من المنتظر أن يوقع عباس ومشعل اتفاق المصالحة الأربعاء المقبل

زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه توقّع الاتفاق بين فتح وحماس، وأن هذا الاتفاق المزمع التوقيع عليه في القاهرة، يجب أن يشكل مدعاة قلق لكل الإسرائيليين ومن ينشد السلام في العالم، لأن حماس تدعو إلى القضاء على دولة إسرائيل.


اتهمت زعيمة حزب quot;كاديماquot; الإسرائيلي المعارض تسيبي ليفني، رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه يعزل إسرائيل دوليًا، وأنه خلال فترة نتانياهو ستُعلن دولة فلسطين، وأن غزة ستكون quot;حمستانquot;، وعلى ما يبدو ستحول quot;حماسquot; إلى حركة شرعية في كل العالم، وأن الحصار على غزة آخذ في التلاشيquot;.

وانتقدت ليفني في تصريحات لصحيفة quot;يديعوت احرنوتquot; موقف نتانياهو الضعيف على اتفاق المصالحة بين حركتي quot;حماسquot; وquot;فتحquot;، مبينة أن رد الحكومة سيء جدًا، وتوقيع المصالحة بين الحركتين يؤكد بالدليل القاطع أنه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض معه، والمصالحةالداخلية قبل أن تعلن دولة فلسطينية في أيلول/سبتمبر المقبل يعتبر أمرًا بالغ السوء لإسرائيل، وقالت ليفني: quot;رد نتانياهو على اتفاق المصالحة لن يجعل العالم يقف ضدنا في مجابهة quot;حماسquot;، ولكن سيحدث العكس، وهو عزل quot;إسرائيلquot;.

نتانياهو: إسرائيل ستقف صامدة
من جهته، أكد نتانياهو خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية أن إسرائيل بصفتها دولة تتطلع إلى السلام تمدّ يدها إلى جميع شعوب المنطقة الراغبة في التعايش، لكنها ستقف صامدة إزاء كل من يحاول الاعتداء عليها وتعريض وجودها للخطر. واتفاق المصالحة بين quot;حماسquot; وquot;فتحquot; يجب ألا يقلق إسرائيل وحدها، وإنما كل من يطمح إلى رؤية السلام في العالمquot;.

بدوره، دعا وزير الإعلام الإسرائيلي يولي ادلشتاين خلال الجلسة إلى ضم ّالضفة الغربيةإلى إسرائيل، ردًا على اتفاق المصالحة بين quot;فتحquot; وquot;حماسquot;.

لا يوجد شريك فلسطيني
اتفاق المصالحة الفلسطينية استحوذ على اهتمام الصحف الإسرائيلية، وتباينت المواقف بين المؤيدة بشدة للمصالحة لكونها تشكل فرصة للسلام، وبين مواقف متشددة، وطرح مقولة عدم وجود شريك فلسطيني مجددًا.

الكاتبة اليمينية أمونة ألون كتبت في صحيفة quot;يسرائيل هيومquot; تحليلاً، خلصت فيه إلى القول إن التقارب والمصالحة بين quot;حماسquot; quot;وفتحquot;دليل واضح على أنه لا يوجد شريك حقيقي للسلام في الجانب الفلسطيني، حتى لو تحقق كلام الخبراء الذين يتوقعون أن تنهار المصالحة سريعًا، لكن الواضح الآن بالنسبة إلى إسرائيل، وهو أنه لن نضلل بعد اليوم بالقيادة الفلسطينية الحالية، ولن تقسم بين معتدل ومتطرف،وانه لا يمكن عقد اتفاقات معهم، ومن يمكن أن نترك أمننا في أيديهم.

وأردفت تقول quot;المتابع في السنوات الأخيرة لما يحدث في السياسة الفلسطينية، ليس بحاجةإلى رؤية تحالف بين عباس وهنية، ليعلم أن quot;حماسquot; تسيطر على غزة والضفة الغربية، وأن ما تُعرّف الآن بأنها مصالحة بين quot;فتحquot; وquot;حماسquot;، ليست في واقع الأمر سوى اتفاق خضوع عباس لـquot;حماسquot;.

وهذه هي الحقيقة تنكشف حتى لأولئك الذين أنكروها حتى الآن من بيننا. إسرائيل أرادت أن ترى أبو مازن شيخًا حبيبًا في بدله وربطة عنق، قادرًا على إقناع أبناء شعبه بالتخلي الآن عن تحرير فلسطين كاملة، وأن يكتفي بشبه دولة صغيرة منزوعة السلاح، كما يرى اليسار الإسرائيلي.

بيلين: الاتفاق فرصة قد تصبّ في مصلحة الشعبين
وزير العدل السابق يوسي بيلين كتب تحليلاً أشار فيه إلى أن المصالحة بين quot;حماسquot; وquot;فتحquot; هي فرصة قد تصبّ في مصلحة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني معًا، إذا لم تقم quot;حماسquot; بالعودة مجددًا إلى نهج العنف.

وكتب يقول: quot;أخطأ نتانياهو حين سارع إلى الرد بخطبة قصيرة، على الاتفاق بين quot;فتحquot; وquot;حماسquot; على إنشاء حكومة تكنوقراط فلسطينية مؤقتة. إذا كان قصده إلى تعجل التأثير في العالم، فلن يستطيع النجاح في ذلك، لأن أكثر الدول ذات الشأن تريد أن ترى عنوانًا فلسطينيًا واحدًا. وفيما لو تبين أن التعاون الفلسطيني سيفضي إلى العنف، لن يستطيع رئيس الوزراء أن يزعم انه منح هذا التطور فرصة، وأنه كان على حق بزعمه انه خطر. سيقول له الجميع إنه لم يُمكّنه من النجاح منذ البداية، وانه أسهم في إفشاله.

وتسأل بيلين هل هذا تطور ايجابي بالنسبة الينا؟، قد يكون كذلك، لكن هذا الأمر غير مضمون بالتأكيد. كان الخطأ الأكبر خضوع رئيس الوزراء السابق اريئيل شارون لطلب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أن يُمكّن quot;حماسquot; التي تؤيد الإرهاب من المشاركة في انتخابات المجلس الفلسطيني التشريعي، بخلاف صريح لاتفاق أوسلو. وانه منذ اللحظة التي أصبحت فيه quot;حماسquot; لاعبًا شرعيًا، وفازت في الانتخابات نشأت مشكلة صعبة لإسرائيل، الوضع الذي نشأ كان أفضل لإسرائيل، حيث اعتراف quot;حماسquot; بأبو مازن كرئيس للسلطة الوطنية، وأن يقوم بالتفاوض مع إسرائيل، يؤتى به في نهاية الأمر لاستفتاء الشعب.

ويفترض أن نحادث الحكومة التكنوقراطية لنعالج الكثير جدًا من الشؤون التي تتجاوز الحدود بين الجيران المشاكل الزراعية وقضايا المياه والبيئة، وما لا يحصى من القضايا الأخرى التي لا نستطيع سوى التحادث فيها، ويجب علينا ألا نحتضن الاتفاق الجديد، فلسنا نعلم ما يكفي عنه لتأييده، لكننا لا نعلم أيضًا ما يكفي بالقدر نفسه لرفضه. إن ضعف quot;حماسquot; في استطلاعات الرأي العام ومحمود عباس أصبح أكثر شعبية في الشارع الفلسطيني وإنشاء عنوان فلسطيني واحد إزاء إسرائيل قد يجعل اتفاق القاهرة فرصة للفلسطينيين ولنا أيضًا.

بدوره رأى المحلل في صحيفة quot;هآرتسquot; جدعون ليفي، أن المصالحة الفلسطينية لا تهدد إسرائيل، كما يدعي رئيس الحكومة واليمين المتطرف، لكن إسرائيل دائبة على التخويف منها، من غير أن تمنحها فرصة لإثبات أن العكس هو الصحيح.

وأضاف يقول: لماذا نحتاج انتخابات، وتبديل رؤساء حكومة وأحزاب؟، ولماذا هذا الضجيج الذي لا حاجة إليه كله، إذا كانت إسرائيل أصلاً ترد دائمًا بالطريقة نفسها، حكومة بعد حكومة، مثل طيار آلي؟، ولماذا كلما ظهر احتمال تغيير ايجابي، سارعت إسرائيل إلى تغضين وجهها، ونثر المخاوف والانطواء في رفضها؟، لماذا؟، لأننا كذلك.

فلم يكد المراسلون ينقلون تقاريرهم من المؤتمر الصحافي لعزام الأحمد وموسى أبو مرزوق، حتى وثب بنيامين نتانياهو إلى غرفته الإعلامية وأطلق غضبًا رسميًا، ولم يكد ينتهي كلامه، حتى بدأت الجوقة الوطنية نشيد الرفض، والنشيد الوطني مع الرقص المرعب في الخلف.

وفكر رجال الدعاية بكسب مكسب مختلق آخر، هو خطر المصالحة الفلسطينية، كما فعلوا في بقايا حافلة الطلاب من غلاف غزة، التي يرسلونها الآن، من اجل quot;حملة دعايةquot; في الخارجquot;. ما زالت لا توجد مصالحة، لكن صراخ الرفض الإسرائيلي يعلو إلى السماء. ويستعملون الكلام نفسه، كما كان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، منظمة إرهابية ولن نتفاوض معها أبدًا. كانت quot;فتحquot; آنذاك المقصودة، وهي الآن quot;حماسquot;.

إسرائيل تعرض نفسها للخطر
محلل الشؤون العربية في quot;هآرتسquot; تسفي برئيل، رأى أن المصالحة هي الخطر الحقيقي على إسرائيل،وأنه عليها أن تدرك منذ الآن أن الشعب الفلسطيني شعب واحد غير منقسم، وان تعالج الأمور مع كل حكومة فلسطينية جديدة تنشأ، حتى لو كان فيها أعضاء من quot;حماسquot;، وإلا فستُعرض نفسها للخطر، والرد،الذي أشتمل كالعادة على تهديد بالقطيعة، هو نتاج خوف راسخ لمن لم يعد يتحكم بسير الأمور. فخلال مدة خمس سنين، فازت quot;حماسquot; في الانتخابات في المناطق، فعلت إسرائيل كل شيء لتغيير نتائج هذا التحول. فلم تعترف بحكومة quot;حماسquot; ولا بحكومة الوحدة الفلسطينية، ولا بحكومة quot;حماسquot; التي أُنشئت بعد ذلك بالطبع بعد سيطرتها على غزة.

ورأت إسرائيل مثل عمياء سياسية، المخلوق الذي ساعدت على إنشائه، انجازًا سياسيًا ضخمًا، كان فرض عملها أن الانقسام بين غزة والضفة سيُمكّنها من الاستمرار في الإيهام بإجراء تفاوض سياسي مع عباس مع محاربة الشق الآخر من الشعب الفلسطينيفي الآن نفسه.

وسوّقت الصراع السياسي بين عباس وهنية ومشعل على أنه صراع عقائدي غير قابل للحل، وعلى أنه واقع أبدي تُقسم معه فلسطين إلى إقليمين، بل إلى شعبين، يُعادي بعضهما الآخر. أما أحدهما فيمكن ويجوز تعذيبه. وأما الثاني فيُحتفل معه لقصّ الشريط في زمن افتتاح مجمع تجاري جديد.

ومع احتضار سياسة إسرائيل، تحاول أن تعرض سيناريوهات رعب، فحواها أن الدولة الفلسطينية ستصبح دولة quot;حماسquot; وتابعة لإيران ومركز إرهاب، وأن هذه المصالحة هي حكم بالموت على المسيرة السياسية، هذه تهديدات باطلة، فـquot;الإرهابquot; الفلسطيني كان قبل أن تنشأ quot;حماسquot;، وquot;فتحquot; استعملت الإرهاب بغير شراكة مع quot;حماسquot; أيضًا.

وإسرائيل ستخدع نفسها فقط، ومن لا يزال مستعدًا لاستماع quot;ولولتهاquot;، إذا استمرت على إعلان أنه لن تكون مسيرة بسبب المصالحة، إن خداع الذات هذا، لا المصالحة الفلسطينية، هو الخطر الواضح المباشر على دولة إسرائيل الذي يستمد قوته من أوراق قديمة في التاريخ، وثقت فيها مكانة إسرائيل القوية في العالم والصوت العالي العادل لدولة أخلاقية، وسمعتها الطيبة، باعتبارها دولة باحثة عن السلام.