موسى أبو مرزوق وعزام الأحمد خلال توقيع الاتفاق الأولي للمصالحة في القاهرة

قال محللون سياسيون تحدثت إليهم quot;إيلافquot; إن اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس هو نتيجة التغييرات التي شهدتها المنطقة بشكل أساسي، وأن الرهانات الإقليمية للحركتين لم تعد قائمة بفعل ما شهدته المنطقة.


وصلت رياح عاصفة التغيير إلى المركب الفلسطيني الذي تسلقت على شراعه حركتا حماس وفتح، بعدما خاضتا صراعًا استمر أكثر من أربعة أعوام، إلى أن جاء وقت المصالحة، التي يعتقد المحللون السياسيون أنها لم تكن نتيجة خوف مما سيجري لهم أو رضوخًا لرغبة الجمهور الفلسطيني، بقدر ما هي إدراك لما جرى في الوطن العربي من تغيير، قد تتبدل على إثره قواعد اللعبة الإقليمية، ونتيجة لإنسداد أفق التسوية مع إسرائيل وتعنتها المستمر، علاوة على إدراك فتح وحماس لخصوصية اللحظة التي تشير إلى أن لكل دولة همٌ أكبر من حماس وفتح، وأن هناك شؤونًا داخلية لها أهميتها أيضًا.

محور الممانعة تفكك وحماس تأثرت
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، قال في حديثه quot;لإيلافquot; إن quot;عامل قوى الثورات دخل على خط الحالة الفلسطينية، وبلا شك أن الحالة العربية المتغيرة خلقت بيئة لا يستطيع أحد أن يراهن على أن تكون ظهرًا له، بل هي ظهر للقضية الفلسطينيةquot;.

وبيّن أن quot;الأطراف الفلسطينية مضطرة إلى إعادة قراءاتها وحساباتها، وهو الأمر الذي وصل بهم إلى حد طلب المصالحة والذهاب إليها، لأن البدائل صعبةquot;.

وأشار إلى أن quot;المصالحة لم تكن بإرادة فلسطينية بحتة من دون أن تتأثر بالتفاعلات العربية، ولم تكن استجابة لمطلب الشعب الفلسطيني، بل هي استجابة للتطلعات في الإطار العام، ورغم ذلك فإن إتفاق المصالحة يحتاج إخلاص الفصائل كي يتم تحقيقهquot;.

وحول ما إذا كانت حماس قد تأثرت بما جرى في سوريا، أوضح عوكل quot;حركة حماس كانت جزءًا من محور الممانعة، الذي يضم سوريا وحزب الله وإيران واليمن وليبيا، وإلى حد ما الجزائر، وأقوى قوى الممانعة هي سوريا وإيران، وهو محور تفكك، وقد أصبح الوضع صعبًا وقابلاً للإنهيار، لذلك تأثرت بعض الفصائل الفلسطينية بهذا التغيير، وأصبح الوضع صعبًا ومعرضًا للإنهيارquot;.

وأضاف quot;أما في ما يتعلق بمحور الإعتدال، وهو مصر والسعودية والأردن، فهو لم يتأثر كثيرًا، إضافة إلى أن مصر كانت تشجع على المفاوضات التي تقوم بها السلطة الوطنية، ولا شيء جديد لدى مصر لتفرضه على السلطة أو تغيره فيهاquot;.

وبيّن بأن quot;أميركا وإسرائيل ترفضان اتفاق المصالحة بين حماس وفتح من دون شك، لأن حالة الإنقسام مفيدة لهم، ولأنه لا جواب لديهم حول موضوع السلام، وهما لن يغيّرا من مواقفهما المعروفة من قبل، وهي رفض حكومة حماس ووصفها بالإرهاب، وتحذيراتها للسلطة بقطع المساعدات المالية، وهذه أشياء ليست جديدةquot;.

وأكد أن quot;المصالحة ستدفع إسرائيل إلى الدقّ على وتر أن حماس أصبحت في الحكومة، وبالتالي تتذرع بأنها حكومة إرهاب، ولن تعترف بإسرائيل، وستشنّ حملة ضد هذه الحكومة في المحافل الدوليةquot;.

مصر لم تعد منحازة لطرف دون آخر
الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان قال quot;لإيلافquot; إن quot;هناك ثلاثة عوامل دفعت بفتح وحماس إلى الذهاب إلى المصالحة، أولها الثورات العربيةكلها، من خلال التحركات الشعبية، وخاصة في مصر وتونس، وليس فقط ما يحدث في سورياquot;.

وأضاف quot;أيضًا انسداد أفق المفاوضات أمام السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي أدت إلى تزوير مفهوم الدولة، إضافة إلى استمرار الإستيطان وعمليات التهويد وأعداد الأسرى التي تزداد يوميًا، والممارسات الإسرائيلية المستمرة على الأرضquot;. وتابع quot;أما العامل الثالث فهو بدء الحراك الشعبي الفلسطيني الذي لعب دورًا في الضغط على الفصائل والتنويه بأن الأيام المقبلة قد تحمل الكثير لهم إذا لم يتفقواquot;.

وأوضح أن quot;المصالحة هي بمثابة إدراك لخصوصية اللحظة والتحديات التي تعصف بكل من حماس وفتح في ظل المتغيرات التي تحيط بهم، فمصر لم تعد طرفًا منحازًا إلى طرف دون آخر، بل هي على مسافة متساوية من الجميع، ولذلك أصبحت مقبولة للطرفين حماس وفتحquot;.

وأشار أبو رمضان إلى أن quot;الرئيس محمود عباس سيكون أقوى إذا استمر في المفاوضات، وهو على رأس الشعب الفلسطيني موحداquot;. وأضاف: quot;إذا كانت حماس ترفض الإعتراف بإسرائيل، فيجب على منظمة التحرير مراجعة المسار التفاوضي والسياسي وأوسلو، التي لم تقدم لنا سوى مزيدًا من الإستيطان والكنتونات والحفريات وغيرهاquot;.

وبين بأن quot;حالة التحركات العربية والثورات الشعبية وضعت علامات استفهام على كل البلدان، ولذلك من الأفضل ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، لأن الرهان لم يعد على من يساعد أو يساند إقليميًاquot;. وقال أبو رمضان إن quot;هناك ترحيبًا إيرانيًا وتركيًا بالمصالحة، لأن الحسابات والإستحقاقات الوطنية الفلسطينية والعربية هي الأهم على الصعيد العربي تجاه إسرائيلquot;.

التاريخ لن ينسى الإنقسام الداخلي
المحلل السياسي عبد المجيد طالب قال quot;لإيلافquot; إن quot;حماس كانت دائما تسعى إلى المصالحة مع فتح، ولكن بعض الأشخاص داخل الحركة كانوا يراهنوا على سوريا وإيران، لكنها لم تكن تريدها مصالحة على مقاس أميركا وإسرائيل، مع العلم أن لا شيء اختلف هذه المرة سوى أن من يساند فتح وحماس إقليميًا طالتهم رياح التغيير، فأصبح شأنهم الداخلي هو الأهمquot;.

وأضاف quot;لقد كانت حسابات فتح وحماس مغلوطة، وقامروا بالقضية الفلسطينية، ولذلك كان لزامًا عليهم أن يبحثوا بشكل واضح عن مخرج من الدائرة المغلقة التي وقعوا فيهاquot;. وأشار إلى أن quot;الفصائل الآن لن تنتظر طويلاً كي تحل الدول العربية إشكالياتها، لأن ذلك قد يأخذ كثيرًا من الوقت، وبالتالي سقط الرهان على الأجندة الخارجية، التي لا تحقق الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني، ولم يعد أمام فتح وحماس إلا ترتيب البيت الداخليquot;.

وأكد أن quot;الشعب الفلسطيني لن ينسى الإقتتال والإعتقالات السياسية والقذف والتشهير، والتاريخ لن يرحم حماس وفتح، طالما أن لهم أجندات بعيدة عن طموحات القضية الفلسطينيةquot;.