يرى صناع القرار السياسي في فلسطين أن معالجة أزمة رواتب الموظفين في القطاع العام الناجمة عن حجز إسرائيل المستحقات المالية للفلسطينيين، تتم على اعتبارها قضية سياسية.


رام الله: يرى صناع القرار السياسي في فلسطين أن معالجة أزمة رواتب الموظفين في القطاع العام تتم على اعتبارها قضية سياسية ناجمة عن تنكر إسرائيل للاتفاقيات مع الفلسطينيين وخوضها على هذا الأساس.

وتواجه الحكومة مشاكل في تأمين فاتورة الرواتب التي تصل إلى 150 مليون دولار شهريا؛ بسبب حجز إسرائيل لمستحقاتها المالية قبل أسبوعين، احتجاجا على توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة.

ووصلت هذه المطالبات لإعادة النظر بكل اتفاقيات المرحلة الانتقالية.

ويقول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث 'هذه معركة سياسية نخوضها مع كل العالم في مواجهة حجز إسرائيل لمستحقاتنا المالية، ولا يجوز تحويلها لقضية داخلية'.

ويضيف 'يجب خوض هذه المعركة باعتبارها معركة سياسية لا معركة رواتب، وتحقيق نتائج إيجابية فيها، لأن استخدام هذه الأموال من قبل إسرائيل في مواجهة الوحدة الوطنية، يعني استخدامها في مواجهة قضية اللاجئين والقدس'.

ويعتقد شعث أن الجانب الفلسطيني 'سيكسب هذه المعركة حتى لو تأخرت النتائج، وستستجيب إسرائيل قريبا لإرادة المجتمع الدولي، وهناك وعود أوروبية وأميركية أن هذه القضية لن تدوم'.

ويضيف 'سنستمر في خوضها، ويجب أن يكون هناك أولوية للبعد الشعبي لخوض هذه المعركة لمحاصرة إسرائيل'.

ويتابع 'حتى نتمكن من خوض هذه المعركة بقوة، يجب أن يكون هناك دعما عربيا جاهزا لمواجهة مثل هذه المواقف، لكن حتى اللحظة لم يحدث هذا الأمر، وإن كان حدث في الماضي'، مذكرا بتبرع الملك عبد الله بحوالي مليار دولار في انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، ويقول 'سيكون هناك دعم عربي'.

وعن إمكانيات الذهاب لمجلس الأمن واعتباره نموذجا لما سيكون عليه الحال في أيلول، يقول شعث 'ممكن، لكن طالما لم نصل لمرحلة حصار إسرائيل على المستوى الدولي باعتبارها دولة فصل عنصري، ويتم التعامل معها دوليا على هذا الأساس، سنظل مضطرين للجوء للضغط الدولي، ونحن مستمرون في هذه المعركة الآن وفي المستقبل'.

ويدعو شعث الحكومة إلى أن تكون جاهزة لمثل هذه المواقف، ويقول 'علينا ألا ننتظر حتى تجميع الأموال، وأن نتعامل مع ما نجمعه مع وجود احتياطي معين، وتغيير أولويات الصرف وقت الأزمات، بمعنى وقف بعض المشاريع وعدم الصرف على بعض القضايا'.

ويعتقد رئيس الوزراء سلام فياض أنه يمكن التفكير باللجوء لمجلس الأمن في هذه القضية، كما قال خلال لقائه مع الكتاب والصحفيين الفلسطينيين يوم الأربعاء الماضي.

وربط فكرة الذهاب لمجلس الأمن بمعرفة مستوى وقدرة المجتمع الدولي للضغط في استحقاق أيلول سبتمبر، وقال في اللقاء 'إن لم يتمكن المجتمع الدولي بكامل قوامه وقواه المؤثرة من التدخل بفاعلية، لوقف هذه المخالفة الواضحة والصريحة للاتفاقية التي تحكم العلاقة الاقتصادية والتجارية بين فلسطين وإسرائيل، فما الذي يمكن لنا أن نتوقعه، ونحن نحتاج إلى التدخل الدولي لما هو أهم بكثير، والمتمثل بالتحرك السريع والفوري والتدخل المباشر لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، والعيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة على كامل حدود العام 1967'.

ويطالب عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم 'أبو ليلى' بتصعيد الرد الفلسطيني بتعليق اتفاق 'باريس' الاقتصادي.

ويقول 'البند المتعلق بجباية الضرائب هو جزء من اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين إسرائيل والسلطة، وإخلال إسرائيل بهذا البند يجعل السلطة قادرة بقرار سياسي أن تعلق هذا الاتفاق كاملا، بما في ذلك استيراد البضائع الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية'.

ويرى أن قرار التعليق سيخلق أزمة على مستوى الرأي العام الإسرائيلي 'لأن قيمة البضائع الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية تتجاوز الأربع مليارات دولار، وتشكل السوق الفلسطينية ثاني لتصدير البضائع الإسرائيلية ولا تستطيع إسرائيل تحمل تبعات مثل هذا الموقف'.

ويضيف 'مثل هذا القرار سيضع العالم أمام مسؤولياته، ولا يمكن أن يستمر الوضع الذي تتنكر فيه إسرائيل لالتزاماتها، ويتوقع منا أن نلتزم بالكامل بالاتفاقيات الموقعة بيننا وبينهم'.

ويعتقد عبد الكريم أن التعليق يشكل مدخلا لخلق أزمة تستدعي تدخلا دوليا فاعلا، ويقول 'استمرار المناشدة يضع الفعالية لمواجهة هذا القرار في أدنى مستوياتها مثلما يجري خلال الفترة الأخيرة'.

ولا يتفق وزير الاقتصاد الوطني حسن أبو لبدة مع فكرة تعليق اتفاق 'باريس' الاقتصادي لوحده، لكنه يعتقد أنه آن الأوان لمراجعة العلاقة بين السلطة الوطنية وإسرائيل، ويقول 'مصير المرحلة الانتقالية بحاجة لمراجعة ووقفة جادة، خاصة وأن إسرائيل تنتهك الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقة ولا تقف فقط عند الاقتصاد، بل تمتد لتشمل المجتمع الفلسطيني والسلطة ومنظمة التحرير'.

ويعتقد أبو لبدة أن الأزمة مع إسرائيل 'أكبر من الرواتب، فالأزمة أزمة تنصل إسرائيل من الاتفاقيات وممارستها لكافة أشكال العدوان على مقدراتنا، وهي غير ملتزمة باتفاقيات أوسلو ومن ضمنها باريس الاقتصادي ومرجعيات عملية السلام، وتحتاج لرد أشمل منا'.

وعن فكرة إعادة جدولة الأولويات للتغلب على مشكلة الرواتب، قال 'الأولويات لا تأتي كرد فعل على حجز أموالنا والتي تشكل ثلثي فاتورة الرواتب، نحن نحتاج لمراجعة شاملة لكيفية قيام السلطة الوطنية بإدارة مقدراتها، بما في ذلك العمل على تخفيض فاتورتها الشهرية، والتي لا يحتملها الاقتصاد الفلسطيني، وتخفيف الاعتماد على الدول المانحة'.

ويؤكد أن اللجوء لمجلس الأمن يجب ألا يخص فقط حجز المستحقات المالية للفلسطينيين، بل يتطرق أيضا إلى تنكر إسرائيل للاتفاقيات المختلفة وتهديدها لعملية السلام والاستمرار في الاستيطان وخنق الاقتصاد الفلسطيني.