علمت quot;إيلافquot; أن تحرّكًا سعوديًّا يجري حاليًا لاستعادة عناصر من أفراد القاعدة بعد أن أتمت أميركا عملية اغتيال زعيم التنظيم أسامة بن لادن، في وقت ينتظر فيهأن تكشف عملية الاعتقال والوثائق الاستخبارية عن ماهية الدور الإيراني في عمليات دعم القاعدة واحتضان قيادتها.


في انتظار ما ستكشفه عملية اغتيال بن لادن من وثائق ومعلومات، تقول الأخبار ان السعودية سترسل طائىة الى باكستان لتسلم عائلة بن لادن

الرياض: من المنتظر أن تكشف عملية اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على يد فرقة كوماندوس أميركية الكثير من الملفات التي بقيت حتى وقت مقتله عصية على تحليل أجهزة المخابرات في غير مكان من العالم، وخصوصًا أميركا والسعودية وإيران وبالطبع باكستان، فما هو الدور المقبل، وعلى من سيتكشف غبار العملية الخاصة التي هزت العالم؟

في السعودية تقول الأخبار التي حصلت عليها quot;إيلافquot; أن طائرة عسكرية خاصة ستتوجه إلى باكستان لجلب على ما تبقى من عائلة بن لادن، وهذا الأمر له مناحٍ كثيرة وعلى أكثر من مستوى.

الأمر الأهم في ذلك هو على المستوى الداخلي السعودي، حيث سيسهم نقل العائلة وقليل من الأنصار إلى السعودية في الحصول على المزيد من المعلومات والوثائق عن الخلايا النائمة والمستريحة في داخل وخارج المملكة، وأيضًا المساعدة في توفير الأدلة ضد المعتقلين المشتبه فيهم لدى السلطات السعودية ومن يخضعون حاليًا للتحقيقات في سجون المملكة.

أما على مستوى الخارج فإن الحصول على وثائق quot;مابعد بن لادنquot; أمر قد يكشف دور جمهورية إيران في حراك القاعدة ومدى تقديم الدعم والمساندة أو غض الطرف عنها في أقل الأحوال، ذلك لأن إيران كانت متهمة دائماً بتقديم الدعم اللوجستي للتنظيم، ولازالت حتى اللحظة تحتفظ بالعديد من أنصار بن لادن وبعضهم قيادات كبرى.

ورغم تحفظ المملكة سابقاً على تسلم جزء من عائلة بن لادن، إلا أن مسؤولاً أمنيًا سعوديًّا رفيعًا قال لـquot;إيلافquot; إن السعودية لها تجربة سابقة حينما استقبلت عبدالله نجل بن لادن وقسم من عائلته الكبيرة والمترامية في غير بلد في العالم.

وهذا التعاون السعودي الباكستاني على الرغم من أنه يأتي وفقًا للاتفاقيات العسكرية والاستراتيجية بين البلدين منذ سنوات طويلة، إلا أن ذلك لا يعني أن العلاقة الاستخباراتية في أحسن صورها بينهما، ذلك لأن السعوديين غير راضين عن إخفاء الباكستانيين بعض المعلومات المتعلقة ببن لادن عن الرياض، وكذلك الأمر نفسه فعلته إسلام أباد مع واشنطن، وهو ما حدا بالأخيرة إلى أن تتصرف بانفراد في عملية اغتيال زعيم القاعدة.

وبحسب المسؤول الأمني السعودي أيضًا فإن الاتفاقيات السعودية الباكستانية كانت تتيح للمملكة أن تعتقل بن لادن، وكاد التخطيط السعودي أن يسفر عن هدفه وكان قريباً جداً لولا ما أسماه بـ quot;الجاسوس القطاعيquot; أو ما يعرف عسكريا بالعميل المزدوج.

وهو الأمر الذي أخر كثيراً اعتقاله وجلبه للسعودية باعتباره رأس الحربة الأولى التي دعمت العمل المسلح على الأراضي السعودية والعالم منذ تفجيرات العليا في العاصمة الرياض العام 1995.

وعلى المستوى الولايات المتحدة وهي الحليف الأقوى في مكافحة الإرهاب بالنسبة للسعودية، فإن التنسيق في مرحلة quot;مابعد بن لادنquot; ستحمل الكثير من الأرقام والبيانات المتبادلة، وخصوصا الكنز المعرفي الذي تحصل عليه الأميركيون في منزل بن لادن بعد
اغتياله، إذ من المنتظر أن تجري البيانات والمعلومات بتدفق وتكامل بين الطرفين لمحاولة القضاء على كل الفلول الممكنة وطرق التمويل وكيفية إدارة العمليات في التنظيم المفجوع.

وبعد أن طوي الفصل الأخير في حياة بن لادن بعد 54 عاماً قضى أكثر من نصفها مقاتلاً، فالمشهد التاريخي لرحلته عنوانه التدرج خلال حياته من يتيم الأب مبكراً إلى طالب جيد ثم مدير مشاريع نبيه إلى مقاتل شريف حتى وصل إلى المطلوب الإرهابي
الأول على لائحة دول العالم، وأيضاً التنوع في عائلته، فهو سعودي من أصل يمني وأمه سورية وتزوج من جنسيات أخرى، وهو إضافة لذلك ابن رجل مزواج، حيث يبلغ عدد أفراد أسرته أكثر من 50 وترتيبه السابع عشر بينهم،

ويمكن تلخيص شرائح المشهد البطيء بالقول إن المرحلة الأولى عمليًا كانت في شاب متعاطف مع المسلمين بسبب غزو الشيوعيين السوفيت لأراضي الأفغان في نهاية السبعينات الميلادية، يذهب بجزء من ثروته وتبرعات عينية ليساعد الأفغان في طرد المحتلين.

وتبرز ملامح الشريحة الثانية من المشهد أن ذلك الشاب بدأ كره الشيوعيين يتغلغل في أعماقه أكثر من أي شيء آخر، انخرط في القتال على الرغم من تحذيرات أبيه الروحي الفلسطيني عبدالله عزام، وعلى الرغم من رجاء والدته أن لا يفعل.

أما الشريحة الثالثة فهي الأكثر إثارة، وهي أن بن لادن بدأ عملياً في تلقي الدعم الأميركي وبدأ الإشراف بنفسه على تجنيد الشباب العرب وبخاصة السعوديين واليمنيين، ومن هناك انطلق لإنشاء مضافات للمقاتلين ومعسكرات التدريب وقيادة quot;التحريضquot; في عواصم البلاد العربية وبخاصة السعودية رفقة عبدالله عزام.

الشريحة الثالثة تظهر انتصار بن لادن واحتفاله وأنصاره بعد معركة quot;باغرامquot; التي كانت القشة الأخيرة في ظهر الدب السوفييتي، وعودته للملكة بعد ذلك منتشياً بما حققه العرب والمسلمون في أراضي البشتون والأوزبك والطاجيك.

الشريحة الرابعة تبدو ملامح التغير الكبير فيها أكثر من أي شيء آخر بعد أن بدأ في الانقلاب على وطنه المملكة، بعد أن رفضت السلطات السعودية طلبه بأن يتولى هو والمقاتلون العرب حماية المملكة من تهديدات العراق بعد غزو الكويت العام 1990.
وتشمل تفاصيل الشريحة هذه خطابات وبيانات منها ماهو للحكومة السعودية ومنها ما هو لرجال الدين وخصوصًا الراحلين عبدالعزيز بن باز ومحمد العثيمين.

أما الشريحة الخامسة فهي بعد منعه من السفر للاعتبارات السابقة، حيث احتال للخروج من المملكة وقد حصل على ذلك بالفعل حينما سُمح له بالمغادرة بسبب تعذره بارتباطات مالية خارجية ومصالح يريد إنهاءها، إلا أنها كانت المغادرة الأخيرة لأراضي السعودية، واتجه إلى افغانستان في الوقت نفسه الذي انهار فيه النظام الشيوعي وبدأت الفصائل الأفغانية بالتقاتل فيما بينها، فأعلن الحياد بين الفصائل واتجه إلى السودان، وفي هذه الشريحة كان الفصل الأخير في علاقته مع والدته حينما قابلته خارج المملكة مرتين لثنيه عن مايريد عمله، إلا أنه أصر وانقطع عن والدته منذ منتصف التسعينيات.

الشريحة السادسة صورة بانورامية لبدء العمل المسلح بتحالف مع جماعة الجهاد المصرية تحت شعار أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وتأسيس الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين العام 1998، وخلافه بسببها مع الملا عمر زعيم حركة طالبان التي حكمت أفغانستان، إلا أنه واصل وعيده وبدأت سلسلة الاعتداءات في غير مكان في العالم ضد أهداف أميركية كان أبرزها وأعنفها أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 الشهيرة.

الشريحة السابعة شهدت تحولاً دراماتيكيا قوياً في نهج القاعدة حيث بدأت فعليا منذ مايو 2003 باستهداف السعودية، وتكبدت المملكة الكثير من القتلى والجرحى وملايين الدولارات لسحق فلول القاعدة في مختلف المناطق، وتزامن ذلك مع سلسلة تفجيرات واغتيالات للأجانب والعسكريين السعوديين.

أما الشريحة الثامنة فهي في بداية انهيار التنظيم بعد الاعتداءات على المملكة وقتل الكثير من قادتها، رغم محاولاتهم عمل كل شيء بمافي ذلك استهداف موارد البلاد الاقتصادية وخصوصًا منشآت النفط، وتحول بعد ذلك العمل إلى شتات وخصوصًا في اليمن مع سرايا صغيرة وعلى فترات متباعدة تحاول العمل والتسلل إلى المملكة، ولكنها تفشل دائمًا على أيدي الأمن السعودي على الرغم من أن أخطرها كان محاولة اغتيال مسؤول أمني كبير وهو الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية العام 2009.

والشريحة التاسعة كان الأبرز فيها فهو المطاردة الاستخباراتية بتركيز أكبر، وتكاثر المستسلمين من عناصر التنظيم وخصوصًا في صفوف القيادات، وهو ما أفشل عدة عمليات كانت القاعدة تنوي العمل بها مثل طائرة حاول عمر الفاروق النيجيري تفجيرها في ديترويت الأميركية قادمة من أمستردام الهولندية، ومثل ذلك حينما اكتشفت الاستخبارات السعودية عاصفة الطرود المفخخة التي كادت تعصف بعديد الدول.

أما الشريحة الأخيرة فهي الخاتمة، من أراد طردهم من جزيرة العرب ودفع تحت هذا الشعار الكثير من دماء أتباعه،قتلوه في باكستان وألقوه في بحر العرب.