خطر كبير على إسرائيل، والذي قد يؤدي إلى تسلم المتطرفين مقاليد السلطة، وهذا الأمر لن يكون في مصلحة إسرائيل.

وقالت الصحيفة إن التقدّيرات في أوساط الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية ترجّح أن يتمكن الرئيس الأسد من التغلب على الأوضاع والبقاء في الحكم لو لفترة زمنية في المستقبل القريب، لكون النظام السوري يتعمد على جيش قويّ وعلى قوات مخابرات قامعة وقويّة.

المخابرات الإسرائيلية: السوريون اجتازوا الخوف
في السياق عينه، أشارت تقديرات للأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن السوريين اجتازوا مرحلة الخوف، وخلال الأسابيع المقبلة ستنشر رقعة الثورة السوريّة، الأمر الذي سيضع النظام أمام امتحان البقاء أو الانكسار.

إلى ذلك أشارت بعض التقديرات إلى مخاوف إسرائيلية من أن إسرائيل تعيش في معضلة شديدة بين رغبتها بسقوط الرئيس الأسد، وذلك بسبب تحالفه مع إيران وquot;حزب اللهquot; ومساعدته حركة quot;حماسquot;، ومن جهة أخرى استفادتها من كون الأسد حرص على مدى السنين أن تكون هضبة الجولان هادئة من دون إطلاق رصاصة واحدة.

بيري: استمرار دعم الجيش
محللة الشؤون العربية في صحيفة quot;يديعوت احرنوتquot; سمدار بيري أكدت أن ما يحدث في سوريا حتى مع استمرار دعم الجيش للرئيس الذي يبدو فاقدًا الوسيلة، أدى إلى تخريب مخططات إيران بشأن المنطقة، وأضافت أنه في سنوات حكم الرئيس الأسد الابن، لم يكن لآيات الله حليف ضعيف ومطيع أكثر من سوريا، التي أصبحت بالتالي محطة انتقال وملعبًا للإرهاب الإيراني، ولذلك يريد الإيرانيون للأسد أن يبقى ويتجندون لمساعدات ويوصونه بقمع الاضطرابات بعنفquot;.

وزعمت بيري أن وصول رئيس سنّي إلى سدة الحكم في سوريا من شأنه أن يخلق مشكلة عسيرة لطهران الشيعية، التي طالما أكدت أخيرًا أنه فقط الرؤساء القريبون من الولايات المتحدة، مثل زين العابدين بن علي وحسني مبارك، وحتى معمّر القذافي، هم الذين يمكن أن يسقطوا.

ورأت أنّ سقوط الأسد سيُشكّل ضربةً قاسيةً لكلٍ من الجمهوريّة الإسلاميّة الايرانيّة وquot;حزب اللهquot; اللبنانيّ، الأمر الذي يعني توقف إمداد الحزب بعشرات آلاف الصواريخ الآتية من إيران، وبالتالي فإن الاعتقاد السائد في إسرائيل أنّه كلّما واصل النظام السوري حربه من أجل البقاء فإنّه لن يعمل على تزويد quot;حزب اللهquot; بالأسلحة.

وخلصت إلى القول إنّ سقوط نظام البعث سيكون صفعة قاسية لكل الدول التي سارعت إلى تأييده مثل إيران وquot;حزب اللهquot; وتركيا والعديد من الدول الأوروبية، فسقوط النظام سيُوجعهم كثيرًا.

زيسر: الأخوان المسلمين لن يحكوا سوريا
الخبير في الشؤون السورية ايال زيسر أشار في تحليل كتبه في صحيفة quot;يسرائيل هيومquot; إلى أنه من السابق لأوانه تقدير وجهة سوريا، وما إذا كان نظام بشار الأسد سيتمكن من قمع موجة الاحتجاج المتصاعدة، أم إن هذه الموجة ستؤدي إلى نهاية نظام البعث.

واعتبر أن سقوط نظام الرئيس السوري سيودي إلى انهيار الحلف غير المقدس بين سوريا وإيران وquot;حزب اللهquot;، ومن هنا فإن شعور الكثيرين في إسرائيل بألا تخشى مثلما كان الحال في الماضي من تغيير النظام في سوريا على غرار التغيرات التي حدثت في مصر وتونس.

واستبعد زيسر صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم في سوريا، مرجحًا سقوط النظام السوري، وإنه خلافًا للتوقعات التي تبثها الحكومة الإسرائيلية بأن الإخوان المسلمين سيستولون على الحكم فإن الإخوان المسلمين قد يشاركون في الحكم، لكنهم لن يكونوا النظام الذي سيحكم سوريا في المستقبل.

وأضاف: quot;إسرائيل تخاف دائمًا من كل شيء، وبالتأكيد هناك من يشيرون إلى حقيقة أن الإخوان المسلمين هم حركة قوية جدًا ومنظمة في سوريا، لكنني لا أعتقد أنهم سيصعدون إلى سدّة الحكم، وإنما ربّما سيكونون جزءًا من الصورة في الحكمquot;.

المدير العام السابق لوزارة الخارجية وسفير إسرائيل السابق في تركيا ألون ليئيل رأى أن المؤسسة الأمنية السورية هي الجهة الأقوى، وستتمكن من استبدال الأسد في حال رأت أن ثمة ضرورة لذلك، ووصف حدوث تغيير كهذا بأنه quot;تقنيquot;.