صحافيون عراقيون يتظاهرون ضد محاولاات تقييد حرية التعبير

أكد مرصد الحريات الصحافية في العراق لمناسبة اليوم العالمي للصحافة الذي يصادف اليوم الثلاثاء ان الانتهاكات التي يتعرض لها صحافيو البلاد والعنف المنظم ضدهم سجل أعلى مستوياته منذ عملية التغيير في العراق عام 2003 حيث بلغ 372 أنتهاكا موضحا ان ذلك ترافق مع غياب شبه تام لحرية الصحافة وقتل 12 صحافيا بكاتم الصوت.

وقال المرصد في تقرير سنوي عن اوضاع الصحافة والصحافيين في العراق للفترة من 3 ايار (مايو) 2010عام الى 3 ايار (مايو) عام 2011 ان تصاعد الانتهاكات وغياب الحرية وتصاعد العنف المنظم ضد الصحافيين من قبل الاجهزة الامنية والسلطات الحكومية قد ولد خوفاً لديهم من أن تزج بهم السلطات الامنية و العسكرية في السجون او أن تعمد الى إيذائهم لمجرد القيام بمهامهم الميدانية التى تبدو الان مستحيلة بعد توجيهات وأوامرعسكرية وأمنية بعدم السماح للصحافيين الميدانيين بالتصوير أو الحركة أو التنقل من منطقة الى اخرى ألا بعد موافقات مسبقة أو نداءات من خلال اجهزة الاتصال العسكري.

واضاف المرصد في تقريره الذي حصلت quot;ايلافquot; على نسخة منه ان الصحافيين ومؤسساتهم الاعلامية تعرضوا لهجمات شرسة قادتها قوات أمنية خاصة تابعة للحكومة العراقية وداهمت قنوات فضائية و مؤسسات إعلامية دون سند قانوني في محاربة ما تدعي أنها تهديدات من قبل وسائل إعلام مستقلة. واشر المرصد ضغوطا مارستها هيئة الاعلام والاتصالات شبه الحكومية وماسببه ذلك من ارباك للعمل الصحافي وخشية متزايدة من ضغوط قد تتواصل خلال الفترة المقبلة.
وبينت مؤشرات الاعتداءات التي وثقها مرصد الحريات الصحافية بشكل كبير ان حرية الصحافة مهددة من أطراف سياسية وعسكرية وحكومية وتحيق بها مخاطر حقيقية وان السلطات الحكومية نجحت بقمع الصحافيين في مناسبات عدة أبرزها عند تغطيتهم للأحتجاجات الشعبية على نقص الخدمات في عدد من مدن العراق.

واضاف ان الانتهاكات والهجمات و الاعتداءات الشرسة التي تعرض لها الصحافيون و الاعلاميون مابين 3 ايار/مايو 2010الى 3 ايار/مايو 2011 تصاعدت بنسبة (55% ) عن العام الماضي و بلغت 372 انتهاكاً و تبين الحوادث التي سجلها المرصد بأن هناك تخطيطاً لمساعٍ حقيقية للسيطرة على وسائل الاعلام وحركة الصحافيين وممارسة الضغط عليهم وترهيبهم بشتى الوسائل لمنعهم من ممارسة عملهم.

وبحسب جداول للمؤشرات صنف المرصد الاعتداءات ضد الصحافيين ومؤسساتهم الاعلامية بـ (91) حالة اعتداء بالضرب تعرض لها صحافيون و مصورون ميدانيون من قبل قوات الأمن و الجيش العراقيين وأعتقل واحتجز (67) صحفياً و اعلاميا تفاوتت مدد اعتقالهم و احتجازهم وأغلقت السلطات الامنية (9) مؤسسات اعلامية اعيد للعمل (8) منها ومازالت واحدة مغلقة الى الان وتعرضت (11) مؤسسة اعلامية للمداهمة و العبث بمحتوياتها وتهشيم بعض أجهزتها وسجل (69) حالة تضييق و(49) حالة منع و (8) هجمات مسلحة تعرض لها صحفيون و مؤسسات إعلامية و(56) حالة لأنتهاكات مختلفة فيما قتل (12) صحفيا بأسلحة كاتمة للصوت و عبوات لاصقة.

حالات قتل الصحافيين
وفي الوقت الذي سجل المرصد (12) حالة قتل للصحافيين خلال 12 شهرا المنصرمة أفقد أحتل العراق المرتبة الأولى على مؤشر الإفلات من العقاب وهو في مقدمة البلدان التي يجري فيها اغتيال الصحافيين بصفة متكررة ولا تتمكن فيها الحكومات من ملاحقة الجناة ولم تحقق السلطات بصفة جدية في أي من حوادث قتل الصحافيين منذ عام 2003 كما لم يتم جلب أي من الجناة أمام العدالة.

و في 4 ايار/مايو 2010 اختطف مجهولون سردشت عثمان الصحافي الكردي البالغ من العمر 23 عاماً من أمام مدخل جامعته في أربيل ثم تم العثور على جثمانه بعد يوم على مقربة من مدينة الموصل وعلى جسده علامات تعذيب ورصاصتين في الرأس. و يعتقد أصدقاء عثمان وأسرته أنه قتل بسبب انتقاده الحزبين الحاكمين في اقليم كردستان واوضح أحد أقاربه بعد أن شاهد جثمانه عن قرب إنه تلقى رصاصة في الفم وقال عنها ومعه صحافيون محليون من كردستان إنهم يرون في تلك الرصاصة وموقعها رسالة للإعلام كي quot;يصمتquot;. وانتهى التحقيق في قضية مقتل سردشت من قبل لجنة مجهولة التكوين وخلص إلى أن جماعة إسلامية مسلحة تُدعى أنصار الإسلام كانت هي المسؤولة عن اختطافه وقتله بعد أن كتب مقالات تنتقد مسؤولين حكوميين.
ونفت جماعة أنصار الإسلام المسؤولية عن قتله وقالت في بيان quot;إذا كنا قتلنا أو خطفنا أحدا لكنا اعلنا عن ذلك بأنفسنا إننا لا نحتاج أن يكذب أحد بالنيابة عنّاquot;.

و في السابع من أيلول /سبتمبر اغتالت مجموعة مسلحة مجهولة الهوية مقدم البرامج في قناة العراقية رياض السراي ،في حي الحارثية عندما كان يمر بسيارته الخاصة متوجها الى مكان عمله. وفي 9 ايلول/سبتمبر قتل صفاء الخياط مقدم برنامج ديني يعمل لصالح فضائية quot;الموصليةquot; على يد مسلحين مجهولين في مدينة الموصل. و في 4 تشرين الاول/ اكتوبر قتل تحرير كاظم جواد وهو مصوّر تلفزيوني حر إثر إنفجار عبوة لاصقة وضعها مجهولون أسفل سيارته شرقي الفلوجة . و في 23 تشرين الثاني / نوفمبر قتل مازن البغدادي مقدم البرامج في قناة quot;الموصلية quot; الفضائية، شرق الموصل من قبل مسلحين مجهولين. و في 17 شباط / فبراير قتل الصحفي هلال بنون عبدالله الاحمدي على أيدي مجموعة مسلحة في حي الميثاق شرق مدينة الموصل.

وفي 30 اذار / مارس قتل صحفيان في مدينة تكريت، عندما شن مسلحون و انتحاريون يرتدون احزمة ناسفة هجوماً على مبنى محافظة صلاح الدين بسيارة مفخخة وقنابل يدوية. وهما الناشط والصحفي صباح البازي والمراسل الصحفي معمر خضير عبد الواحد. كما اغتيل في 10 نيسان /إبريل طه العلوي مدير قناة المسار الفضائية بأسلحة كاتمة للصوت في هجوم مسلح جنوبي بغداد .. ثم قتل في 21 نيسان/إبريل عبد الرحمن الكبيسي وهو مهندس صوت في تفجير مزدوج بسيارتين في بغداد.

وفي الثاني من كانون الثاني/يناير لقيت وجدان اسعد مراسلة صحيفة العراق الحر بمحافظة ديالى حتفها اثر تفجير ارهابي بسيارة مفخخة يقودها انتحاري استهدفت مقر قيادة شرطة المحافظة في وقت كانت تجري فيه أسعد لقاءا صحفيا داخل المقر.. وفي حادثة مشابهة قتل في 2 شباط/فبراير مراسل قناة الاتجاه بمحافظة الانبار محمد الحمداني خلال تغطيته لاحتفالية بمدينة الرمادي بعد أن فجر أنتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه بين جموع المحتفلين . وفي تشرين الأول / اكتوبر الماضي، نجا صحفيان من محاولتي اغتيال في بغداد، استهدف سيارتهما بعبوات لاصقة، وهما المذيع المعروف في قناة العراقية علاء محسن، الذي اصيب بجروح خطرة، ومدير البرامج الاسلامية والثقافية في قناة الأنوار حسين الموسوي الذي أصيب بجروح متفرقة.
واكد المرصد تعرض الصحافيين والعاملين معهم لهجمات متتالية منذُ الغزو الاميركي للبلاد عام 2003 حيث قتل (258) صحفيا عراقيا و اجنبيا من العاملين في المجال الإعلامي ومن ضمنهم البازي و عبد الواحد وقتل منهم (145) صحفياً بسبب عملهم الصحفي وكذلك (53) فنيا و مساعدا اعلاميا ، فيما لف الغموض العمليات الاجرامية الاخرى التي استهدفت بطريقة غير مباشرة صحفيين وفنيين لم يأت استهدافهم بسبب العمل الصحفي .. كما واختطف (64 ) صحفياً ومساعداً اعلامياً قتل اغلبهم ومازال (14) منهم في عداد المفقودين .

مداهمات وهجمات مسلحة تعرضت لها المؤسسات الاعلامية
واضاف مرصد الحريات الصحافية ان القوات الامنية و العسكرية والسلطات الحكومية لم تتردد بمداهمة مقرات مؤسسات اعلامية دون أوامر قضائية او مسوغات قانونية بل تعدى الامر ذلك و قامت بأغلاق عدد منها و عبثت بمحتوياتها و صادرت معداتها و ارشيفها. وبدا غياب القانون واضحاً من خلال ما قامت به هذه القوات في بغداد و مدن العراق الاخرى في التعامل مع قضايا النشر و التغطية الاخبارية المكفولة دستورياً ، حيث ان جميع حالات مداهمة المؤسسات أو أغلاقها لم تأت بأمر قضائي انما بتوجيهات حكومية وعسكرية فقط. بالاضافة الى مهاجمة مسلحين لمؤسسات و تدمير بعضها.

في 23 شباط/فبراير ، قام أكثر من 30 رجلاً مسلحاً، وبعضهم يرتدون الزي العسكري والقبعات الحمراء، وآخرون يرتدون زياً عسكرياً أسود وشعار الجمجمة والعظمتين المرسوم على خوذاتهم، بمهاجمة مقر مرصد الحريات الصحفية في بغداد و اقتحامه ، وأجرت قوات الأمن الخاصة عملية تفتيش مُدمرة للمكتب دامت أكثر من ساعة وصادرت أجهزة الحاسوب الآلي وأقراص التخزين الخارجية وكاميرات وهواتف نقالة وأقراص مدمجة تحوي قائمة واسعة لاسماء الصحفيين المرتبطين والمتعاونين مع المرصد ووثائق التقارير الصحفية وعدة ستر واقية من الرصاص وخوذات حامية مكتوب عليها كلمة quot;صحافةquot;.

وفي 25 شباط / فبراير، اقتحمت قوات عسكرية تابعة لقيادة عمليات بغداد قناة الديار الفضائية، وحطموا ابواب القناة و عبثوا بأجهزة البث و قطعوه و أعتقلوا 14 عاملاً في القناة بسبب بث القناة لصور مباشر لأحتجاجات شعبية نظمت في بغداد اعتراضاً على نقص الخدمات.

ويقول الاعلامي المعروف فيصل الياسري ، لمرصد الحريات الصحفية، اننا لم نخالف اي شي وكان لقيادة عمليات بغداد ان منعت وجود سيارات البث الخارجي في التظاهرات بحجة انها تعرقل حركة التظاهرات، وكان من حق كاميرتنا تصوير اللحظات الاولى لمحاولات المتظاهرين كسر الطوق على جسر الجمهورية والتعرض للحواجز الكونكريتية وصورتها الديار من خلال نافذة الاخبار داخل القناة والقريبة من موقع الحدث الأمر الذي ازعج بشكل غير مقبول وغير معقول قيادة عمليات بغداد بشكل كبير لدرجة اصابتها بهيستيريا، ورغم ان مسؤولي القوات الامنية رأوا بنقل قناة الديار المباشر شكلا غير متجاوز للتعليمات لكنهم اعتبروا نقل شجاعة وغضب المتظاهرين على الهواء بمثابة تحد لهم فافرغوا غضبهم في مؤسسة اعلامية كقناة الديار وهاجمونا بسيارات محملة بالجنود والشرطة ودخلوا على القناة فكسروا الابواب واعتقلوا 14 شخص وخربوا البث حتى ثلاثة ايام.

و في 25 شباط / فبراير ، اغلقت القوات الامنية و العسكرية في محافظة صلاح الدين أربع اذاعات محلية وهي اذاعة صلاح الدين FM و اذاعة ديرتنا و اذاعة بيجي و اذاعة بلد لمدة اسبوع تقريباً. وقبل ذلك التاريخ بخمسة ايام وبالتحديد في 20 من نفس شباط فبراير، قام مسلحون، يعتقد انهم ينتمون للأجهزة الأمنية، باضرام النار في مكاتب قناة ناليا في اقليم كردستان، وأحرقوا مكاتبها بالكامل في مدينة السليمانية حيث تمكّن خمسون مسلّحا ملثّمين من دخول مجمّع quot;القرية الألمانيةquot; في مدينة السليمانية حيث مقر قناة وإذاعة ناليا وقاموا بمداهمة المبنى وفتحوا النيران على الحراس، ما أدى الى جرح أحدهم، ثم اضرمو النار في المبنى و لاذو بالفرار. و قال توانا عثمان، مدير تلفزيون ناليا، لمركز ميترو في وقت سابق، انهم كانوا انهم كاموا يتعرضون لضغوط من جهات عدة لوقف بثهم التلفزيوني الذي بدأ منذ ثلاثة ايام. وناليا هي أول قناة فضائية مستقلة في إقليم كردستان العراق، وكانت قد بثت لقطات تلفزونية نادرة لإطلاق الشرطة النار على محتجين في السليمانية.

و في 13 نيسان / ابريل اقتحمت قوة أمنية مقر قناة صلاح الدين الفضائية، الكائنة في مدينة تكريت وأمرت بإيقاف بث احد البرامج السياسية. و في يوم 6 آذار/مارس أعلنت إدارة إذاعة دنك المستقلة، أن قوة عسكرية داهمت مقرها في السليمانية وصادرت معداتها واعتدت على حارسها بالضرب. و في 2تشرين الثاني/ نوفمبر، اغلقت القوات العسكرية مكاتب قناة البغدادية في جميع مدن العراق و استولت على اجهزة البث و المعدات واخلت المبنى من العاملين فيه، وطوقت قوات عسكرية مقرها بالكامل، وأوقفت مراسليها عن ممارسة العمل و توقيعهم على تعهدادت خطية. كما اعلنت هيئة الاعلام والاتصالات شبه الحكومية في ذات اليوم في بيان لها، عن اغلاق مكاتب قناة البغدادية في انحاء العراق، بناءً على قرار صدر عن الهيئة.

وقالت الهيئة في البيان إن quot;قناة البغداداية بثت مساء الاحد 31/10/2010 اخباراً حول ما أسمتهُ بـ(مطاليب الخاطفين) الارهابيين الذين احتجزوا المواطنين في كنيسة النجاة ببغداد وذلك عبر اتصال بين القناة والارهابيين متحولة الى منبر للارهابيين العابثين بارواح الابرياءquot;.
واضاف البيان quot;اخلال القناة بقواعد ونظم البث الاعلامي وخرق النظام العام وتهديدهquot;، دون ان توضح الهيئة الاخفاق المهني أو تفاصيل الخطأ الذي ارتكبته القناة وفقاً لتحليل المضمون و المعايير المهنية. ورافق القوات الامنية و العسكرية عند تطويقها مقر القناة ممثل عن هيئة الاتصالات و الاعلام الذي قام بدوره بأيقاف البث الفضائي عندما كانت القناة تبث برنامجاً عن حرية الاعلام و تستضيف به عددا من الاعلاميين.

وفي 26 تموز /يوليو ، تعرض مكتب قناة العربية في بغداد لهجوم ارهابي نفذه انتحاري كان يقود حافلة صغيرة فجر نفسه بعد ان اخترق الحاجز الامني التابع لشركة الحماية الامنية المكلفة بحماية مكتب القناة بمنطقة الحارثية بالمنصور مما أدى الى تدمير مكتب القناة بالكامل.
اللواء قاسم عطا الناطق بأسم قيادةعمليات بغداد ، قال لمرصد الحريات الصحفية اثناء تواجده في مكان الحادث ، ان العملية استخدم فيها 200 كغم من المواد المتفجرة وان اربعة اشخاص قتلوا في الحادث منهم ثلاثة عناصر أمنيين و موظفة خدمة تعمل في القناة. وتعرض مكتب قناة العربية في بغداد لهجوم انتحاري مشابه في تشرين الاول/ أكتوبر عام 2004 ادى الى مقتل اربعة من العاملين بالأقسام الفنية والإدارية .

حالات ضرب وأعتقال و أحتجاز الصحافيين
واشار المرصد الى ان الصحافيين العراقيين واجهوا اعتدءات منهجية وتعرضوا للضرب و التنكيل من قبل القوات الأمنية و العسكرية، التي استخدمت القوة والتهديدات وإتلاف معدات التسجيل والتصوير، سعياً منها لمنع الصحفيين من أداء عملهم .

واضاف انه وثق عمليات اعتقال و احتجاز طالت صحفيين ومصورين وهم يؤدون مهامهم في الميدان، بالاضافة الى اصابة صحفيين ومصورين بجروح نتيجة تعرضهم للضرب المبرح من قبل عناصر في الجيش و الشرطة ، مما ولد شعورا بان هذه الحالات لا تترك مجالاً للشك أن ما يجري هو جهود تنسقها السلطات الحكومية بالتعاون مع الاجهزة الأمنية و العسكرية لاستهداف الإعلام وخلق فراغ في المعلومات.

وقال ان حالات التضييق والمنع والاعتقال للفرق الاعلامية والصحفيين المستقلين قد تكررت بشكل ملفت للنظر، مع تزامن تغطية وسائل الاعلام لاحداث سلسلة التظاهرات التي عمت مدن البلاد في 25 شباط/ فبراير الماضي حيث تعرضت وسائل الاعلام والعاملين فيها وصحفيون اخرون الى تضييق مبرمج اشتدت كثافته خلال تلك الفترة من قبل السلطات الامنية والمحلية في بغداد والمحافظات ومراكز المدن العراقية المختلفة في محاولة من تلك السلطات للحد ما امكنها من منع تلك الوسائل تغطية الجموع الغفيرة للمتظاهرين، وهو الوقت الذي سُجلت فيه أعلى مؤشرات الانتهاكات، فيما قام متظاهرون بالاعتداء على صحفيين يشعر المتظاهرون انهم يمثلون وسائل اعلام حزبية ورسمية منحازة ولاتغطي الاحتجاجات بشكل مهني.

واشار المرصد الى عشرات الانتهاكات الموثقة بتواقيعها وتفاصيلها وشملت صحافيين ومؤسسات اعلامية تعرضت للانتهاك والمداهمة وتحطيم معدات البث والتصوير .

ممارسة ضغوط للسيطرة على وسائل البث
واكد المرصد ان هيئة الاتصالات والإعلام العراقية قد اثارت حفيظة الصحافيين ووسائل اعلامهم والمراقبين المحليين والدوليين من خلال ممارسة اساليب ضغط خارج اطار الشرعية .. موضحا انها وبدلا من التنظيم ،صارت تقوض جهود حرية التعبير وترمي في افعالها وقراراتها الى ترهيب الاعلاميين ووسائل الاعلام المختلفة التي واجهت قرارات غلق وتهديد رسومات مالية غير مسبوقة, ماأدى الى خشية متنامية من دور سياسي تقوم به الهيئة لحساب جهات حكومية وبعيدا عن نظم البث والقوانين المرعية في هذا الاتجاه.

وكانت هيئةالاتصالات و الإعلام العراقية بدأت في تطبيق لائحة جديدة صادرة قبيل الانتخابات العامة الاخيرة في آذار (مارس) عام 2010 بحجة إسكات المنافذ الإعلامية التي تشجع على العنف الطائفي. ولاحظ الخبراء الدوليون ان اللائحة المذكورة تعاني من عدة ثغرات أدت إلى التضييق على حريات المنافذ الإعلامية العراقية. كما تنص اللائحة على أن جميع منافذ البث الإعلامي والصحافيين التماس التصريح من الهيئة قبل العمل في العراق لكن لا توفر معلومات كافية عن المعايير التي تلجأ إليها الحكومة أثناء منح التصاريح حيث تمنح اللائحة الهيئة سلطة إغلاق أو تجميد أو تغريم أو مصادرة المعدات على المخالفات الصغيرة التي تُرتكب للمرة الأولى لشروط الترخيص بالعمل.

واشار المرصد الى انه قد سقط أحد المنافذ الإعلامية بالفعل ضحية للائحة ففي 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 أمرت الهيئة بإغلاق مكاتب بغداد والبصرة الخاصة بقناة البغدادية، طبقاً لعاملين بالقناة قابلتهم لجنة حماية الصحفيين الدولية. جاء القرار بعد يوم من بث هذه القناة، ومقرها القاهرة، لطلبات من مسلحين هاجموا كنيسة عراقية، وهو الهجوم الذي أسفر عن 44 وفاة في صفوف المصلين وقسّين اثنين. وصدر بيان عن الهيئة بعد الإغلاق يتهم القناة بأنها بوق دعائي للمسلحين الذين ترقى طلباتهم إلىquot;التحريض على العنفquot;. وقالت الهيئة إن تغطية القناة لم تكن موضوعية وعرقلت العمليات العسكرية الخاصة بإنقاذ الرهائن.

كما فرضت هيئة الإتصالات والإعلام المختصة بتنظيم البث وتراخيصه في العراق، مبالغ مالية كبيرة، كأجور لإستخدام الطيف الترددي، إستهدفت المؤسسات الإعلامية، المستخدمة لذلك الطيف، والمتمثلة بالإذاعات و التلفزيونات المحلية. وتراوحت المبالغ المالية المفروضة في حدها الأعلى، بين مليار و 600 مليون دينارعراقي أي ما يعادل المليون و نصف دولار أمريكيفرض على قناة الفرات الفضائية التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي، فيما كان المبلغ الأقل هو 180 ألف دولار تم فرضه كأجور إستخدام للترددات على إذاعة ديموزي. وتفاوتت تلك الأجور من مؤسسة الى أخرى و بأثر رجعي، لكنها شملت جميع وسائل البث بالعراق، خلافاً للدستور العراقي، واُبلغت المؤسسات الاعلامية بقرار الهيئة بأوقات متفاوتة من هذا العام.
وقد ابرمت المؤسسات الاعلامية وثيقة عهد على توحيد موقفها من تلك القرارات ومواجهتها كونها تهدف الى اغلاق المنابر الاعلامية الممثلة، لمؤسسات مجتمعية ومدنية، لا تحمل الطابع التجاري.

وهيئة الاتصالات و الاعلام تأسست عام 2004 من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة وتعمل وفقاً للأمر رقم 65 الصادر عن الحاكم المدني الاميركي السابق بول بريمر والذي يعد قانوناً لها.
وكانت هيئة الاتصالات والاعلام قد طلبت من السلطات العسكرية في بغداد أغلاق قناة البغدادية الفضائية في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي بحجة quot;اخلال القناة بقواعد ونظم البث الاعلامي وخرق النظام العام وتهديدهquot;، دون ان توضح الهيئة الاخفاق المهني أو تفاصيل الخطأ الذي ارتكبته القناة وفقاً لتحليل المضمون و المعايير المهنية. ورافق القوات الامنية و العسكرية ممثل عن هيئة الاتصالات و الاعلام الذي قام بدوره بأيقاف البث الفضائي عندما كانت القناة تبث برنامجاً عن حرية الاعلام و تستضيف به عددا من الاعلاميين.

واوضح مرصد الحريات الصحافية انه برغم ان اثارة قرار اغلاق القناة لحفيظة العديد من النواب في البرلمان وتشكيل مجلس النواب العراقي لجنة لتقصي الحقائق، والتصويت على تشكيل اللجنة من قبل 109 نائبا من أصل 200 حضروا خلال جلسة البرلمان التي عقدت في الثالث والعشرين من كانون الأول الماضي. الا ان السلطات الامنية وهيئة الاعلام والاتصالات العراقية مازالت متمسكة بقرارها ومازالت قناة مكاتب قناة البغدادية مغلقة في جو تستمر فيه التجاوزات على حرية البث والتعبير في العراق,